التعصب والكراهية قرينا الجهل والأحقاد

mainThumb

06-02-2014 04:50 PM

في كثير من الأوصاف التي نتداولها في وصف الجهل,أصبحنا ندرك أن الجهل بالشيئ هو مسألة متلقة  بالمعرفة.أي الجهل بأمر ما  يعود إلى عدم المعرفة بذلك الأمر.ومن الطبيعي أن الأمية قد تساهم في التجهيل وتوطنه في العقول البليدة, ولكنها ليست بكل تأكيد السبب الوحيد. فقد تعلم الإنسان الحكمة بإدراك مسار الأمور بالرؤيا ,رؤية الآخر بعين فاحصة وبالتجربة الحياتية المدركة بالعقل المنفتح قبل أن يتعلم  القراءة والكتابة !! والجهل تشهده كثرة من الناس المتعلمين وحملة الألقاب العلمية في تعاملها اليومي مع الفكر وفي أطر الحوار وفي اللقاءات التشاورية وفي الحاجة إلى الآراء الاستشارية حول قضايا خاصة تخص الفرد وشؤونه, وكذلك المتعلقة بالشأن العام السياسي,والاقتصادي, والثقافي, والقضايا الاجتماعية التي تعج المجتمعات الإنسانية بالخلافات بها من عائلية أوعقيدية أو إيمانية, أو مهنية.

الحهل ليس نقيض العقلانية التي تميز السلوك الهادئ وردود الأفعال الموزونة, والمواقف المتعظة قضاياها بأسباب حدوثها,وإنما الجهل هو نتاج العقل الخامل, والشخصية المرتعدة من الحقيقة, والعقلية المتخلفة في آرائها.

فقد نشأت المشاعر العنصرية وممارساتها بين البشر منذ عهد بعيد في كل المجتمعات الإنسانية وإن بدرجات مختلفة ولأسباب شتى,مما حدا ببعض الفلاسفة وعباقرة الفكر إلى توصيف الإنسان بأنه ذئب أخيه الإنسان, وأن عذابات الإنسانية ومأسيها مصدرهه الإنسان نفسه.وقد انسحب ذلك على دعاء الأمهات لأبنائهن بأن يجنبهم الله شر بني آدم, (يكفيك شر بني آدم).

لم يتمكن علم النفس, والتحليل السيكولوجي لها من معالجة أسباب الدوافع العنصرية لدى الإنسان, كما أنه لم يتمكن من التقليل من أسباب الكراهية ومحفزاتها.

وتعترف العلوم الإنسانية والنفسية والاجتماعية بأن الأنا عندما تتخطى حدود أنا ونحن لتقفز إلى مستنقع أنا وهم, أي عندما تعاني الذات من الأنوية, التي تظهرعلى سلوك الفرد بالادعاء الكاذب والزهو بالنفس والتبجح والأنانية... وهي حالات لأناس بقابلهم في حياتنا اليومية في العمل أو في المقهى أوالمنتدى, وفي كل جلسة تضم جمعا من الناس نلمي ظاهرة الأنوية في البعض منهم من خلال أحاديثهم وسلوكهم.

التعصب الذي يكنه فرد ضد عرق آخر أو طائفة أخرى أو طبقة اجتماعية لا ينتمي إليها, هو أحد أشكال العنف التي تمارس في المجتمعات لأسباب واهية, يرده طيبو النوايا إلى الجهل الذي يتصف المتعصب به. عدم معرفة الآخر والجهل بقيمه ليس مشكلة الطرف الآخر، وليست ذنبا يستحق عقاب المشاعر العنصرية وهي سلوك البدائية في الغرائز المشتركة بين الإنسان والحيوان.وبدون أدنى شك فإن وحدية المرجعبة المعرفية, تؤدي إلى ما يمكن وصفه بالثقافة الأسيرة, أي تأسر العقل في إطر محدودة تقرب صاحبها من التماثل مع الحيوانات سلوكا وتصرفات تخلو من القيم ومن الخلق الإنسانيين.

ولم يكن تمسك النازييين بأوهام التفوق العرقي على الأعراق الأخرى سوى نتاج الجهل بما هي عليه تلك الأعراق والانغلاق المعرفي الذي يرتب عقولاً أحادية المعرفة فتقع تلك العقول في سؤ أعمالها ونواياه.وليس من الصعب على أي منا أن يكتشف مدى الجهل الذي يعاني المتعصبون منه خاصة عندما يحاولون تبرير أعمالهم ومواقفهم من الآخر.

وإذا كانت العنصرية إغراق في الجهالة,فهي في العادة تبث مشاعر الكراهية وتثير الأحقاد بين فئات المجتمع ومكوناته المتعددة.وذلك إضافة إلى أن أسبابا أخرى إضافية تغذي الأحقاد لدى الفرد منها عدم تمكنه من إثبات قدراته التنافسية في الحياة العامة, وافتقاده لمستوى الذكاء العادي الذي تتحلى به الغالبية من البشر, وفشله في القيام بأعماله بكفاءة.فقدرات البشر لا تتساوى, وتختلف بين فرد وآخر, والفرد السوي هو من يعرف ذلك فيسلك طرق التعلم ورفع الكفاءة وسويتها, ويظل من لا يعرف ذلك, ويجهله, حبيس أحقاده وضغائنه.

وكما قيل بأن الجاهل ينعم بجهله, وذلك قول معبر بصدق عن أثر الجهل على أصحابه فالجاهل لا يدرك أخطاءه, ولا يكترث لتجارب غيره,ويظن أنه على صواب دائما وإن الأخرين على ضلال, وهذا يفسر خطورة الجهل وخطر الجهلة على أمن وطنهم وأمان مواطنيهم, وتزداد مشاعر الحقد في نفوسهم كلما رؤا دون بصيرة غيرهم يتجاوبون مع مقتضيات التقدم والتحرر من قيود التخلف ودواعيه.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد