الأردن خط أحمر والمساجد صمام أمان

mainThumb

03-03-2016 12:34 PM

تسارعت تغريدات المتعلمنين منذ اللحظات الأولى التي أُعلن عن عملية دهم أمنية ‏نفذتها قواتنا الباسلة في عروس الشمال، لتتهم الأردن بشعبه وناسه الطيبين بأنهم ‏محاضن إرهابية ولا بد من تطهير الواقع من الإرهاب الساكن فيهم.‏
 
‏ ولكن الحقيقة غير ذلك فالإرهاب طارئ على وطن عرف الحب والتسامح والتآلف ‏والتشارك والتناغم بين كافة مكوناته لعقود مضت وأعوام خلت، حتى عندما نزفت ‏بعض القروح الدامية في أوقات عصيبة وجدنا من يضمد الجراح ويداوي القروح بأيدي ‏سحرية مسحت ما تبقى من غبار الرجعية في الفكر والفئوية في النظر، ليعود الأردن ‏سليماً معافى كما عهدُنا به موئلاً للأحرار وخندقَ الدفاع  الأول عن الأمة وعروبتها. ‏
 
ولعل في كلمات البعض التي بدت تتشابك مع حالة مأزومة في المنطقة ككل يظن ‏فيها الصائدون في الماء العكر أنهم وجدوا ضالتهم المنشودة وجاء الوقت ليمارسوا ‏طقوسهم القهرية بطبيعة الأيدلوجيات الفكرية التي ينتمون لها بعيداً عن خطى الإسلام ‏العتيد والقومية الرشيدة، فأخذوا ينبهون إلى المساجد على أنها بؤر خطر وأماكن تهديد، ‏لكننا نرد عليهم فريتهم ونقول لهم إن المساجد هي صمام أمان لا مكان فيها للشر أو ‏الكراهية أو الإرهاب.‏
 
‏ لذا فإن العاقل الفاهم عليه أن ينظر بعين مبصرة وعقل رشيد أن هذه المساجد لا بد ‏أن تولى عناية أكبر لأنها المكان الذي يقصده الغالبية الساحقة من المسلمين في جميع ‏أوقات اليوم وعلى مدار الأسبوع، وذلك من خلال مراجعة المنظومة الدعوية ‏والإرشادية التي تُتَبع في مساجد المملكة بشكل كامل، حيث إن الناظر في طبيعة  ‏العمل الدعوي في المساجد يجده يتمحور حول خطبة الجمعة والتي تفتقر في العديد ‏من المساجد للكفاءات الحقيقية التي يجب أن ترتقي المنبر.‏
 
‏ لذا نجد أشخاصاً لا وزن لهم في العلم ولا في المجتمع يقفون يوم الجمعة يقرأون ‏خطبة هم أنفسهم لا يملكون آليات لتنفيذ بنودها، وعندما يعودون لحياتهم العادية لا ‏يراهم الناس في الغالب ممن يطبقون هذا الهدي الذي تفضلوا به عليهم....‏
 
وهنا أجد نفسي كمواطن أردني وكمسلم غيور على ديني ووطني ومجتمعي أن أقرع ‏ناقوس الخطر في وجه القائمين على عملية الإرشاد في المساجد من الذين يضعون ‏الخطط ويرسمون التصورات، أن يستدعوا الجمع الغفير من علماء الأردن ويطلبوا منهم ‏بشكل مباشر أن يعملوا على توجيه الخطاب الديني في المساجد، ذلك الخطاب الذي ‏يكون بمثابة الدواء الوقائي من أفكار المتطرفين والمنحرفين والموتورين ممن يزعمون ‏أنهم يحملون فكراً أو لهم اتجاه معين.‏
 
‏ فعندما يرتقي العلماء المنابر سيغيب كثير من أولئك المتخفين تحت أستار الظلام، ‏والذين لا يرون في الواقع إلا فرصة لتحقيق أطماعهم أو التنفيس عن أحقادهم وسط ‏هذا المجتمع الآمن المطمئن...‏
 
لذا فإنني أناشد جلالة الملك عبد الله الثاني حفظه الله ورعاه أن يطلق هذه المبادرة وأن ‏يضطلع بهذه المهمة الجسيمة –كما عهدناه دائماً- لأن أهميتها لا تقل بشيء عن ‏أهمية الحضور الأمني والعين الساهرة، حيث إن تحصين العقول والقلوب أهم من ‏تحصين الدروب والحدود، فالمواطن الواعي العارف المدرك المتمسك بمرجعياته الدينية ‏من العلماء والمفكرين الأفذاذ، وقيادته السياسية الرشيدة هو بالفعل رمانة القبان –كما ‏يقال- في استمرار الأمن وديمومة الازدهار، جنباً إلى جنب مع نشامى الوطن وحماة ‏الديار، حمى الله الأردن عزيزاً مصاناً بعيدا ًعن كل الشرور، رحم الله شهداءنا الأبرار ‏وأسكنهم فسيح جناته. ‏


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد