الأزمة السورية ، لا زالت النار هادئة

mainThumb

31-08-2013 01:02 PM

الأزمة السورية قد طالت كثيراً ، وكان ذلك بحكم الضرورة بأن يتم إبقاؤها مشتعلة بنيرانها وانقساماتها ، وتضارب المصالح ، وتغيير مستمر للاعبين الداخليين أو من هم في الإقليم ، ولكن تحت قيادة الكبار القوى الدولية بزعامة أمريكا وروسيا ، فقبل التوصل إلى أي حل لهذا الملف الذي أصبح معقداً للعرب فقط ، كان لا بُدّ من معالجة ملفات ما نتج عن الربيع العربي وخاصة في مصر بالإنقلاب على مكتسبات الربيع العربي وبزوغ أول ديمقراطية حقيقية بإختيار الرئيس بطريقة مدنية وبإرادة شعبية.


الغوطة هي ساعة الصفر لبدء الحل المتسارع للملف السوري ورغم الإعلان عن نية القوى الدولية الغربية من توجيه ضربة لنظام بشار الأسد كتأديب له على فعلته _كما يدّعون_ من استخدامه للكيماوي ما هي إلا مناورات سياسية وإرهاب لكل الأطراف المرتبطة بالملف السوري وخاصة اللاعبين الداخليين والإقليميين ، وبالتالي إخراجهم من دائرة التأثير على أي سيناريو يرسمونه أو قد رسموه للخروج من الأزمة السورية بتوافق على حدّه الأدنى بين الأمريكان والروس بما لا يؤثر على ما هو الأهم أمن الكيان الصهيوني ومن ثم مصالح الدولتين في المنطقة ودفع مسار التسوية القادمة للقضية الفلسطينية وعودة الروس للإنخراط فيها بشكل فاعل وإعطائها دفعاً دولياً جديداً.


الظروف التي سادت المشهد السوري وتعدد الأطراف المتقاتلة داخلياً بالإضافة إلى النظام كان عاملاً في تأخير الحل السياسي الذي إدعت الأطراف جميعها بأنها تسعى إليه ، حتى تعود هذه الأطراف إلى طاولة المفاوضات بشخصية المهزوم والضعيف الراضخ لمعطيات الحل القادم وشكل الدولة التي ترسمه نوايا ومصالح الآخرين لشعب قد نزف جرحه عشرات الأولوف من الأرواح.


منذُ الإعلان عن نية القوى الغربية بقيادة أمريكا بضرب سورية يقوم الجيش السوري بإعادة الإنتشار لقواته ، مخازن السلاح بأنواعه وصواريخه وحتى جنوده ، حمايةً من الضربة وبعيداً عن الإنتشار الذي كان يتطلبه مواجهة المعارضة المسلحة بمختلف تسمياتها وهذا بحدّ ذاته فعل سيؤدي إلى إضعاف النظام أمام المعارضة حتى وإن تراجعت النوايا عن اتمام الضربة وبالتالي الكشف عن مكامن القوة والضعف ليتحول الجيش النظامي من حالة هجوم المتفوق على قطاعات المعارضة إلى حالة الإختباء والإحتماء وفي أماكن معلومة في معظمها بعيدة عن المعارضة المسلحة وبالتالي إعادة ترتيب نفسها وتعزيز قدراتها التسليحية وتغييب النظام عن أي عملية تزويد كبيرة للجيش الحرّ بالأسلحة المتطورة والمعدات وإعادة كشف لأماكن قوة الجيش النظامي والذي تموضع في أماكن أكثر عمقاً في داخل المدن السورية وتركه للأطراف التي كان في حالة مدّ وجزرّ مع الجيش الحر والجماعات المتشددة فيصبح الظرف أكثر خدمة لها في حصار قوات النظام وأكثر قدرة في إلحاق الهزائم به.


أما إذا تمت الضربة الأمريكية وحلفائها والتي أصبحت محدودة جداً وقصيرة في مدتها ليست أكثر من ضمان تعزيز الغلبة للجيش الحر ومزيداً من السيطرة الجغرافية مقابل انحسار الجيش النظامي ، وتراجع في انتشار الجماعات المتشددة وخاصة تلك التي لها مرجعيات إقليمية ودولية تستجيب لمطالبها وقراراتها وبالتالي فرض واقع جديد يستجيب له النظام من الاستعجال في الذهاب إلى جنيف2 ، وإظهار لون واحد للمعارضة السورية المقابلة للنظام في التفاوض في المراحل القادمة.


ما بين ساعة الصفر الأولى التي أُعلنت ومابين ساعة الصفر القادمة ، كان الكثير من المناورات السياسية ، رافقها توظيف إعلام كبير لتكوين رأي عام عربي ودولي للتخلص من بشار الأسد وضرورة خروجه من المشهد القادم فقد أصبح خارج دائرة الحل ،وما كان من سرعة كبيرة في إطلاق التصريحات عن ضرب سورية إلى التراجع والتروي كانت تكمن الحسابات الأمريكية للضربة ومخططاتها لما بعدها ومنتصرة وقادرة على تكييف النتائج ، وهذا يتطلب دراسة ردود فعل نظام بشار الأسد وبعض مناصريه _حزب الله وإيران_ سواء خلال الحملة الاعلامية المرافقة لفترة اتخاذ قرار الضربة أو بعد الضربة ، وأثر ذلك على أمن الكيان الصهيوني ومصالحهم الحيوية ، الأمريكان وحلفائها يفكرون في كيفية توجيه ردة فعل نظام بشار الأسد إلى خارج هذه الدائرة _دائرة أمن إسرائيل والنفط_ إلى دائرة أخرى تكون باتجاه العناصر التي وظّفتها أمريكا من دول الجوار السوري _الأردن وتركيا والسعودية_ فقط بهذه الطريقة تستطيع أمريكا وحلفائها الخروج من الضربة دون تأثير على مصالحها وبالتالي الخروج بصفة الإنتصار ليقوموا بإعادة الترتيب اللازم للمنطقة بعد اختلاط أوراق أبناء المنطقة في صراعات بينية جديدة ، فتبقى إسرائيل واحة الديمقراطية الآمنة في وحل النزاع والإقتتال والدم ، ويبقى النفط يتدفق ثمناً لسلاح صراعهم ، فيصبح الملف السوري من السهولة تكوين مشهده القادم وتوظيفه بما يخدم مستقبل تطلعاتهم للمنطقة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد