أوجاع حزيرانية

mainThumb

13-06-2015 01:00 PM

قبل أيام مرت على الأمة الذكرى الــ48 لنكسة حزيران الأليمة عام 1967م ، ورغم العقود التي مرت على تلك النكسة الأليمة إلا أنها ما زالت حاضرة في الأذهان والوعي العربي ، فقد شكلت ضربة موجعة للمشروع القومي التحرري الذي قادته مصر في الخمسينات والستينات من القرن الماضي حيث ساهمت بدعم كل حركات التحرر الوطنية ليس في الأقطار العربية فحسب ولكن في القارات الثلاثة وبذلك ارتفع اسم العرب عاليا بقيادة مصر خاصة مع الوحدة المصرية السورية التي أعلنت رسميا في الـثاني والعشرون من شباط عام 1958م .


ويومها قال بن غوريون مقولته الشهيرة (بأن إسرائيل أصبحت بين فكي كماشة) كما حدث اتحاد بين العراق والأردن الملكيتين والغريب أن الغرب والشرق على السواء أيدوا الوحدة بين العراق والأردن ولكن وقفوا ضد الوحدة المصرية السورية التي عرفت بالجمهورية العربية المتحدة.


لذلك كان الانفصال بين دولتي الوحدة المؤامرة الكبرى على هذه الأمة والمقدمة الأولى لنكسة حزيران الأليمة عام 1967م ، ومن المفارقة أن ما قاله بن غوريون أعاده شمعون بيرس بعد احتلال العراق حيث قال حرفيا  بعد احتلال العراق عام  2003 م، (الآن تستطيع إسرائيل النوم) ولم يكن ذلك من صنع الصدف والخيال الكلاسيكي الموجود لدى الكثير من المحسوبين على الثقافة في وطننا العربي الكبير حيث يوجد للأسف من يسعى جاهدا لتكريس ثقافة الهزيمة وتصويرها بنهاية التاريخ ، وللأجل ذلك جندت الأقلام المشبوهة وما أكثرها ومحطات التلفزة المشبوهة كذلك إضافة للفن الهابط الذي استغل رغم الكثير من المواقف المشرفة للجيوش العربية في مصر والأردن تحديدا والأولى التي استطاعت النهوض وقاد شعبها العظيم انتفاضة التاسع والعاشر من حزيران حيث أصرت الجماهير على المقاومة والصمود تحت قيادة الزعيم جمال عبد الناصر حيث تنحى عن الحكم ولكن الشعب المصري لم يكن وحده في الميدان في تلك الأيام ولكن كانت هناك كل جماهير الأمة العربية التي انتفضت بعد أن عرفت حجم المأساة والمؤامرة على وجودها وانتفضت تطالب بعودة جمال عبد الناصر حيث كانت هناك حركة التصحيح التي أعادت بناء القوات المسلحة من الصفر والنزول للميدان حتى لا يشعر العدو بالأمن والاستقرار وكانت هناك حرب الثلاثة أعوام كما وصفها الفريق أول محمد فوزي رحمه الله ، وقدمت مصر الكثير من الشهداء وعلى رأسهم الفريق البطل الشهيد عبد المنعم رياض وتمكنت مصر بفضل تلك التضحيات من بناء حائط الصواريخ ووضع خطة العبور وتكبيد العدو خسائر فادحة في المعدات والأرواح .


ومن المفارقات المحزنة أن تنفذ خطة العبور بعد رحيل القائد المعلم جمال عبد الناصر بثلاثة أعوام وبعد مماطلة من السادات عن عام الحسم ،وكل شيء كان جاهزا للمعركة  ولكن للأسف القيادة المصرية المتمثلة في السادات مبارك حولت تلك الحرب من تحرير إلى تحريك وهو ما ندفع ثمنه اليوم رغم كل التضحيات العظيمة من الجيشين المصري والسوري ومن خلفه جيوش الأمة كلها .


فلاسفة الهزيمة والمرتزقة في الإعلام العربي كلما مرت ذكرى النكسة يرسخوا ثقافة الهزيمة لتكون هزيمة ثقافية وحضارية وهي الأكثر خطورة مما حدث في النكسة الأليمة التي لم تكن نهاية للتاريخ كما يقولوا الخونة بل في كثير من الأحداث شكلت فخرا وعزا للأمة التي لم ترمي السلاح  عسكريا وسياسيا كان إفراز انتفاضة الجماهير قمة الخرطوم صاحبة اللاءات الثلاثة الشهيرة ( لا صلح لا اعتراف لا مفاوضات مع القتلة) وسرعان ما عاد الجيش المصري وأشقاءه العرب للميدان وتم استيعاب الأسلحة الحديثة من الأصدقاء الروس حيث لهم الفضل في دعم جهود الأمة وعبور خسارة تلك المعركة في حرب الوجود الطويلة مع الكيان الصهيوني ، ولقن الجيش المصري العدو بعد النكسة وقبل حرب أكتوبر الكثير من الهزائم منها معركة رأس العش الشهيرة بعد النكسة مباشرة وإغراق أكبر مدمرة صهيونية (ايلات) في منطقة أم الرشراش المحتلة عام 1948م، وبقيت الحرب مستمرة حتى مبادرة روجرز وزير الخارجية الأمريكي حيث كان هدف مصر بقيادة جمال عبد الناصر من قبول المبادرة بناء حائط الصواريخ وهو ما تم بقدرة أذهلت العدو قبل الصديق وكان لها الدور الأساسي في نصر أكتوبر المغدور عام 1973م ، .


لذلك النكسة لم تكن في عام 1967م ، ولكن النكسة عندما استسلم الحكام العرب لأوهام السلام التي بدأت من كامب ديفيد وملحقاتها في أوسلو ووادي عربه رغم أن العدو لم يكسب حربا منذ النكسة الأليمة بل العكس بل أثبتت الأحداث أن هزيمة هذا العدو وإجباره على الانسحاب من جنوب لبنان وثم هزيمته عام 2006م ، وفشله الذي وصل لهزيمة في غزه من خلال عدوانين شنهما على قطاع غزه ، الأمر الذي يؤكد بأن المشروع الصهيوني قد شاخ سياسيا قبل أوانه ولكن مشكلتنا في وكلائه في المنطقة من إعراب اللسان حيث ربطوا مصيرهم بمصير هذا الكيان الزائل .


رحم الله الزعيم جمال عبد الناصر الذي رسم لنا خارطة الطريق بمقولته الخالدة (بأن ما اخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة ).



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد