الفيل

mainThumb

12-08-2014 09:09 PM

لاحظ أحد الزوار في حديقة للحيوانات ان فيلا ضخما قد ربطت قدمه الامامية بواسطة حبل صغير، فليس هناك سلاسل ضخمة ولا اقفاص تمنع الفيل من التحرك الا هذا الحبل الصغير المربوط بقدمه. فقد لاحظ الزائر ان الفيل الضخم يستطيع ان يتحرر من الحبل الصغير بسهولة تامة، لكن الفيل لا يقدم على ذلك. فسأل الزائر مدرب الفيل لماذا يقف الفيل الضخم دون ان يقوم باي محاولة هرب؟

 

اجابه المدرب !!: حينما كانت هذه الفيلة الضخمة حديثة الولادة، كنا نستخدم لها نفس الحبل الذي نستخدمه الان ونربطها به. فكان هذا الحبل كافي لتقييدها كي لا تتحرك، ويكبر الفيل معتقدا انه لا يزال غير قادر على فك الحبل والتحرر منه، بل يظل على اعتقاده ان الحبل لا يزال اقوى منه ولا يستطيع ان يتحرر منه، ولا تحاول حتى التحرر منه : فقد قيد الفيل بقوة الاعتقاد لا بقوة الحبل.

 

نستطيع ان نتعلم الكثير من تلك القصة المعبرة التي تعبر عن حال الشعوب المقيدة بسلاسل الوهم والضعف والجهل وضياع قوة الإرادة للأفراد في العمل او في الحياة او حتى في التحرر من الطغيان والظلم والاستبداد والاستعباد.

 

والكثير منا كالفيل نبقى معلقين بقناعة وفكرة واحدة منذ الصغر او نتربى عليها، ونبقى معتقدين اننا لا نستطيع ان ننجز او نتغير او نغير شيئا في حياتنا المليئة بالإثارة إذا أردناها كذلك. فلكل فرد منا رسالته ودوره في الحياة ولا يمكن لنا ان نعيش ارقاما معتمدين على اصنام صورت أنفسها على انها "مستخلفة في الارض" وليس لنا الا الاعتقاد بهم او بها على انهم ظل الله في الارض ونحن ظل الشيطان. فهذا منهج متعمد من تلك الاصنام كي لا نكون الا نكرات او ارقاما او عناصر تعيش على الارض كالسائمة همها الحياة لتأكل، فليس لها الا ان تأكل وتنام وتبقى في حالة الجمود والتكرار.

 

حتى ان الانظمة  الطاغوتية الطاغية التي تنشر الجهل وتتعمد سياسة التجهيل والتفشيل بين افراد الامة اصبحت تدرك خطر قوة الاعتقاد والايمان لدى الشعوب، في أن التحرر والتغير لا يأتي الا من داخل الافراد أنفسهم ثم تتحول الى طاقة جبارة لتلهب الجماعات التي تصبح بعد ذلك قادرة على التغيير والانجاز والترقي على كل الاصعدة، ابتداءً من المستوى الشخصي للفرد وانتهاءً بالأمة اجمع، وكما يقول أحد الفلاسفة " ان أعظم انتصار هو الانتصار على الذات، فاذا انتصرت على ذاتك خرجت للعالم منتصرا ولا يمكن لاحد ان يقف في طريق انتصارك ".

 

وحتى أعظم نظرية في فلسفة التغيير جاءت في القران الكريم حيث قول الله عز وجل في سورة الرعد: "إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ". فكيف بنا ان نرتقي على كل الاصعدة ان لم نتغير ونغير ما في أنفسنا، بل ونحرر أنفسنا اول من ذلك الحبل الرفيع المهترئ الذي توهمنا انه اجبرنا على الانصياع والتوقف عن التفكير حتى في التحرر من الحبل الرفيع الذي لا يتطلب الا حركة خفيفة من الفيل لكي يمزقه اربا، اربا؟ كيف بنا ان نتغير ثم نغير ان لم نؤمن بأنفسنا اولا، ونؤمن اننا لسنا كذلك الفيل المقيد بسلاسل الوهم؟ وان لم ننتصر على ذاتنا وفي ذاتنا؟

 

ان اسواء انواع الطغيان هو طغيان الجهل، وطغيان الوهم، وطغيان الخوف بالإيحاء. وطغيان الخوف بالعدوى، هذه الانواع من الطغيان أهلكت الامة وأدت بحال الشعوب لتكون كالفيل، فالجهل يجعلنا غير قادرين على التحرر من أنفسنا ويجعلنا نغيب في ظلام دامس. فالجهل يقتل التفكر والتفكير والارادة والمحاولة والتغير والاستمرارية والترقي ويمنعنا من الحرية.

 

قال مخترع المصباح الكهربائي توماس اديسون ذات مره، " ان العديد من الفاشلين في هذا العالم هم هؤلاء الاشخاص الذين لم يدركوا مدى قربهم من النجاح لحظة استسلامهم للفشل ".



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد