الأستاذ الكبير محمد حسنين هيكل الحاضر الغائب‎

mainThumb

22-02-2016 11:10 AM

في آخر حلقات الأستاذ الكبير وفقيد الصحافة العربية والعالمية  ‏محمد حسنين هيكل التي سجلها مع قناة  ‏cbc‏ الرئيسية ضمن عدة ‏حلقات ممتدة مع الإعلامية المعروفة لميس الحديدي والتي ‏حملت عنوان (مصر أين والى أين)  وحواره الطويل (تجربة ‏حياة) مع قناة الجزيرة التي لم تكتمل   بسبب الأحداث الأخيرة ، ‏تلك الحلقات وغيرها من إمضاءات هيكل ستبقى علامات مميزة ‏ومضيئة لهذه القامة الكبيرة التي فقدناها والتي احترمت نفسها ‏وأجبرت كل من اختلف أو اتفق معها على احترام صاحبها .‏
 
 
كثيرة هي دروس الأستاذ الكبير وفقيد الصحافة العربية ‏والعالمية للأجيال ولكل صحفي في بلاط صاحبة الجلالة ، لقد ‏استمد الأستاذ الكبير مصداقيته من الجماهير العربية بالأغلبية ‏الساحقة وفي العالم من خلال أسلوبه المتميز الرشيق حيث كان ‏يخاطب الجماهير ببساطتها وليست النخب السياسية بتعقيداتها  ‏حيث بعضها عفا عليه الزمن  ولكنه استمر لحالة التصحر ‏السياسي الذي يعاني منه وطننا العربي الكبير .‏
 
‏ لم تخن الشجاعة الأستاذ الكبير يوما وقال (لا)، في الوقت الذي ‏صمت الجميع في كل العهود والعصور ، ورغم أنه ابن ثورة ‏‏23 يوليو ومؤرخها والمشارك في انجازاتها والمحذر من ‏إخفاقاتها ولكنه في نفس الوقت أول من أشار لتجاوزاتها حتى ‏في عهد الزعيم جمال عبد الناصر الذي كان فقيدنا الكبير أقرب ‏المقربين إليه وأطلق على تلك التجاوزات عبر زاويته  الشهيرة ‏‏(بصراحة)  تحت عنوان (زوار الفجر)  في جريدة الأهرام التي ‏كانت إحدى أهم الصحف في العالم مبيعا بعد أن رأس تحريرها ‏فقيدنا الكبير عام 1956 م .‏
 
وبعد رحيل الزعيم جمال عبد الناصر لجوار الله وقف الأستاذ ‏الكبير لجانب خليفته أنور السادات حتى نهاية حرب أكتوبر  ‏والذي اختلف مع السادات في طريقة أدائها رغم أنه أي الأستاذ ‏من كتب بيانها العسكري والخط الاستراتيجي لتلك الملحمة  ‏ولكنه اختلف مع السادات على كيفية إدارة نتائج تلك الحرب ‏وأثبتت الأيام وبأحرف من نور صحة ما حذر منه الأستاذ الكبير ‏والجريمة التي اقترفها أنور السادات التي لا زالت الأمة وفي ‏مقدمتها مصر تدفع ثمنها حتى اليوم.‏
 
 
لقد كان الأستاذ الكبير محمد حسنين هيكل رحمه الله أهم القامات ‏السياسية والإعلامية في وطننا العربي والعالم أجمع ويحسب ‏للأستاذ تسجيله الأمين لأحداث المنطقة وحماية تاريخ أمتنا ‏العربية ومصر تحديدا من التزوير .‏
 
‏ فقد أجمع الكثير من المهتمين بالشأن العام وحتى المختلفين مع ‏الأستاذ من المنصفين بأنه لولا الأستاذ الكبير لتم تشويه أهم ‏المحطات السياسية في وطننا العربي الكبير  وخلال مسيرته ‏الطويلة الممتدة لأكثر من سبعة عقود اختلف معه الكثيرون ‏خاصة من كتبة السلاطين والبترودولار واتفق معه الأكثر ولكن ‏أجمع كل منصف من الفريقين على احترام قامته وقيمته حتى ‏أصبح  يضرب باسمه الكبير المثل .‏
 
وما أكتبه هنا ليس رثاء للأستاذ الكبير ولكنه لمسة وفاء لمفكر ‏ومؤرخ وصحفي وأديب ساهم في صناعة وعينا السياسي ، ‏وكاتب هذه السطور الفقير لله يدين للأستاذ الكبير بتوسيع فكره ‏ومعرفته وثقافته على امتداد ثلاثة عقود من الزمن ، وأعتقد أن ‏التاريخ سيقف طويلا أمام هذه القامة التي فقدتها الأمة العربية ‏والإنسانية ، وكان رحمه الله كلما تقدم به العمر زاد عطائه ‏السياسي والأدبي والفكري .‏
 
 
لقد رحل وهو في الــ93 من العمر  ولكن عندما كان يتحدث ‏تشعر أنك أمام ذاكرة أمة فقد وصفه المؤرخ  والبروفسور ‏المعروف ( ستيفن رانسيمان) بأن التاريخ لدى الأستاذ الكبير محمد ‏حسنين هيكل له آذان وعيون .‏
 
رحم الله فقيد الأمة العربية والإنسانية وذاكرتها التي لا تموت ‏الحاضر الغائب محمد حسنين هيكل الذي اختاره الله لجواره ‏وسيكون في رحاب صديقه الحاضر الغائب الزعيم جمال عبد ‏الناصر .‏
 
تعازينا الحارة لأسرته ولكل الصحافة الحرة في وطننا العربي ‏والعالم أجمع ،فقد كان الأستاذ الكبير فقيد الجميع .‏


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد