أليكسا تكشف تشوهات بنية النظام

mainThumb

18-12-2013 04:26 PM

الحكومة لا زالت تائهة وهي تبحث عن كبش فداء لتقديمه قرباناً لنيل صمت المواطنين على الرغم من مرور أربعة أيام على إنتهاء العاصفة أليكسا ، فمن ينظر إلى مجريات الأحداث يجد بأن عمل الجهات والأجهزة المعنية للتعامل مع العاصفة بشكل مباشر ومن ثم ما بعد العاصفة قد غابت عنه العقلية الجمعية وبالتالي غياب العمل المؤسسي وافتقادهم للبرامج والخطط الاستراتيجية الموضوعة مسبقاً أو تحسباً لأقسى الظروف وأصعبها ، وهذا يقودنا إلى نتيجتين هما سبب ما نحن فيه من تردي في الخدمات وتدني في الدخل وبالتالي انتقاص الحقوق:

*الحُكم المُطلق الذي لا يسمح للإرادة الشعبية أن تكون في حدودها الدُنيا كشريك في صناعة القرار وذلك من خلال ممارسة الديمقراطية على حقيقتها ضمن قوانين عادلة تحقق للناس التمثيل الحقيقي لإفراز أطراف قادرة على تسلم الإدارة ضمن برامج مدروسة ومعلنة ليحكم عليها الناس بنتائجها، وعليه فإن الحكومة لو كانت نتاج طبيعي لإرادة الشعب أو غالبية الشعب لما تجرأت على التخاذل والتراجع عن تقديم ما هو مطلوب منها وحتماً سيكون مصيرها الانسحاب من المشهد ليتقدم غيرها إلى القيادة كما هي الأعراف الديمقراطية الممارسة لدى الشعوب التي تعيش الديمقراطية على حقيقتها.

*النتيجة الثانية هي أكذوبة "سننثر الرمال ذهباً " كشعار لمرحلة الخصخصة لغالبية القطاع العام الذي يلامس حياة الناس اليومية فتحولت مؤسسات الوطن إلى شركات خاصة ومُلكيات لأطراف لا تبحث إلا عن جمع المال وأي خدمة تقدمها تقبض ثمنها مُسبقاً فأصبحت حاجة الناس مرتبطة بهوامش الربح لدى هؤلاء ، وهذا ما ينطبق على ممارسة شركات الكهرباء خلال الأزمة والذي لا يختلف عن الأيام العادية ، السير في العمل ضمن هوامش الربح.

أما نزول الجيش فكان نتيجة عمل مخطط ومرسوم لإستغلال كل الظروف لإظهار ضعف كل الأوجه المدنية للدولة والمجتمع وبالتالي إبراز الوجه الأمني العسكري لترسيخ فكرة الإدارة الأمنية لمناحي الحياة المدنية وإذابة الفكرة الجمعية التي تكونت لدى المواطن العربي التي تطالب بالدولة المدنية وسيادة القانون العادل التي لا تتأتى إلا من خلال الديمقراطية الحقيقية وعودة السلطات للشعب وممارسة سيادته في دولته وهذه نتيجة حتمية لثورات الربيع العربي فأصبح ما ينتج عن النظام بعد الانقلاب العسكري في مصر هو جزء من المؤامرة على الربيع العربي وإعادة ترسيخ عقلية الحُكم المطلق الذي يتزاوج مع العُرفية والفوقية في صناعة القرار.

الجيش مخصصاته من الموازنة العامة للدولة تصل إلى 30% وهي في حقيقتها أكثر من ذلك بكثير إذا أضفنا لها الشركات التابعة للأجهزة الأمنية وما تديره من أموال وماتمتلكه من أراضي تفوق مساحاتها ما يتوقعه أي فرد وبهذا كان لا بد من إمتلاكها لإمكانيات ومعدات أضعاف أضعاف ما يمتلكه الوجه المدني للمجتمع المتمثل في الأمانة أو البلديات والأشغال العامة ويعلم الجميع بأن غالبية هذه الوجوه المدنية مخصصاتها قليلة من الموازنة العامة تكاد لا تكفي رواتب موظفيها.

ولتجاوز هكذا أزمات أو حتى ممارسة الحياة اليومية الطبيعية للفرد والمجتمع ليس من خلال إخراج مقاطع بطولية وهمية لا تتعدى إمكانيات أبسط المواطنين أو التمنن على المواطن ببعض كراتين لا تسمن ولا تمنح الدفء لمواطنين حاصرتهم الثلوج وتقطعت بهم سبل الحياة الكريمة، مواجهة هكذا أزمات يتطلب إعادة النظر بمخصصات الأوجه المدنية للمجتمع من موازنة الدولة وتخفيض موازنة الجيش في المقابل ليساعد ذلك في تمكينها من إمتلاك الوسائل والأدوات لتقديم الخدمة الفُضلى للمواطن حتى في أقسى الظروف، فماذا لو كانت هذه الآليات التي رأينا ملكاً للبلديات في المحافظات والألوية أو للأشغال العامة؟!! وكيف ستكون نتائج الخدمة المباشرة للمواطن ومرافق الحياة في مناطقهم؟!!

مواطنو المحافظات التي أصبحت مناطق منكوبة بفعل العاصفة الثلجية أليكسا وفي مقدمتها عجلون ليسوا بحاجة إلى كراتين تُلقى لهم من طائرة والتي دلّت على عجز الدولة بعدم قدرتها على مواجهة ظروف استثنائية كانت كل توقعات الأرصاد الجوية باستثناء الأردنية قد حذّرت منها، وقد أظهر هذا الفعل عن عدم وجود خطط واستراتيجيات بمنهجية علمية مدروسة لواقع الحال ، كما أظهرت هذه العاصفة مدى تردي البنية التحتية التي بناها الفساد المستشري في مفاصل أجهزة الدولة فأُغلقت الشوارع لعدة أيام وانقطعت الكهرباء كذلك عن كثير من المناطق وانقطعت السبل في المواطنين من قدرتهم على تأمين وسائل التدفئة وممارستهم لحياتهم بشكل طبيعي دون أن ينتابهم الخوف من القادم ، في عجلون كما هو الحال في مناطق أخرى كان يحتاج المواطن البسيط إلى التمكن من الحصول على التدفئة التي أصبحت ترهقه بأسعارها العالية والتي تجاوزت أسعارها بعض الدول التي تفوقنا في دخل المواطن أضعاف ما لدينا، المواطن يحتاج إلى تيار كهربائي لا ينقطع وهو في أمس الحاجة له، المواطن يحتاج إلى طرق يسلكها بسهولة لا تُغلق لأيام ولا يعلم متى سيتم فتحها، المواطن لا يحتاج إلى كرتونة تُلقي له من طائرة أمام الكاميرات، المواطن يحتاج إلى كرامة مُصانة وتوفير الظروف الملائمة لممارسة المواطنة الحقيقية، المواطن يدفع للدولة الكثير من الضرائب ليتمكن من العيش الكريم ليس مكرمةً وإنما حقوق واجبة على الدولة، أليكسا.. لقد أظهرتي الفساد الذي مُورس على المواطن طيلة عقود كما أظهرت عورات الحُكم المُطلق.

 

البلد يحكمها نظام العقلية الأمنية العسكرية التي تعتمد على البنية العشائرية وتوظيفه لحكومات الجباية لتوزيع المكرمات لضمان الإرتهان لإرادته وتوجهاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية وبالتالي ضمان ديمومته بالشكل الذي يريد بعيداً عن الرغبة الشعبية بإستعادة سلطاته وموارده التي استبيحت منذُ عقود ووضعها ضمن إطار الرغبة الدولية لتحقيق التسوية الشاملة في المنطقة المرتهنة لنظرة دولة الكيان الصهيوني فتصبح دولة صديقة وفاعلة في المنطقة من خلال المشاريع التنموية الإقليمية التي تمس حياة الفرد العربي فيصبح وجوده ومستقبله وأمنه المعيشي مرتبط بأمن وديمومة دولة الكيان الصهيوني.

 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد