يحتاج المراقب للأحداث على الساحة الأردنية لتجديد خلايا الدماغ لديه أضعاف المرات لكي يتسنى له الإلمام ومعرفة السياسية الأردنية فهي كالماء بلا لون ولا رائحة ولا مبدأ قائم على مصلحة الدولة واقصد الأرض والإنسان وليس النظام ، اللهم إلا ما يسمى دعاتها المحافظة على الاستقرار وكأنهم هم صانعي مع أن العكس هو الصحيح .
وهذه الحالة من الاستقرار صنعها الوعي الوطني لكل مكونات الشعب والاتفاق غير المكتوب بأن الأمن الوطني خط أحمر لمصلحة الجميع ، وحكومات التبعية السياسية أرادت كثيرا تغير هذا المبدأ إلا أنها فشلت حتى الآن رغم ما خلقته في الوطن من حالة القلق المستمرة والأمراض الاجتماعية التي أفرزت لنا ظواهر سلبية لأول مرة نراها في مجتمعنا .
واحتار المحللون بوصفها، البعض قال أنها من خارج الحدود والبعض الآخر وصفها بالاقتصادية والحقيقة أن كلا التفسيرين صحيح ولكن ما هو مشترك بينهما هو الحكومات المتعاقبة التي بعضها جاء بالوارثة حتى عن الجد للابن وصولا للحفيد ومرورا بابن الأخت أيضا والبعض الآخر وراثة عن الأقارب والمصاهرة لما يسمى بكبار شخصيات البلد الأمر الذي جعل من الأردن حالة نادرة تستحق الدراسة والتحليل ،حيث شهد الاردن زيادة كبيرة في المديونية على حساب التصدير حتى أصبحنا شعب مستهلك من الدرجة الأولى نتيجة السياسة القاصرة التابعة التي تحكمنا وزاد الأمر سوءا مع دخولنا الألفية الثالثة التي قفزت المديونية بها لأرقام فلكية نظرا لحجم السرقات والنهب المنظم والإنتاج الأقل من متواضع إذا لم نقل معدوم .
وهنا يتساءل الجميع من المسئول عن ذلك ومن أوصلنا لهذا المستوى الذي لا يسر صديقا حيث كنا حتى منتصف الثمانينات من القرن الماضي لدينا نسبة إنتاج لا بأس بها من الحبوب وكيف اختفت لدرجة التلاشي .
برأيي المتواضع الأسباب كثيرة والخلل عام وليس خاص بالحكومات وحدها ونحن كشعب نتحمل المسئولية الكبرى قبل الحكومات ، الم يجري الالتفاف على مطالبنا الإصلاحية منذ انتفاضة 17 نيسان عام 1989م ، بعد أن صمتنا واستسلمنا للانقلاب الذي تم على أول وآخر حكومة وطنية منتخبة في بلدنا حكومة الزعيم الناصري سليمان النابلسي رحمه الله عام 1956م ، وبعد ذلك الانقلاب كانت الأحكام العرفية التي استمرت لغاية عام 1989م ، أي بعد انتفاضة 17 نيسان المجيدة التي سرعان ما جرى الانقلاب عليها أيضا والاستهزاء بنا كشعب الذي وصل لذروته بعد أن جاءوا إلينا بحكومة الرفاعي الحفيد بعد الانتفاضة التي أطاحت بحكومة الرفاعي الأب الذي أصبح بعد ذلك حكيم الحكماء ويبدو أن الجاهل هو الشعب ؟؟.
ثم توالت علينا الحكومات العرفية ذات اللون الواحد ولا زالت حتى اليوم ، وصمتنا ولا زلنا كذلك وعلى هذا الأساس شيء طبيعي أن تنقلب حياتنا لجحيم لا يطاق وأن تصل لدرجة اللامعقول عندما يقف عبد الله النسور رئيس الحكومة الحالي يهددنا بأمننا واستقرارنا إذا لم نقبل روشتات وتوصيات صندوق الفقر الدولي برفع الأسعار أو هبوط الدينار حسب قوله وتهديده ، وتستمر المسرحية الهزلية برفع الأسعار تارة والتراجع عنها تارة أخرى رغم أن أسعار النفط تحديدا نزلت عالميا إلى 35 دولار للبرميل أو أقل ولا زالت في وطننا محافظة على وضعها القابل للزيادة وليس العكس من حكومة آخر زمن !!!.
ومن ينظر للعقبة العاصمة الاقتصادية في الأردن وتخبط فوضويتها في القرارات حيث لم تجد ما تلتزم به لترشيد الاستهلاك إلا المكتبة العامة حيث منع الدوام الإضافي في الفترة المسائية وهي ساعتين فقط ولموظفين فقط كما منع دوام يوم السبت وحرم بذلك المئات من الطلاب من مختلف المراحل من مراجعة المكتبة رغم مزاعم رئيس الحكومة بالاهتمام بالجوانب التعليمية والثقافية، ولا يوجد ما يهدر الملايين كما ترى المفوضية التي نهبت من العقبة بمختلف الطرق إلا إلغاء دوام المكتبة المسائي وتطبيق قوانين سكسونية عليها وجعل منتزه البلدية كما يعرف في العقبة المتواجد به المكتبة وكرا لكل الآفات بعد سحب الحراسة عليه .
لذلك وطننا في خطر وعلينا بالوحدة الوطنية بالدرجة الأولى ونبذ الفرقة والانتباه والحذر من الإرهاب الذي أوجدت له الحكومات المتعاقبة أرضا خصبة وبالتالي التحرك سلميا للتغير قبل فوات الأوان وإلا سنذكر(أكلنا يوم صمتنا على الانقلاب على الحكومة الشرعية عام 1956م )