ذكرى الاستقلال ما بين الحقيقة والخيال

mainThumb

02-06-2015 10:24 AM

في الــ25 من أيار مايو الماضي مرت الذكرى الــ69 على الاستقلال الذي أعلن في نفس التاريخ من عام 1946م ، ولكن بقي استقلال شكلي وهو شبيه بالاتفاقية 1923م ، بين مصر وبريطانيا التي أفرزت الدستور الشهير وأعطت مصر استقلالا شكليا حيث لم يغادر الجنود البريطانيين ارض الكنانة إلا عام 1954م، فيما عرف بعيد الجلاء الذي تحقق بفضل ونضال ثورة 23 يوليو 1952م .


ونحن بعد إعلان الاستقلال الشكلي ولمدة عشرة أعوام كان قائد الجيش هو المستعمر البريطاني كلوب إضافة لضباط الصف الأول والثاني وكل هؤلاء كانوا قيدا على الاستقلال بمعناه الحقيقي الذي تحقق بعد الحالة الثورية التي عاشتها المنطقة ووطننا العربي تحديدا مع حركة المد القومي الذي انطلق كالعملاق في الخمسينات والستينات بقيادة مصر حيث شهدت بزوغ عصر الاستقلال نتيجة تحرك الجماهير في الأردن حيث تجاوبت مع حالة المد القومي في المنطقة وحدث نتيجة لذلك أول انتخابات نزيهة أوصلت القوى الوطنية والتقدمية لمجلس الأمة وشكلت أول حكومة أردنية باختيار شعبي وهي حكومة الزعيم الناصري الكبير سليمان النابلسي رحمه الله الذي حصل حزبه الوطني الاشتراكي على عشرة مقاعد نيابية من أصل أربعين وتحالف مع القوى الوطنية والتقدمية وكلفه الملك بتشكيل أول وآخر حكومة منتخبة للأسف حيث قررت تلك الحكومة الوطنية في أول أعمالها إلغاء اتفاقية الذل والاذعان مع بريطانيا التي تشبه معاهدة (وادي عربه) الأمر الذي سهل على صانع القرار نتيجة لقرار الحكومة النابلسيه التاريخي في ذلك الوقت التخلص من المستعمر كلوب وقيادته وبذلك أصبح الأردن لأول مرة في يد أبنائه ولم تكن تلك الحالة الأردنية منفصلة عن الحالة العربية العامة كما أسلفت التي شهدت حالة فوران ثوري قادته مصر الناصرية وساهمت في دعم كل حركات التحرر الوطنية حتى أصبحت القاهرة قلعة الحرية والكرامة القومية ، ليس في الوطن العربي فقط ولكن في قارات العالم الثلاثة الأمر الذي انتبه إليه الاستعمار وأعوانه حيث جرى التآمر على المشروع الناصري وضربة في نكسة حزيران الأليمة عام 1967م ، ووصل لنهايته مع الرحيل المفجع للزعيم جمال عبد الناصر في 28 سبتمبر أيلول 1970م ، ولا زال الوطن العربي للأسف تحت الوصاية والانتداب وان رفع أعلام الحرية والاستقلال الذي لا يتجاوز حناجر المطربين والمطربات وكتبة التدخل السريع والمستفيدين من التطبيل والتزمير حيث يذكروني بالمثل الأمريكي القائل ( من يدفع للزمار يحصل على اللحن الذي يريد ) .

للأسف لم تعمر الحكومة الوطنية المنتخبة أشهر معدودة حيث جرى حلها والعودة للمربع الأول وأعلنت الأحكام العرفية التي لا زالت مستمرة وان تغيرت اليافطات والعناوين وجراء ذلك عانى الوطن وأبنائه كثيرا وأصابته أمراض الشيخوخة السياسية نتيجة الفساد والاستبداد بعد وأد كل الكفاءات والاستعانة بأهل الثقة على حساب أهل الخبرة ولم يكونوا هؤلاء في الحقيقة أهلا للثقة ولكن لمصالحهم حيث تضخمت أرصدتهم وارتفعت المديونية لأرقام فلكية وزادت جيوب الفقر على الكادحين .

كما جرى التغول الأمني على كل مفاصل الدولة لتغطية ذلك وللأسف أصبح الاستقلال الذي يتغنى به وكأنه من حكايات الأساطير ألف ليلة وليلة  وغيرها .

والاستقلال قيمة عظيمة  الذي تحتفل فيه كل الأمم والشعوب التي تعرضت للاستعمار وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية أعظم  دولة في العالم ، وللأسف أصبح الاستقلال بالنسبة إلينا في الأردن بعيد المنال ولا يزال حلما خاصة بعد المآسي العربية الأخيرة المسماة بالربيع العربي الذي لا أراه إلا محاولة لإنتاج سايكس بيكو آخر أشد خطورة وألم وحسرة من الاتفاقية الأولى ولعل واقعنا اليوم سياسيا واقتصاديا يتحدث عن نفسه بعد فشل كل محاولات الإصلاح من الداخل ، وللأسف أصاب الغرور أصحاب القرار بعد خروج الأردن بأقل الأضرار من أحداث الربيع العربي المزعوم ، حيث يعود الفضل بذلك بالدرجة الأولى لله أولا وثم وعي مواطننا الأردني خاصة بعد أن شاهدنا نتائج تلك الجريمة في أقطار عربية شقيقة .

اليوم وبعد عقود على إعلان الاستقلال هل حقا نحن بلد مستقل أو أن الاستعمار لا يزال فيما نأكل ونشرب ونلبس وحتى في الحذاء الذي نرتديه .

وبعد يقول الزعيم جمال عبد الناصر أن الاستقلال ليس قطعة من القماش تسمى علما ولا نشيد يسمى وطني ولكن الاستقلال إرادة .

 فهل نحن كذلك ؟.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد