لا شك أن العملية الإرهابية الإجرامية التي تم إجهاضها في اربد عروس الشمال ونتج عنها استشهاد الرائد راشد الزيود وجرحى من رجال الأمن وبعض المواطنين ، تطرح علينا مراجعة شاملة لسياساتنا .
فالإرهاب فكر ظلامي منحرف وموجود لدى كل المجتمعات البشرية وليس له علاقة بدين أو مذهب ، وهو لا يجد نفسه إلا في البيئات الفقيرة والمهمشة وهو أي الإرهاب فكر منحرف عن صحيح الأشياء وبالتالي الصراع معه فكريا بالدرجة الأولى ويبدأ من تحقيق العدالة الاجتماعية وحكم دولة القانون والمؤسسات والفصل بين السلطات وتفعيل دور المجلس التشريعي وجعله ممثلا للشعب لا ممثل عليه وذلك باستحداث قوانين عصرية وليس سلق القوانين كما هو اليوم ، بحيث أصبحت المجالس النيابية ومنذ هبة نيسان عام 1989م ، التي جرى الالتفاف عليها عبئا على الوطن والمواطن ولا تمثل إلا من هم مستفيدين من الفساد والإفساد والنتيجة ازدياد السخط الشعبي على صناع القرار وانتشار الفساد والإفساد ، حيث يعلم اللصوص الكبار منهم أنهم مسنودين بالقانون وبالتالي زادت الفجوة وبعدت المسافات بين النظام ككل والشعب من الجانب الآخر .
وفي مثل هذه المستنقعات من الجهل والتجهيل وجيوب الفقر والحرمان يجد الإرهاب ودعاته ضالتهم المنشودة بأرض خصبة وعقول فارغة مستعدة للانجرار بعد أن ضاقت عليها الدنيا بما وسعت حيث تجد بالإرهاب وكأنه انتقام من المجتمع ككل والظلم تحت مسميات ما أنزل الله بها من سلطان كالتكفير والبعد عن الله وكل جاهل يفتي ويكفر كما يشاء .
وبهذه الأمراض يوجد الإرهاب خاصة إذا توافق ذلك مع حقائق على الأرض بكل أسف كغياب الحريات وتهميش دور القوى الوطنية من مختلف الاتجاهات حتى أصبح التطرف أو اللجوء للانتهازية لديكورات على شكل أحزاب لا يهما إلا اليافطات والأسماء التي لم تعد لها من الحقائق إلا العناوين الفضفاضة وتنتظر ما أسموه بدعم الأحزاب سنويا أو شهريا .
العملية الإرهابية في عروس الشمال هي جرس إنذار ومحطة لمراجعة أنفسنا والنقد الذاتي بتحالفاتنا السياسية وأين منها مصلحة وطننا العزيز في جو ومحيط من حولنا مشتعل ، لذلك علينا أولا بالوحدة الوطنية والانتباه لمن يحاول استغلال أي ثغرة نتيجة السياسات الفاشلة ، ويسيء لوحدتنا الوطنية كشعب واحد متساويين بالحقوق والواجبات وضرورة تفعيل المشاركة الشعبية وكفانا وصايا الأخ الأكبر الذي أجادته الحكومات المتعاقبة بشكل فعال وأن يعلم الجميع أن الوطن لا يحميه إلا أبناءه وبناته والمصالح العليا للوطن لا خلاف عليها خاصة أمن وسلامة الوطن واستقراره الذي هو القاسم المشترك لكل أحرار وحرائر الوطن .
قاتل الله الإرهاب ودعاته فقد أساءوا والله لروح الجهاد المتمثلة بالدفاع عن الوطن والأرض والعرض ضد أي عدوان خارجي ولكن نتساءل ما هذا الجهاد المشبوه الذي يستهدف المدنيين الأبرياء ولم يسلم من شره حتى بيوت الله الآمنة في بعض دول الجوار الشقيقة .
لذلك حادثة اربد عروس الشمال الإرهابية تتطلب منا وحدة الصف كما أسلفت وإعادة الحسابات وممارسة النقد الذاتي بشكل فعال في تحالفاتنا وممارساتنا ، وعندما يتعرض الوطن وأمن المواطن لخطر لا سمح الله ليس هناك معارضات وإلا تكون لها أسيادها في الخارج كما حصل مع العراق الشقيق وليبيا قبل الاحتلال وسوريا اليوم .
حمى الله وطننا العزيز الأردن وبارك جهود كل مخلص لوطنه وأمته ودافع عن ثرى هذا الوطن ، ونحن نختلف فيما بيننا وهذا أمر صحي وطبيعي ولكن في الدفاع عن الوطن كل الأحرار والحرائر هم جنود لوطننا ، رحم الله الشهيد راشد الزيود وعزاؤنا لأهله وذويه وزملائه وكل الوطن ، فقد استشهد وهو يدافع عن ثراه المقدس ، ولا نامت أعين الجبناء .