مستدمرة إسرائيل والربيع العربي .. وجهة نظر

mainThumb

04-11-2015 09:58 PM

السؤال الملح الذي يضرب أذهاننا ويخبط في رؤوسنا بإستمرار ، هو : لماذا لم ينجح الربيع العربي في إحداث التغيير الإيجابي الذي نطمح إليه ؟ وكيف تم تحويله إلى شتاء قارس  ولا أقول خريفا مغبرا ؟ ومن الذي إختطفه وغير المسار؟
 
أعترف أننا كعرب نعيش في فوضى  حياتية ، فلا حقوق إنسان مضمونة ، ولا مواطنة متحققة ، ولا تنمية  نراها مستدامة ، ولا قوانين ناظمة للحياة ننعم بها ، ولا حرية تظللنا ، بل هي شريعة الغاب ، والغلبة للقوي ، والقوة هنا ليست قوة العضلات ، بل شدة النفوذ ، فمن كان متنفذا أو له صلة بمتنفذ كسب كل شيء ، وما عداه  فكلنا خاسرون ، وهذا ما جعل كل المجتمعات العربية تتسم بوصف مجتمع الكراهية ، رغم كثرة السحيجة الذين آثروا السير  في منهج يحقق لهم مصالحهم ويحميهم من التغول  ، وهذه فلسفة مختلف عليها.
 
منذ العام 1917  بدأوا عملية   زرع  سرطان مخيف في فلسطين ، أطلقوا عليه إسم  مستدمرة إسرائيل ، وبدأوا منذ ذلك الحين يمهدون لها سياسيا ودبلوماسيا ، وسقط بعض صناع القرار العرب آنذاك في هذا الفخ ورحبوا بالفكرة ، ويقيني أن العرق دساس ، ووصلت الأمور إلى ذروتها في العام 1948  ، بعد أن أكمل ما سمي جيش الإنقاذ العربي مهمة قوات "الإحتلال" البريطانية ، وخرجت مستدمرة إسرائيل إلى الوجود ، ثم بدأنا نرى الإنقلابات العسكرية العربية تتوالى وكل "زعيم "إنقلاب  كان يتلو علينا بلاغه الأول ، ويقسم أنهم جاؤوا لتحرير فلسطين ، رغم أنهم لم يحافظوا حتى على ترابهم الوطني ، ومع ذلك رأينا دولا عربية إستقرت الأمور فيها على طرف بعينه ، وتوقفت الحركة الإنقلابية ،ودخلنا مرحلة "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة "، ولا ندري حتى يومنا هذا عن أي معركة كانوا يتحدثون ، وهم الذين كانوا يسلمون إسرائيل  جزءا من أراضيهم التي كانوا يحكمونها عند كل مواجهة ممسرمة متفق عليها.
 
تكالبت الأمور على الشعوب العربية ، وتضخمت المعاناة ،وإتسعت مساحة تراكمية القهر بكل أشكاله ، القهر السياسي والقهر الإقتصادي والقهر الإجتماعي ، والأخطر من كل ذلك  قهر الكرامة ، لوجود الذل  الناجم عن الهزائم المتكررة أمام إسرائيل ، والحرمان حتى من أبسط حقوق الإنسان في الحياة ، ما خلق شعورا  كبيرا وخطيرا  بالعجز وعدم القدرة على المواجهة ، بسبب القوة التي يتمتع بها الجهاز الأمني الذي بات يحاسب  حتى على النوايا ، في حين وكما أسلفنا  رأينا الجيوش العربية رغم ما كانت تتمتع به من قدرة وتسليح ، لم تحقق ولو نصرا واحدا على إسرائيل ، حتى أن النصر المؤزر الذي حققه الجيش المصري في حرب رمضان المجيدة  عام 1973 تحولت إلى هزيمة ، أدخلتنا في أتون المذلة والمهانة وفتحت الباب مشرعا أمام مستدمرة إسرائيل  ،  للولوج إلى جميعنا  بقدم السيد على رقاب الأذلاء ، ولذلك أقدم الشاب التونسي محمد البوعزيزي على حرق نفسه إنتقاما من حرمانه وعجزه عن رد الإعتبار لكرامته بعد ان صفعته شرطية  ، إثر مصادرة أزلام النظام التونسي الزائل عربة الخضار التي كان يعتاش منها رغم انه كان جامعيا .
 
 لكن النار التي إندلعت في جسدة  أطلقت الشرارت هنا وهناك لتحرق البيادر العربية الجاهزة للإشتعال أصلا ، ولكننا ولعدم وجود معارضات حقة في الوطن العربي ، وجدنا ان الآخر الذي كان يراقب وينتظر إنسجام اللحظة مع مخططه المعد "الشرق الأوسط الكبير "، قد إنقض على ثوراتنا  وإختطفها  ، وسيّرها حسب وجهته المعدة سلفا ، ولا عجب أن رأينا يهودا أمثال بيرنارد ليفي  أصبحوا أيقونات لثوراتنا ، وعليه لا عجب ، وعلينا ألا نستغرب من  إصطدام أحلامنا  بصخرة المستحيل .
 
ما الذي حدث ولماذا؟
 
يقينا أن كل من له صلة بتأسيس مستدمرة إسرائيل ، كان على قناعة بأن الشعوب العربية لن  تتآلف مع مستدمرة إسرائيل ، حتى لو ان غالبية صناع القرار الغرباء عنا في إنتماءاتهم ، قد تماهوا معها ودعموها بملياراتهم اولا ، وبدعمها  حتى في المحافل الدولية ، ولذلك ليس غريبا أن  دولة عربية ما  محكومة بمتصهين تصوت لصالح إسرائيل في الأمم المتحدة .
 
وإنطلاقا من ذلك التصور  إرتآى هؤلاء إيجاد طريقة لإطالة عمر إسرائيل  ولو بضع سنوات ، وقاموا بوضع الخطط لإضعاف وإنهاك الدول العربية  لمعاقبة شعوبها اول لعدم  قبولهم مستدمرة إسرائيل، وكانت الفرصة مواتية  حيث إشتعلت النيران في كافة البيادر العربية الجافة ، ولكننا وكما أسلفت ، ليس لدينا معارضات تقود ولديها بند في برامجها  حول : ماذا علينا  ان نفعل في اليوم التالي بعد إزاحة النظام الحاكم؟
 
منذ مدة ونحن نقرأ تقارير  أعدتها كافة أجهزة الإستخبارات الأمريكية الموالية لإسرائيل بطبيعة الحال - وأثنى عليها  الثعلب الماكر الذي إستضافه المقبور السادات في قاهرة المعز ليسمتع ويتمتع  بهزات خصر الراقصة سهير زكي ، بعد إنجرافه في هوى  مستدمرة إسرائيل  كونه زوج يهودية  كانت مهمته  خطف مصر من السرب العربي ، لضرب عصفورين في حجر واحد ، تدمير المحروسة مصر ، وإلحاق الهزيمة المنكرة بالعرب جميعا ،لأنه لا سلام ولا حرب بدون مصر- وتقول تلك التقارير أن  عمر مستدمرة إسرائيل بات  قصيرا  ونهايتها  محتمة وتقترب ، بسبب رفض الشعوب العربية التعامل معها وقبولها  والتطبيع معها .
 
ولذلك وحتى يتمكنوا من إطالة عمر هذه المستدمرة ، فقد خططوا لإغراقنا في دمائنا ، وأن نموت تحت الركام ، ومن تكتب له النجاة يعيش مشردا في المنافي والشتات ، في حال  لم يغرق في مياه المتوسط ، وهذا ما يفسر عقم حراكنا الثوري .
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد