عقدة عون

mainThumb

29-01-2014 06:26 PM

في عودة بالذاكرة الى الوراء، ومقارنة ما كان، بما هو كائن حالياً، وتالياً بما يمكن أن يكون، يتأكّد لنا قصر نظر بعض الأطراف السياسيين بإقدامهم آنذاك على الاستقالة من حكومة الرئيس سعد الحريري لإسقاطها، لأن تلك الاستقالة كانت في الواقع استقالة من اتفاق الدوحة وانقلاباً عليه. إلى هذا الخطأ المقصود ارتكبت قوى الثامن من آذار خطيئة أخرى، بتأليف حكومة اللون الواحد. والسؤال المطروح، أو الواجب طرحه من جانب هذه القوى هو: ماذا كانت النتيجة والجدوى من تراكم أخطائهم وخطاياهم؟ خصوصاً أننا اليوم عدنا إلى نقطة الصفر واصبحوا يحاولون العودة بحكومة تشبه التي اسقطوها.

الأمن والاقتصاد في الحضيض، والسياحة تجوب اصقاع العالم ولا تمر بلبنان، والسياسة باتت سياسة زواريب ونكايات وتمسّك بحقائب واشخاص ومحاولات التأليف تسقط كل يوم أمام عقبة جديدة.

كل شيء مجمّد في لبنان ما عدا مسلسل الانفجارات المتنقلة، ولا حديث بين الناس سوى عن الانتحاريين والاحزمة الناسفة والسيارات التي تُسرق من اللبنانيين ليلاً لتعاد إليهم متفجرات تحول نهارهم جحيماً، في غياب الدعم السياسي الجدّي للمؤسسة العسكرية والاجهزة الامنية لكي تتمكن من مكافحة الإرهاب والجريمة وحماية أرواح اللبنانيين وأرزاقهم، بذريعة عدم وجود حكومة.

المطالبة بإجراء انتخابات رئاسية ضرورة، لكن البعض اصرّ على الربط بين ملفّي الحكومة والاستحقاق الرئاسي. ان المطالبة بإجراء انتخابات نيابية بقانون مُنصف واجبة، كذلك المطالبة بانتخابات رئاسية في موعدها، لكن هذه المطالب لا تعني تعطيل تأليف الحكومة تحت غطاء حقوق المسيحيين. فعقدة "التيار الوطني الحر"، ربما كانت عقدة "باسيلية" خلفيتها الطاقة اكثر من أي شيء آخر. لكن الحقائب الوزارية ليست ملك أحد، ولا حكراً على أي طرف سياسي أو حزب أو زعيم لكي يُمسك بها، وكأنها أصبحت حقاً له.

ليس الرأي العام اللبناني ساذجاً لكي يصدق ان الحكومة هي الحل لكل معاناة الوطن والناس، لكن الحكومة افضل من لا شيء، خصوصاً مع اقتراب موعد استحقاق رئاسي يخشى كثيرون من عدم اتمامه، فيما يربطه البعض بجنيف 2 والمحادثات النووية الايرانية الاميركية – الاوروبية، والحرب الدائرة في سوريا. هذا الجمود يعني الشلل الكلي والمغامرة بمستقبل الوطن، وإن استمرار الوضع على ما هو، وعلى وقع الحرب السورية الدائرة، قد يؤدي الى عرقنة لبنان، وغرقه في دوامة تبادل الرسائل الاقليمية والدولية، مما يشكل مساهمة في ازالة كل معالم الدولة والمؤسسات، وهنا الكارثة الكبرى. لذلك ليس الوقت ملائماً للمزايدات اكانت مسيحية - مسيحية أم غيرها، ولا زمن نكايات سياسية ضيقة، ربما كانت تدرّ في الماضي بعض الاصوات الانتخابية. إنه الوقت الفاصل لكي يدرك الجميع أنهم يشاركون، في شكل او في آخر، في جريمة قتل لبنان ووأد تاريخه العظيم.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد