من منا لم تهزه صورة الفتاة الفلسطينية الشهيدة دانيا ارشيد وهي تحمل كتبها المدرسية لا غير عندما طلب منها الجيش الصهيوني وهي على باب الحرم الإبراهيمي الشريف أن ترمي السكين التي ادعوا أنها في حقيبتها ، وعندما أخبرتهم بأنه لا يوجد معها إلا كتبها المدرسية ، انطلقت (10) رصاصات صهيونية حاقدة لتردي الشهيدة طالبة العلم جثة هامدة أمام الحرم الإبراهيمي في الخليل .
وقام أحد ضباط الجيش الذي تصفه الصحافة الصهيونية الفاجرة بالأخلاقي وهو من أطلق عليها أو أمر بذلك باحتساء قهوته أمام جسد الشهيدة الملقى على باب الحرم الإبراهيمي الشريف ، ليراقب ويتأكد بأن صاحبة هذا الجسد قد انتقلت للرفيق الأعلى شهيدة محافظة على عقيدتها وطهارتها وبراءة وجهها الذي لم يكن واضحا أمام كل وسائل الإعلام المختلفة التي بثت الحدث بالصوت والصورة ، ذلك الحدث الذي تقشعر له الأبدان .
ارتقت دانيا ارشيد شهيدة كسائر الشهداء الذين يرتقوا يوميا دفاعا عن الأرض والعرض ومقدسات الأمتين العربية والإسلامية .
ارتقت شهيدة وكل قطرة من دمها ومن دماء كل الشهداء تشتكي لله ظلم العدو وقهره وتخاذل الأشقاء وتآمر حتى بعضهم ، حيث هناك من يمد يد العون للمجرم نتنياهو لأجل إنقاذه ووأد الانتفاضة ، هؤلاء الخونة لم تهزهم صورة دانيا ارشيد ومن قبلها الشهيدة بيان العسيلي وقد تركهم الجيش الأخلاقي جدا كما تزعم صحافة بني صهيون وهم ينزفون قبل استشهادهم وبدون حتى إسعافهم ، والأكثر مأساة احتجاز حتى أجسادهم الطاهرة وكأن العدو الصهيوني الجبان يخشى أن تعود الحياة لتلك الأجساد ليصبح حتى تسليم الجثث يحتاج لمفاوضات ولقاءات بين ذوي الشهداء وقاتليهم الصهاينة المجرمين .
أي ذل وهو ان الذي وصلت إليه الأمة العربية والتي تكتفي بمتابعة ذلك عبر المحطات الفضائية ثم لتخرج المسيرات الخجولة التي كلها تندد وتشجب الجرائم الصهيونية ، وسفارة العدو الصهيوني وعلمه الذي فيه إشارة لحدوده المزعومة من الفرات إلى النيل يعري ضعفنا وهواننا وينزع ما تبّقى يستر عوراتنا حكومات وشعوب على السواء ، ليخرج علينا بعد أقل من أسبوع مسؤول عربي ليقول بأنه سيدعم دولة الصهاينة ويقف معهم في كل ما يتعرضوا له وأنهم أي الصهاينة حلفاء جدد ضد العدو الجديد وهو جمهورية إيران الإسلامية حيث رسمت أمريكا له وأمثاله عدو جديد يعلق عليه أسباب تخلفهم وانحطاطهم الوطني والقومي وحتى الإنساني .
والصدمة الكبيرة كانت لجدة الشهيدة التي كانت في زيارة للعقبة تبارك لشقيقتها أم صلاح المبيض بالحج وأثناء عودتها عبر باصات جت تفاجأت بالخبر المشئوم باستشهاد حفيدتها بالصوت والصورة وكانت دموعها وحالتها شيء يعجز عن وصفه أبلغ الأقلام .
ومع كتابة هذا المقال هناك الآن دماء لشهداء ارتقوا إلى ربهم دفاعا عن الأرض والعرض والمقدسات .
لقد أصبحنا نخجل من أنفسنا هل انتهت الكرامة العربية وأين أمة الثلاثمائة مليون أين نخوتنا عندما تثور وتنفجر بعمان وبغداد والقاهرة لأن الخبز قد ارتفع في دمشق ، اليوم يسقط الشهداء ونرى الحثالات البشرية وهم يعتدون على نسائنا وأطفالنا وشيوخنا ولا يحرك ذلك شيئا بداخلنا ، متى تشعر أنظمة العار الناطقة بالعربية وشعبنا النائم بأن أهلنا وشعبنا في فلسطين هو خط الدفاع الأول عن كل بلاد العرب .
الشهيدة دانيا ارشيد لن تكون آخر الشهداء ودمائها الطاهرة التي روت الحرم الإبراهيمي لن تذهب هباء فقد ثأر لها الرجال في نفس الوقت وستنبت هذه الدماء الطاهرة غدا شقائق النعمان لتؤكد لنا وللدنيا كلها أن فلسطين رقم واحد لا يقبل القسمة على اثنين وأن صحوة الأمة مهما كان سباتها سيكون عبّر فلسطين لأن تحريرها خارطة العرب للمستقبل وللوحدة والكرامة .
رحم الله من هم أفضل منا جميعا الشهداء الأبرار الأموات الأحياء عند ربهم يرزقون ، ولا نامت أعين الجبناء .