انفصال يُرْسَم على المرايا

mainThumb

28-05-2013 04:23 PM

تتعدّد وجهات النظر حول الطلاق وتختلف الأسماء بين خلع، وفسخ، وانفصال... مسمّيات عديدة لشي واحد..  تمضي أعمارنا بتسارع عجيب؛ نواكب أعظم عظائم التكنولوجيا بالاندثار.. فأصبحنا نملّ من الشريك ونحتاج لتغيره كأية سلعه نبدلها.. ونحتاج لتجديد محمولنا الزوجي من فترة إلى خرى أو تحديثه على الأقل.

وأصبح الزواج عند بعض النساء والرجال مُسَوَّدة تُحَمل بالجيب الخلفي نضع فيها أشارات صغيرة بجانب الأسماء.. ولم نعد نكترث للبقاء بظل رجل، ولم نعد نحتمي بقلوب النساء.. وبانزعاجنا من شركائنا يكفي انفصالنا عنهم بجملة (أخاف ألّا أقيم حدود الله).

في مناشر المحاكم الشرعية بلغ عدد قضايا المخالعة 11 ألف قضية (احصائية 2013)، ويحتل الاردن المرتبة الثانية في قضايا الطلاق على مستوى الوطن العربي ، نِسَب لا بأس بها تنمّ عن واقع متأثر بثقافة الإعلام... نقف أمام انعكاس أضواء (هوليود)، ونتأثر ببريق بحيرة فيكتوريا، ونتصنّع جمال برج بيزا، ونتعطّر بعطور باريس.. ونطبع أنفسنا بثقافات رخيصة، ونتأثر بصناعات تلفزيونية تُجمٍّلها الأضواء...وننساق بضجة إعلام البيت الأبيض، ونحتمي باتفاقية  (سيداو) مناصرة النساء، واتفاقية حماية المرأة، ومنظمة حماية الأسرة وننسى ان الزواج صورة من صور اعمارة الارض قال تعالى: )وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ(

إن السبب وراء زيادة أعداد القضايا المشرعة للانفصال يرجع إلى فقدان الوعي واختلاط الملل كاختلاط الشعير بالقمح، يعود للتأثر بالمسلسلات التركية واستثارة العواطف الشبه حية، ولخلو المجتمع الشرقي من معاني الغزل العذري، وللظنون التي تسود الفكر الحديث بأن تقليد ما يشاهد على الشاشة الصغيرة من افلام ومسلسلات صورة مُعبِّرة يجب أن ترسم على المرايا..

والخبرة القليلة عند بعض الفتيات تجعلها تظن ان الانفصال عن الشريك تقبع للقصور المقنطرة وانها سصعد  بها إلى السحاب، وستجد أميراً يكتسي بزة تتلألأ بالجواهر، وستصبح عزيزتي سندريلا ببدلة بيضاء، وستتخلص من الألم والإرهاق والعناء، وستعيش برغد مدى الحياة..

اما الرجل العربي الذي يتغزل بخلخال النساء، ويدفن ببسمة غير مقصودة ويقبع للفضاء، فإن الطلاق عنده يفريج الهموم، إذ ينفتح  للحياة ويجرب جميع أنواع النساء، وسيبحث عن أنثى لم يُخلَق لها مثيل؛ حسناء مُدلَّلة تتحدث كـ (اللبنانيات) وتتجمل كـ (المغربيات) وليس فيها خلق من أخلاق العربيات..

هذه ثقافة المحكمة الشرعية في المجتمعات العربية.. تواكب التحضر الثقافي، و تعاصر مناصرة الرجال والنساء.. وتكترث لِما طبعهُ الأعلام بعقول البشر.. وتنتهل بالرجال والنساء كمحشر جثث..



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد