محركات الصراع داخل جماعة الإخوان المسلمين

mainThumb

11-01-2014 04:55 PM

(1)    إدارة الربيع الأردني

مقدمة

يبدو أن إدارة الربيع الأردني من قبل المعارضة الاردنية وفشلها في  تحقيق أي مكسب على ارض الواقع ودخول الأردن في نفق الخريف الإصلاحي وتمكن الحرس القديم من زمام الأمور وإعادة تموضعهم مرة أخرى، دفع بمزيد من الحطب تحت نار الخلاف المستعرة داخل الصف الاخواني.

(1)    بين الإصلاح والإسقاط

أ‌-    تاريخ العلاقة

تأسست جماعة الإخوان في الأردن  بذات العام الذي استقلت به  الأردن وتم افتتاح مركزها العام بحضور الملك المؤسس وبقيت العلاقة تحافظ على الدفء لعدة عقود من الزمن وان كانت تأخذ بعض الأحيان صورة المناوشات والاعتقالات الأمنية الخفيفة.

بالأعمال التحضيرية لمعاهدة وادي عربية بين الأردن وإسرائيل عام 1994 وما قبله  توترت العلاقة بين الإخوان والنظام وسارت العلاقة في منحنى تحجيم النظام للحركة الإسلامية من خلال قانون الانتخابات وسن قانون الصوت الواحد وبقيت العلاقة تراوح مكانها في الصراع  بشكل ناعم دون الخروج عن قواعد اللعبة السياسية بين الجهتين .

منعطف جديد في العلاقة بين النظام والإخوان في عام2007 ، مرحلة تغول فيها الحرس القديم على صناعة القرار الأردني فتم  تزوير الانتخابات البلدية، والبرلمانية بشكل  فج  وعلني بطريقة فاقت كل تصور على حد وصف الناطق باسم الجماعة آنذاك الأستاذ جميل أبو بكر وما ترتب على ذلك من حل مجلس الشورى نفسه وقدوم المراقب العام الحالي لقيادة الجماعة.

دخل الربيع الأردني على ذات القواعد التي بقيت تحكم العلاقة بين الإخوان والنظام، وبقي سقف المعارضة للنظام في حد المطالبة بإصلاح النظام  ولكن بشكل اكبر، إصلاحات طالت المطالبة بتقليص سلطات الملك وصلاحياته مطالبات يمكن تلخيصها بملكية دستورية يكون الحكم للشعب والملك يكون ضامن للسلطات الثلاث لا رأسها .

في تشرين الثاني – نوفمبر -  من عام 2012 خرج الشارع الأردني من يد الإخوان وهتفت الجماهير بإسقاط النظام على اثر رفع المحروقات وكأن الإخوان في حيرة من أمرهم فيما إذا كانوا سوف يجارون مطالب الشارع أم أنهم سيبقون على ذات القواعد السابقة التي حكمت العلاقة مع النظام لعقود .

اجتماع سريع عاصف في مجلس الشورى على وقع هتافات نوفمبر، ولأول مرة تطرح فيه  فكرة إلى أين يذهبون فيما يتعلق بهتافات الشارع، السير معه؟ ، آم يبقون على سقف إصلاح النظام المتفق عليه منذ عقود؟ .

جرى التصويت  بعد نقاش طويل وموازنة للأمور وكان القرار بإجماع أعضاء مجلس الشورى المعتدلين والمتشددين دون استثناء بضرورة الإبقاء على سقف إصلاح النظام والابتعاد عن المطالبة بإسقاط النظام، القرار يبدو محكوما بالتناقض الديمغرافي داخل الدولة، وكآبة المشهد السوري، والرغبة المتجذرة للجماعة في المحافظة على مؤسسات الدولة ومصالح البلد العليا والإبقاء على الربيع الأردني دون دماء.

ب- اختلاف الوسائل

هنا تبرز محركات الصراع بين التيار المعتدل والتيار المتشدد داخل الحركة الإسلامية ، في الوقت الذي أكد مجلس الشورى الاخواني على ضرورة استمرار طبيعة العلاقة التاريخية بين النظام والإخوان والإبقاء على سقف  إصلاح النظام  كانت الممارسات على ارض الواقع من التيار المتشدد مختلفة تماما .

التيار المعتدل حدد معالم الإصلاح المطلوب  بإصلاحات دستورية تصل بالبلد إلى مرحلة الملكية الدستورية والمطالبة  بفتح كل قنوات الحوار مع رأس النظام مباشرة وأجهزة الدولة ومراكز صنع القرار للوصول إلى صيغة لربيع أردني يخرج البلد من أزمتها السياسية وبذات الوقت يحافظ عليها من أي أثار سلبية كمضاعف من مضاعفات إسقاط الأنظمة وما يتبع ذلك من فوضى وفراغ .

التيار المتشدد داخل الحركة جنح إلى بعض الممارسات التي تخرج عن طبيعة الطريق الذي أكده مجلس الشورى في التعامل مع النظام والذي أيده ممثليه بالإجماع  تام .

كان الاعتصام المفتوح  24 اذار رسالة سلبية اتجاه النظام  بان  الحركة الإسلامية تذهب وتسعى إلى خيار إسقاط النظام .

الاعتصام المفتوح رسالة سياسية واضحة بأنها خيار إسقاط  الأنظمة لا إصلاحها ، اعتصام تلقى الدعم والمؤازرة والتأييد من التيار المتشدد وقدم له الدعم الفني واللوجستي .

رسالة تلقفها الحرس القديم في النظام ونفخ في  كيرها إلى أن وصل إلى مرحلة التحريض الإعلامي الواضح على استهداف الإخوان  وارتفع صوته مرة أخرى بضرورة حل الجماعة والتعامل معها بصفتها ملف امني.

إلى جانب رسالة الاعتصام المفتوح السلبية الذي قدمها التيار المتشدد داخل الحركة كانت الهتافات الغير منضبطة التي دفع التيار المتشدد بعض الشباب إلى رفعها  وقدم لهم  الدعم والتأييد والتلميع الداخلي  هتافات  طالت رأس النظام مباشرة  فاعتبرها التيار المعتدل وسيلة لا تناسب سياسة إصلاح النظام إطلاقا فكانت محرك من محركات الاختلاف داخلي.

الاختلاف في الوسائل بين التيار المعتدل - الذي يؤمن بالتواجد في الشارع بشكل سلمي ومنظم ومدروس ومحدود ومنضبط وفتح قنوات الحوار مع النظام للعبور إلى مرحلة الأردن الجديد- وبين التيار المتشدد الذي  ساند ودعم ممارسات إسقاط  النظام ، فكان ذلك محرك قوي وكبير من محركات الصراع داخل الحركة الإسلامية .

التيار المعتدل يرى أن  لكل قرار وهدف وسائل وان وسائل إصلاح النظام تختلف عن  وسائل إسقاط النظام وان التواجد  المستمر إلى اللانهاية في  الشارع هو رهان خاسر في  ضوء المعطيات والواقع السياسي المحيط بنا .

بعض المراقبين يرى بان التيار المتشدد هو ملتزم بسقف قرار مجلس الشورى بالمطالبة بإصلاح النظام وان علو  الصوت وارتفاع الوتيرة هو من اجل تحقيق مكاسب  انتخابية داخلية  وان  الموضوع لا يتجاوز أكثر من مزايدات داخلية تجلب حماس الشباب  .

فيما يرى آخرون أن التيار المتشدد  يعني ما يقوم به وانه يريد الوصول إلى الخروج على قرار الإخوان الشوري بإصلاح النظام،أفعال ناتجة عن سطحية السياسية وعدم خبرة حقيقية وعدم قدرة عل قراءة مشهد المنطقة برمته وتقدير الحساسيات الداخلية  ، تدفعه إلى اتخاذ مثل تلك الأفعال على حد وصفهم .

(2)     لا

رواية (لا ) للكاتب المصري مصطفى أمين  ببطلها عبد العال وملكة الإغراء سلوى وهبي هي ما  كان  يحكم  طريقة تفكير المكتب التنفيذي و نائب المراقب العام الحالي على حد وصف البعض، رجل يوصف بأنه يقود مرحلة من اخطر مراحل الأردن السياسي بشكل متفرد في ظل غياب تام للمراقب العام الحالي الدكتور همام سعيد عن المشهد .

مبكرا جاءت لاءات القيادة الحالية للحركة الإسلامية ، لا للمشاركة في لجنة الحوار الوطني لا للمشاركة في  لجنة  تعديل الدستور لا للانخراط في أي عملية سياسية تتناسب ومرحلة الربيع العربي في ظل ظرف النظام في وقتها الذي يسمح لهم بحصد المكتسبات السياسية والإصلاحية  للوطن.

بعد سقوط النظام المصري وتسلم الإخوان السلطة هناك كان النظام الأردني مستعد لتقديم تنازلات مؤلمة له  لصالح المعارضة إلا إن انحياز مكتب الحركة الإسلامية  للتواجد بالشارع وإلغاء  طاولة المفاوضات  رتب خسارة كبيرة  سياسيا للحركة الإسلامية .

حكومة عون الخصاونة كانت فرصة لن تكرر للحركة الإسلامية ،حكومة  قدمت لهم الوزارات وفتح معهم أهم خط من خطوط الإصلاح وهو قانون الانتخابات البرلمانية خط الإصلاح الأول ، الرجل كان يتحدث حينها عن رفع نسبة القائمة الوطنية وجعلها قائمة نسبية مفتوحة وإلغاء  قانون الصوت الواحد  إلى صوتين لكن التعامل بعدم إدراك للحظة التاريخية كشف ظهر الرجل فكان المكتب التنفيذي عونا للحرس القديم داخل النظام في إسقاط الخصاونة وكشف ظهره وإحراجه رسميا .

ذهبت حكومة عون الخصاونة وجاءت حكومة الطراونة منظر الحرس القديم وخصم الحركة الإسلامية التاريخي ، انفتح عليها نائب المراقب العام بوساطة  من رئيس المكتب السياسي  لحركة حماس الأستاذ خالد مشعل عندما زار الملك برفقة أمير قطر الحالي الشيخ تميم ، لكنه الانفتاح تم على الباب الخاطئ  فتم التفاوض مع  مدير المخابرات العامة  الشوبكي  ،فكان للحرس القديم ما أراد  بهذه الهفوة  السياسية ، بان تم تحويل ملف الجماعة مع النظام من ملف سياسي إلى ملف امني ، كما تم بهذا التفاوض الاعتراف بالدور السياسي لجهاز المخابرات العامة وإقرار بأحقيته بهذا الدور وهو ما كانت المكاتب السابقة ترفضه.

في نهاية العام المنصرم جاءت المبادرات السياسية على لسان نائب المراقب العام الحالي بني أرشيد بضرورة إجراء مصالحة وطنية شاملة والقبول بجعل الإصلاح على مجموعة حزم ، مبادرة جاءت خارج  الوقت المطلوب فكانت كمن حج بعد عرفة كما يصف البعض .

النظام رد سريعا على المبادرة بأنه غير معني حاليا بالانفتاح على الحركة الإسلامية  وبدأت  التسريبات تتحدث عن ضغط الحرس القديم من اجل حل جماعة الإخوان في الأردن وضرورة تعاطي الأردن الرسمي مع  طلب مصري المقدم إلى الأمانة العامة للجامعة العربية باعتبار جماعة الإخوان تنظيم إرهابي .

(3)    وقف الانحسار

خسرت الحركة الإسلامية الأردنية كثير في  إدارة المكتب التنفيذي الحالي للربيع الأردني فزاد ذلك من حدة الصراع داخل الحركة الإسلامية مما يفرض ضرورة  تدخل عاجل  لوقف حالة الانهيار السياسي وإنهاء  حيثيات محرك من محركات الصراع داخل جماعة الإخوان في الأردن  ، تدخل عاقل يتمثل بالتالي .

1-    تدخل مجلس الشورى في وقف حركة الاستئصال الداخلي - كما يصفها البعض -  للمحافظة  على كوادر الحركة السياسية والراشدة التي يمكن أن تعبر  بالمرحلة إلى بر الأمان .

2-    إطلاق يد حزب جبهة العمل الإسلامي في إدارة المرحلة  السياسية ورفع أي وصاية لجماعة الإخوان المسلمين عليه وخاصة  انتخاب الأمين العام  في  آذار  القادم من العام الجاري

3-    عمل مجلس الشورى على إعادة تقييم المرحلة السياسية السابقة  وإلغاء  الدائرة السياسية لدى الجماعة  والاعتماد على تقارير ورأي  حزب الجبهة في اتخاذ القرار  السياسي المناسب .

4-    ضرورة العمل على تعديل المكتب التنفيذي الحالي وإدخال عناصر ذات خبرة سياسية محترفة  لوقف التراجع الكبير للحركة الإسلامية سياسيا.

5-    اتخاذ مجلس الشورى قرار سريع وناجز في وقف كل أشكال استفزاز النظام، استفزازات يستخدمها الحرس القديم في تأليب النظام على الحركة الإسلامية .

6-     الذهاب إلى طاولة التفاوض مجددا من خلال وجوه مقبولة سياسيا للتفاهم على خارطة طريق سياسية مرحلية تكون مقبولة للجميع، مع تكثيف الوجود العاقل في الشارع  لتكتمل دورة العمل السياسي الراشد



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد