أنفاس الحياة

mainThumb

20-03-2016 11:32 AM

كان جالساً في زاويةٍ مظلمةٍ يتمتم ببعض كلمات لا أفهمها، رغم أنه قريب اقتربتُ أكثر عسى أن أفهم ما يقول فإذا كلماتُه آهات تتابع بعضها ولا تنفصل.
 
حملتُه إلى سرير الأماني و أسقيتُه من ماء الأمل فما كان من آهاته إلا أن اعتلتْ وزادَ ضجيجُها في قعر أسماعي حاولتُ محاولةً بعد أخرى لعلني أخفِّفُ من أنينه، آخر محاولة أنني قطفتُ وروداً ملونة بألوان الحياة مشربة بعطر الأنفاس، فقدمتُها له إلا أنه لم يهدأ ولا يفتأ يئنُّ ويئنُّ فتكاد أناَّته تلامسُ سمع روحي بل تضربه! حدثتُه عن أسرار الأمل أخبرته بخبر الحياة و أنها كانت يوماً بين جنبيه تتنفَّس ... فلم يلتفتْ لصخب نداء الحياة المتمثل في صوتي .. لم أعدْ أتمالك روحي .. أحسستُ أنني ما عدت أحمل قلبي .. لكنني اتكأتُ علي يده و حملتُه بقوة .. قائلة ً له : يا عزيزي ألم تضطرم أنفاسك من نار الأنين ؟ ألم يؤذي أحشاءك ضجيجه؟ .. حاول أن يقوم .. أسند كتفيه على حافة سرير مزيَّن بالورود ، لكن سرعان ما انهالتْ أكتافُه و عادتْ مستلقية ً خائبة ً مثل آمالي في تلك اللحظة .. اقتربتُ منه أمسكتُ يديه فإذا هما شعلتان من نار الأسى .. حاولتُ أن أطفئ حر الأنين في أنفاسه ببرد همساتي ، و سألته : ماذا أفعل لأعيد لك أنفاس الحياة؟
 
حرّك شفتيه اللتين صامتا عن الكلام دهراً .. حاول أن يجيب فلم يستطع .. فأشار بيدٍِ ترتجف لوعة ً إلى كوب الأمل بجانبه ، ثم أشار إلى الورود .. حاولت أن افهمه .. حتى صحوتُ من محاولتي هذه بصوته يقول : لا تتنفس الكائنات بغير حركة .. بغير عمل تنهض به لتحيا .. فالعمل هو أنفاس الحياة .. اندهشت أركاني بما سمعت ،و تلعثم لسان غفلتي .. فلم أحر جواباً ، ثم أردف قائلاً: الكلام والورود والأمل ليس بها وحدها يحيا المرء .. قلتُ: صدقتَ أيها الحلم .. العمل سر البقاء .. العمل أنفاس الحياة هو أنفاس الحياة.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد