الضمان الاجتماعي .. شيخوخة مبكرة

mainThumb

15-05-2013 02:06 PM

مؤسسة الضمان الاجتماعي يقع على عاتقها عبء كبير ويزداد عاماً بعد عام مما يتطلب تضافر الجهود أفراداً ومؤسسات لحماية أموال المواطنين وصون كرامتهم في شيخوختهم، وعلى مجلس النواب مسؤولية كبيرة وتاريخية وخاصة في الجانب التشريعي لحماية المؤسسة من تغوّل بعض الجهات والأطراف وخاصة الحكومة وتوجهاتها الاقتصادية التي أثبتت فشلها، وبالتالي حمايتها من استثمارات خاسرة ومتعثرة لإرضاء بعض الأهواء أو التغطية على خطأ بعض القرارات الاقتصادية ومنها الخصخصة، مما يتطلب الذهاب بإيجاد تشريعات للحفاظ على الأموال وتأمين استقلالية هذه المؤسسة وإلحاق مسؤولية متابعتها ومراقبتها إلى مجلس النواب إضافة إلى المؤسسات الرقابية الأخرى.

قانون الضمان الاجتماعي الحالي هو قانون مؤقت، نُشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 1/4/2010م، وتم العمل به كقانون مؤقت منذُ ذلك التاريخ رغم استيطان ثلاث مجالس نيابية تحت القبة خلال فترة الثلاث سنوات الماضية، مما يجعله غير دستوري في ظل التعديلات الدستورية التي تمت في نهاية شهر أيلول 2011م، فكيف لا يترفع من مؤقت إلى دائم؟!!، والملاحظ أن مؤسسة الضمان الاجتماعي والحكومة تقومان بالاستخفاف بعقول المواطنين وإدخالهم في حالة من الرعب والخوف على مستقبل مدخراتهم بعدم قدرة المؤسسة الإيفاء بواجبها تجاه المشتركين وتقديم الرواتب التقاعدية في حلول عام 2027م، وذلك لترويج التعديلات التي تمت على القانون القديم والتي مست حقوق الكثير من المشتركين وبالتالي أصبح العنوان : عليكم القبول بما نريد ونخطط لكم رغم التعدي على الحقوق المكتسبة أو الصورة القاتمة والمرعبة بعدم وجود رواتب تقاعدية بعد عام 2027م.

مؤسسة الضمان الاجتماعي تمارس الاستثمار لتنمية أموال المشتركين للمحافظة على قدرتها في تأمين المدفوعات الحالية والمستقبلية بحيث تحافظ على حالة مستمرة من التوازن بين هذه المدفوعات وبين رأس المال وأرباحه (الموجودات)، ولكن ما يُثير المخاوف حقيقيةً هو التصريحات غير المسؤولة حول مستقبل هذه المؤسسة من عدم مقدرتها على الإيفاء بالتزاماتها تجاه المشتركين حيث أن المدفوعات ستكون بحجم أكبر من قدرتها المالية على ذلك مما يؤدي إلى استنزاف رأس المال ومن ثم التوقف الكامل، إن ذلك يدلّل على وجود خلل في الإدارات وعملها خلال العقد الماضي والذي رافق عقد الخصخصة وبيع مقدرات الوطن، مما أدى إلى تعثـُّر استثمارات كبيرة تجاوزت ألـ 3 مليارات دينار والتي أصبحت قيمتها السوقية حالياً أقل من مليار دينار، كانت نتيجة حتمية لغياب الحس بالمسؤولية وغياب الانتماء الحقيقي للوطن، والذي عنوانه الرئيس الحفاظ على حقوق المواطنين وصون كرامتهم، إضافة إلى غياب التشريعات اللازمة في المحافظة على الحقوق، وغياب المساءلة القانونية لمن تبوأ مواقع المسؤولية، وممارسة نهج المحسوبية والواسطة في إشغال الوظائف وخاصة الإدارات العليا.

يوجد في مؤسسة الضمان الاجتماعي إدارات متخصصة في إعداد الدراسات واتخاذ القرارات باتجاه استثمار الأموال وتنميتها بحيث تتقاضى رواتب عالية جداً ومكافآت وغيرها من مسميات النهب، هذه الإدارات هي المسؤولة عما وصلت إليه المؤسسة وما لحقها من أضرار مالية، فأين ذهبت الدراسات والتي كلفت أموالا باهظة من أموال المشتركين؟!! فمن يقبض الثمن العالي عليه تحمل المسؤولية.

يوجد من حيث المبدأ في القانون المؤقت، خلل جوهري، بأنه طُبق على كل المشتركين قبل وبعد صدور القانون باستثناء من أتم شروط التقاعد كاملة قبل تاريخ 31/12/2010م، بينما الأصل أن يُطبق القانون على المشتركين الجُدد بعد صدروه، ويستثنى منه المشتركون القدامى، حيث قاموا بالاشتراك على أساس القانون القديم وامتيازاته، فالعقد شريعة المتعاقدين، فتم التعدي على هذا العقد ونال من حقوق المشتركين القُدامى لمعالجة أخطاء من تبوأ المسؤولية في هذه المؤسسة، أو التشوهات في القانون القديم والتي استفاد منها الكثير من المسؤولين سواء في القطاع العام أو الخاص فلا يجوز أن يتم معالجتها على حساب حقوق ومكتسبات المشتركين القُدامى، أما الإدّعاء بأن التقاعد المُبكر هو استثناء في القانون وتحميله مسؤولية الخلل المالي في مؤسسة الضمان مبالغ فيه، وليس للمشتركين وحقوقهم المالية أدنى مسؤولية ولا يجوز تحميلهم وزر ذلك، والأصل البحث عن السبب الحقيقي لهذا الخلل والناجم عن إدارات فاشلة وقرارات خاطئة وغياب تشريعات تحقق الأمان والمساءلة.

وفي النهاية لا بُد من إيجاد التشريعات اللازمة بحيث تصبح هذه المؤسسة تابعة إلى مجلس النواب وليس للحكومة، خاصة وأن جميع أموال هذه المؤسسة هي من أموال المشتركين فقط وليس للحكومة أي مساهمة فيها، وبالتالي منع التغول الذي نشاهده من الحكومة على أموالها وممارسة المحسوبية والواسطة في تعيين الإدارات، ووضع آلية لاحتساب رواتبهم تعتمد في مضمونها على ما يتم تحقيقه من أرباح وتنمية الأموال، وبالتالي تحقيق أكبر قدر من الأمان للمستقبل، وتحقيق عدالة المتعاقدين.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد