يخطئ ويتوه من يعتقد أن الصراع الموجود في المنطقة وفي قلبها وطننا العربي الكبير صراعا دينيا أو مذهبيا أو حتى حضاريا كون جوهر الحضارة الإنسانية واحد ولكنه صراع بين مشروعين المشروع الصهيو أمريكي الذي يقوده الكيان الصهيوني ومن خلفه الولايات المتحدة والغرب .
والمشروع الآخر أبناء المنطقة العرب والإيرانيين والأتراك وان كان الأتراك وبعد سقوط ما يسمى بدويلة الخلافة العثمانية وضعوا كل أوراقهم في الغرب ونحو الولايات المتحدة الأمريكية بشكل خاص ، وتركيا اليوم كما هو معروف قاعدة حلف الناتو في الشرق الأوسط وان كانت هناك أصوات قومية داخل تركيا تنادي بإعادة النظر بسياسة التغريب والبحث عن دور في الشرق الأوسط بعد رفض أوروبا المستمر بهذه الدولة أن تكون عضوا بناديها ،وعلى رأس هذه الأصوات التركية التي أصبحت تدعو لإعادة النظر بالعلاقة مع الغرب أحد ابرز الأحزاب التركية وهو الحزب الجمهوري الذي أسسه قائد وباني تركيا ألحديثة كمال أتاتورك ، وفي ظل ذلك تختلف المشاريع بين الدول خاصة محور المقاومة ولكن هذا الخلاف الطبيعي بين ثلاث قوميات أساسية في المنطقة يستغل من قبل أعداء الأمة أفضل استغلال لهم ولأجل مصالحهم وها هي بوادر النجاح الظاهر بالاقتتال المحلي العربي العربي تحديدا حتى أصبح وجود الاحتلال كما هو في العراق وليبيا وكأنه مانعا لحرب أهلية لم تعرفها منطقتنا إلا مع دخول دعاة الحضارة والتقدم الإنساني المزعوم واحتلالهم أوطاننا وثرواتنا تحت عناوين مختلفة .
انظروا ما يحدث في العراق اليوم وكيف أصبح وجود الأميركي وكأنه مطلب لقطاع شعبي بعد اشتداد الصراع المحلي وللأسف استغل المتطرفين والخونة من كل المذاهب والأديان ذلك حتى سمعنا وشاهدنا من يطالب أمريكا بضرورة تحمل مسئولياتها ، وفي ليبيا وبعد إسقاط نظام العقيد الشهيد معمر ألقذافي لم يجدوا في الدولة الليبية تنوع مذهبي ولكنهم أوجدوا بدل ذلك الصراع القبلي الذي لا يقل خطر عن الصراع المذهبي والديني ، وها هي ليبيا تغرق للأسف بهذا المستنقع حتى أصبح طلب الناتو الذي أسقط الدولة الليبية يؤيده بعض الخونة علما أن الناتو بقيادة أمريكا والغرب السبب في مأساة الشعب الليبي ، الذي كان أكثر شعب عربي رفاهية ولكن عندما أرادت ليبيا بقيادة العقيد ألقذافي توحيد القارة الإفريقية وتوجهت بطلب عملة واحدة لكل أفريقيا دفع نظام ألقذافي رحمه الله ثمن ذلك سقوط حكمه إضافة لمواقفه القومية السابقة التي طالما أزعجت الشرق والغرب على السواء .
وجاء الدور على سوريا الدولة المدنية عبر الآلاف السنين التي أراد لها نفس المصير للعراق وليبيا ولكن كل رهانهم فشل بفضل الوعي الوطني لدى الغالبية العظمى في شعبنا العربي السوري ، وفشلت حتى ورقتهم الكردية في سوريا رغم نجاحها في العراق وتسببها في إزعاج لإيران وتركيا على السواء رغم أن تلك القومية المحترمة لا تزيد عن النصف مليون في سوريا ، خاضت سوريا شعبا وقيادة على مدار أكثر من أربعة أعوام حربا ضروس شاركت بها أكثر من مائة دولة باعتراف الأمم المتحدة ذاتها ومبعوثها السابق الذي جاءته صحوة ضمير متأخرة الأخضر الإبراهيمي الذي اعترف بأن الدولة السورية تقاوم الإرهاب والإجرام والخروج عن القانون ، وأخيرا وبعد طول ممانعة اعترف العالم أجمع بخطر الإرهاب الذي تكافحه سوريا واقتنع العالم والكثير منه بما قالته القيادة السورية منذ بدء الأزمة بأن الحل لن يكون إلا سوريا خالصا رغم إدخال مئات الآلاف من المرتزقة القتلة الذين تسللوا لسوريا وحاولوا إثارة الفتن الدينية والطائفية والعرقية ولكنهم ورغم المليارات التي دفعت لهم فشلوا بحيث يحسب لسوريا منذ عصر الاستقلال بأنها أقامت نظاما وطنيا قومي المرجعية بحيث أصبحت الهوية السورية هي الغالب على كل المكونات للمجتمع السوري ، وهذا كما أسلفت يحسب لسوريا دولة وقيادة خاصة في الأربعون عاما الأخيرة بأنها أقامت نظاما قوميا محترما .
وهناك من يقل لولا التدخل الإيراني ثم الروسي وأبطال حزب الله لسقطت سوريا وهذا غير صحيح وأصدقاء سوريا وحلفائها كانوا آخر من تدخل لنجدتها ولعل التدخل الروسي تحديدا جاء بعد أن وضع أمام الزعيم الروسي فلادمير بوتين مخططا أطلسيا لغزو سوريا ينطلق من تركيا والأردن بكل أسف وبدعم حلف الناتو الأمر الذي جعل روسيا تدخل لسوريا فورا دون تردد لأن النظام القومي في سوريا أحد اخلص واصدق حلفائها .
لذلك سيعرف الجميع حجم التضحيات التي قدمتها سوريا شعبا وقيادتها وجيشها لتخليص العالم من آفة الإرهاب وستعلم دويلات الذهب الأسود عاجلا غير آجلا بأن سوريا حمتهم من الإرهاب وسيندموا على أدوارهم الرخيصة كما ندموا وبكوا على الرئيس صدام حسين رحمه الله وهم من قدموا كل شيء لإسقاطه .
واليوم العالم عاد وان كان بخجل يعترف بأنه لا حل للازمة السورية إلا عبر السوريين أنفسهم وليس سوريين البترودولار المأجورين حيث البعض غادر سوريا قبل الاستقلال ، وغادر أغلبهم مع الاستعمار كأذناب وأتباع مع أعلى درجات القرف .
تحية لسوريا شعبنا وقيادة وجيش والفجر لاح والنصر أصبح قريبا ولا عزاء للصامتين .