كيف وصل هؤلاء إلى المقصلة ؟

mainThumb

06-03-2016 09:30 AM

 عندما قرأنا أسماء من قتلوا في الحملة الأمنية الأخيرة فوجئنا بأنهم  أردنيون ‏وأبناء عائلات لها حضورها في الوطن، تملكنا الاستغراب لحظات والدهشة كذلك، لكن ‏السؤال الذي بات يلح على كل متابع لهذا الأمر: أين دور المجتمع والدولة في حماية  ‏الشباب؟ .‏

 
أين دور العشيرة والأسرة المدرسة والجامعة والمركز الأمني؟ ألم يتعرف أحد فيما ‏مضى من أيامهم وهم بين أهليهم إلى أنهم ينزلقون صوب الهاوية؟ ألم يسمعهم ذووهم ‏وجيرانهم وهم يتحدثون ولو بصمت عما يدور في خلدهم؟ ألم يجدوا في أغراضهم ‏وبعض تصرفاتهم ما يثير دهشة أو يفتح باب الاستغراب؟ ....‏
 
أسئلة كثيرة يمكن أن تطرح لكنني اليوم في مقالي هذا لا أدق ناقوس الخطر فقط ‏‏– كما في مقالي السابق: الأردن خط أحمر والمساجد صمام أمان- ولكني ألوح ‏بالاتهام لمجتمع بكامله يعيش فيه أفراده ولا يشعر بعضهم ببعض، وألقي باللائمة على ‏أولئك الذين يتصدرون الجاهات في الصلحات والعطوات العشائرية لأقول لهم أين أنتم ‏من هموم مجتمعاتكم وآهات أبنائكم وهم ينسلون من عباءة الوطن ليكونوا خارجين عن ‏اللحمة بعيدين عن شرف العروبة وميثاق الإسلام. أين أنتم وهم يحتفلون بصمت ‏بموت آخر مشاعر الرجولة في نفوسهم وحسن الجوار وطيب المعشر تجاه من ‏يساكنونهم ويشاركونهم الماء والهواء والتراب؟ أين أنتم...؟
 
أين نحن جميعاً منهم؟ أين الدعاة الذين ينمقون الكلمات ويظهرون  على ‏الشاشات؟ أين المعلمون الذين يقولون أنهم حملة مشاعل الحرية والتنوير معاً؟ أين ‏الأجهزة الحكومية بمختلف اختصاصاتها من اقتفاء أثر أولئك لا من أجل أن يضعوهم ‏في السجون ولكن من أجل أن يعيدوهم إلى رحابة الحياة وفسيح الإنسانية؟ أين هي ‏الأجهزة الحكومية التي تعمل ليل نهار ليس فقط لإحباط مخططاتهم بل إلى تحويلهم ‏إلى جنود للوطن ودرء الفتنة وقتل الغدرة قبل أن يفكر أولئك بأن يكون في ذلك ‏الصف أو ذاك؟...اليوم ونحن نقدر للأجهزة الأمنية بكافة طواقمها ما قامت به من ‏حرفية واقتدار نتيجة سهر وتعب ومراقبة وتعقب، أقول كذلك لهم: إن ثغرة في ‏منظومتنا الأمنية اتسعت حتى وصل الخارجون على  الدين والعرف إلى شبابنا الذين ‏ولدوا منا ورضعوا حليب أمهاتنا وأكلوا خبزنا ودرسوا على نفس مقاعد دراستنا، وشموا ‏هواء إربد العليل وعبير الأردن الجميل، وتنسموا ذكريات  اليرموك العذية والكرامة  ‏الشذية. نعم إن الخرق الأمني كان كبيراً لو استطاع أولئك أن ينفذوا عملياتهم، لكن  ‏الخرق الأكبر والأخطر هو : كيف وصل (الدعاة على أبواب جهنم) إلى ابنائنا أولئك؟ ‏كيف اخترقوا دفاعاتنا المحصنة بالدين والعرف والأسرة والعشيرة والأجهزة الرسمية؟ ‏‏....لن استطرد كثيراً...ولا احترف اللوم كما لا احترف التنظير، ولكني أقول: لا بد من ‏مراجعة المنظومة الوطنية لا المنظومة الأمنية، لأنه لا يوجد ما يسمى بالمنظومة ‏الأمنية بعيداً عن المنظومة الوطنية، فدور الأسرة والعشيرة والحي والمجتمع والمدرسة ‏والمركز الأمني والجامعة والحكومة وكل شيء...حتى المارة في طرقاتنا يجب أن ‏يتحملوا المسئولية، لأنه حتى للطريق على المارة حق، ومن حقه إن نميط الأذى عنه، ‏فما بالكم إذا كان الوطن هو المهدد والمعني بالخطر....أقولها وللمرة الألف: لا بد من ‏مراجعة المنظومة الوطنية في التعليم والتربية والعيش الكريم والكرامة!!! فلن يتمكن ‏الأعداء من اختراق حصوننا إذا ما تم  تأمينها بالصورة المناسبة....فيا سيد البلاد كما ‏عودتنا وأنت حامل مشعل الكرامة والحرية لأمة...الوطن كله يناديك لتحمل مشعل ‏التجديد والتصويب لهذه المنظومة، حتى تصبح أكثر شمولية وأعمق أثراً في بناء جيل ‏الشباب، وقود معركة التحرير والبناء والتنمية، لأن الخطر الداهم لا ينفع معه قولة ‏القائل: يا ريت....حمى الله الأردن تراباً وشعباً وقيادة....وكل بلاد المسلمين...وأدام ‏نعمة الأمن والأمان...‏


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد