كارثة محتملة في الخليج

mainThumb

03-05-2014 09:38 AM

وفقاً لدراسة نشرت في مجلة سياسات البيئة Energy Policy، يتمثل التدهور البيئي بصورة أساسية في إيران في استنزاف المياه الحلوة وتلويثها، وفي تلويث الأراضي والغابات وعناصر البيئة بمجملها، بما في ذلك الهواء. إذ تبدأ الدراسة البيئية من تفحص فضلات تعدين اليورانيوم التي تترك وراءَها مئات الآلاف من الأطنان سنوياً من المواد المشعة التي كان اليورانيوم جزءَاً منها قبل تعدينه، حيث تترك حاجة محطة نووية واحدة (بقدرة ألف ميجاواط) من اليورانيوم المعدن (الكعكة الصفراء) نحو 300,000 طن من النفايات الملوثة إشعاعياً التي غالباً ما تردم بالحجارة والطمم (الطين وخلافه) لمنع انطلاق غاز الرادون، ثم تغطى بالمياه. كما تتمكن المياه الملوثة إشعاعياً بالكثير من العناصر السامة والخطيرة، كالزركونيوم والزرنيخ والأحماض وغيرها، من تلويث المياه الجوفية.


ولكن المناجم المتدنية التركيز (500 جزء بالمليون مثلا)، كما هي الحالة في مناجم ساغهاند Saghand الإيرانية والتي تغذي منشأة أردكان Ardakan لتصنيع الكعكة الصفراء التي بناها الصينيون سراً عام 2003، تنتج أضعاف هذه الكميات وتستنزف كميات أكبر من المياه، لذلك فإن المشاريع النووية هي شديدة التلويث للبيئة وتسهم بقوة في التدهور البيئي، إذ يتوقع استخلاص 400 طناً من الكعكة الصفراء بتعدين وطحن نحو مليون طن من المادة الخام عميقة الاستخلاص (400 متر تحت سطح الأرض) بعد أن كانت ايران تستورده من جنوب إفريقيا.


ويتوقع علماء البيئة اليوم أن تنشأ مشكلة جديدة حول منطقة الخليج العربي إذا استمرت إيران في بناء محطات نووية أخرى إلى جانب محطة بوشهر، فضلاً عن المشاريع النووية المقترحة في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وغيرها من دول الخليج، الأمر الذي سوف يستنزف أيضاً المياه الصالحة للشرب من المياه الجوفية لغايات تبريد المفاعلات.

 

يعتبر الخليج العربي من أكثر المناطق تعرضاً لارتفاع درجة الحمضية في مياه البحار نتيجة التغير المناخي وذوبان ثاني أكسيد الكربون في مياهه، فهو لا يحتمل كوارث جديدة، وبخاصة بعد حرب الخليج وتلويث قذائف اليورانيوم المستنفذ وحرائق آبار النفط والأعداد الهائلة من حاملات النفط العملاقة التي تجوب مياهه. ففي ظل التسابق "النووي السلمي" لبناء محطات نووية في الشرق الأوسط فإن المنطقة مرشحة لتوتر سياسي بين العرب والفرس على شاكلة التوتر النووي الذي ساهمت في خلقه الدول الأوروبية بين الهند وباكستان. فما هي النتائج السياسية التي ترتبت على مفاعل بوشهر النووي؟


إن قرب مفاعل بوشهر من الحدود العراقية جعل العراقيين يرسلون وفداً إلى إيران للاحتجاج، الأمر الذي رفع من شدة التوتر بين البلدين. وأقل هذه المخاطر الإشعاعية هي الغازات المشعة التي تطلقها المفاعلات بين فترة وأخرى. أما أشد هذه المخاطر فهي حدوث كارثة نووية وانصهار قلب المفاعل وتلويث منطقة الخليج برمتها، الأمر الذي سوف يسهم في تدهور الوضع البيئي هناك إلى درجات أسوأ نتيجة فقدان الأمن المائي والأمن الغذائي والأمن الصحي والأمن الاستراتيجي معاً.


خلاصة القول إن الصناعة النووية مفتوحة على مخاطر لا حصر لها، أقلها هي الصراعات التي تدور بين الدول المتجاورة، كما هو متوقع أن يحدث بين العرب والفرس، أو كما حدث بين دولة لوثوانيا وجيرانها في لاتفيا وبيلاروس حيث أفضت إلى إغلاق محطتين نوويتين لثوانيتين إغلاقاً تاماً، بالرغم من أنهما كانتا تنتجان حصة كبيرة من حاجة الدولة إلى الكهرباء، أو مثلما احتدم النزاع بين بريطانيا وإيرلندا حول منشأة سيلافيلد النووية وأدى إلى تقديم إيرلندا شكوى لمجلس الأمن ضد بريطانيا لتلويثها البحر الإيرلندي إشعاعياً، الأمر الذي انتهى إلى إغلاق المحطة بالكامل في العام المنصرم.


    فلماذا تهدد الإمارات أمنها ومستقبل أبنائها وتضع كافة نجاحاتها رهينة لمفاعل نووي سوف يصبح هدفاً لإيران في أي لحظة، بل ربما يصبح رهينة لصواريخ بعيدة المدى مجهولة المصدر تهدد مصالح دول الخليج كلها؟
 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد