المناضل يعقوب زيادين القيمة والرمز الذي لا يموت

mainThumb

16-05-2015 10:26 PM

في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها الأمة والوطن وهذه المنحنيات التاريخية الخطيرة التي ربما ستحدد مصيرنا لعقود أو حتى قرون قادمة ، وحاجتنا للقادة والرجال الشرفاء من المناضلين الذين لم تغيرهم تقلبات الزمن ، وتغير الأحوال وبقوا متمسكين بالثوابت والقيم التي آمنوا بها سواء اتفق البعض أو اختلف معهم ولكنهم بقوا الرجال والشرفاء والصادقون .

فقيدنا الكبير الدكتور يعقوب زيادين واحد من هؤلاء الرجال الشرفاء والمناضلين الذين حملوا راية الوطن وهموم شعبه ودافعوا عن حريته واستقلاله انطلاقا من قناعتهم ومبادئهم حيث لم يتغير أبا خليل عندما تغير الكثيرون من المحسوبين على الخط الوطني والقومي وبقي الفقيد الكبير صافيا الذهن مخلصا لقناعته ومدافعا عن الكادحين وأصبح طبيبهم الخاص حيث ترجم أفكاره ومبادئه على ارض الواقع وكان بذلك طبيب الفقراء وعون المحتاجين ونصير الشعب ودفع الثمن غاليا من حياته وعمره الذي أفناه مدافعا عن وطنه وأمته ، وتشرد وعانى وكان بإمكانه أن يكون في المكان الذي يطمح إليه كل شاب في عمره في ذلك الوقت ولكنه اختار أن يكون الثائر والفدائي في سبيل وطنه وشعبه،  لم تهزه سجون القهر وظلامها التي افني بها فقيدنا ثلث عمره وفي كل شدة يخرج منها أقوى مما كان وكان يستمد قوته وبوصلته من وطنه وشعبه وأمته ، أحبه الشعب وأكرمته مدينة القدس وقدمته أن يكون نائبا عنها ومتحدث باسمها في برلمان عام 1956م ، ولم يعمر ذلك المجلس النيابي العتيد إلا أشهر معدودة وجرى حله والانقلاب على الحكومة التي أفرزها ذلك المجلس وهي الحكومة الأكثرية الحزبية في أول وآخر تجربة لنا مع الديمقراطية الحقيقة حتى كتابة هذه السطور ، وبعد ذلك جرى في نهر الحياة المتدفق الكثير من الحوادث والمتغيرات وعانت الأمة من أزمات كانت تتطلب تحكيم العقل وليس العواطف ولذلك وقف المناضل يعقوب زيادين ومعه القليل من الأصوات ضد الحرب العبثية بين العراق وإيران التي استمرت 8 أعوام وقال كيسنجر داهية السياسة الأمريكية أنه يتمنى أن تستمر مئة عام .

كما وقف مناضلنا الكبير ضد احتلال الكويت وربما السياسي الأردني الوحيد الذي امتلك الشجاعة خلافا للرأي العام وعبر عن موقفه من تلك الأزمة التي لا زالت تعاني منها الأمة ، وكان ينطلق في موقفه من حرصه على مصالح العرب وخاصة العراق والكويت بشكل خاص ، وقد أثبتت الأحداث صدقه وبعد نظره وانه لم يجامل على حساب أمته وشعبه لكسب الرأي العام الذي كان متعاطفا مع عراق صدام حسين ، وموقف فقيدنا الكبير أبا خليل يعيدنا لنفس الحدث من عام 1961م ، عندما أراد الرئيس العراقي الراحل عبد الكريم قاسم احتلال الكويت وتدخلت بريطانيا وهنا وقف الزعيم جمال عبد الناصر محذرا الاستعمار من التدخل في شؤوننا   وبأننا كعرب قادرين على حماية العراق والكويت معا ، وأرسل الجيش المصري واقتدت به جميع الدول العربية وهذا للأسف لم يكن موجودا عام 1990م ، لأن الرجال ليس هم الرجال والقادة ليس هم القادة للأسف .

لقد عرفت المناضل الكبير يعقوب زيادين سنوات طويلة وزرته في البيت والعيادة عشرات المرات ، فقد كان مناضلا من طراز خاص صادقا مع نفسه مؤمنا بمبادئه وقناعاته وكما كان مؤمنا بالماركسية اللينينية بلا حدود لم تهز قناعته انهيار الاتحاد السوفيتي ولا تغير الكثيرون من حوله ، وكان الفقيد الكبير مؤمنا بالفكرة أكثر من أي شيء آخر .

وعلى المستوى الشخصي كان فقيدنا الكبير من وقف معي شخصيا في المحنة التي تعرضت لها في عملي ولا زلت أعاني منها  كما وقف مع كل من ناضل وعمل لأجل وطنه خاصة الشباب حيث كانت وقفته مع الأخ المناضل محمد السنيد وقفة تاريخية وهي وقفة معنوية سواء معي أو مع الأخ محمد ولن يكن هناك من يعتب عليه نظرا لظروفه الصحية .

واليوم برحيل هذه القامة يكون الوطن قد فقد خيرة رجاله ، إن أبا خليل هو سنديانة الوطن والمدافع عن حريته واستقلاله ، كما خلت الساحة العربية من قامة عظيمة لن تتكرر .

رحم الله الأخ والرفيق والصديق والقائد الدكتور يعقوب زيادين الذي لم تنتهي علاقتي الشخصية به رغم تركي صفوف الحزب وكان باستمرار لنا القائد والمدرسة العظيمة للجميع .

وعزائنا لكل الوطن وأحرار الأمة وأسرته ورفيقة دربه المناضلة سلوى زيادين أم  خليل وأبناءه وأحفاده في هذه الشخصية الفذة التي رحلت عن عالمنا والوطن والأمة في أمس الحاجة لأمثالها .

أبا خليل ظاهره لن تتكرر رحمه الله .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد