شاءت المصادفات الرائعة أن تجتمع مناسبتان أو حدثين عظيمين في يوم واحد في وطننا العربي الكبير وبلادنا الأردن تحديدا ، وهما يوم الكرامة وعيد الأم ، الأولى كانت ملحمة عربية عظيمة سطرها جيشنا الأردني البطل وأشقاءه الفدائيين الفلسطينيين البواسل واستطاعوا بذلك جعل المستحيل ممكنا والحلم حقيقة .
وأن الوحدة رديفا للقوة والتفوق ، وفي ذلك اليوم الخالد من تاريخ الأمة عبر جيش الكيان الصهيوني الحدود الأردنية مع فلسطين العربية المحتلة قاصدا بلدة الكرامة الأردنية والقضاء على الفدائيين الأبطال أي ما كان يسميهم بالإرهابيين وهم الشجعان الذين حملوا أرواحهم على أكتافهم في كل عملية ضد الكيان المجرم حتى عرف ذلك العدو القاتل أن الحرب سجال وهزيمة معركة ليست نهاية التاريخ .
وكان جيش العدو وقادته أشبه بوزير الإعلامي النازي جوبلز صاحب شعار اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس وحتى تصدق نفسك ، وهكذا كان العدو الصهيوني وقادته وهم يعبرون نحو بلدة الكرامة مغترا ذلك العدو بنكسة حزيران الأليمة مصدقا نفسه أنه أنتصر بمفرده وليس بالتخطيط والدعم الغربي والأمريكي بشكل خاص المباشر منه واللوجستي حتى قال النازي المجرم موشيه ديان قائد تلك العملية بأنه ذاهب إلى نزهة عسكرية يقضي على الإرهابيين ويجلب من يستسلم منهم أسرى ورئيسة وزرائه جولدا مائير كانت هي الأخرى تقول عندما عبرت قوات العدو نحو الكرامة أنها تشم رائحة أجدادها المزعومين القادمة من خيبر ولكن ما هي إلا ساعات حتى فوجئ العدو وقادته بمقاومة أردنية فلسطينية حيث تصدى الفدائيون الأبطال والجيش الأردني الباسل بقيادة أسد الكرامة وقائدها الفريق الألماسي مشهور حديثة ألجازي وما هي إلا ساعات حتى أفقدوا العدو اتزانه ونفسوا غروره وسحقوا الكثير من قواته واجبروه بالرجوع والهزيمة القاسية وعاد يجر أذيال الفشل والهزيمة .
وكانت معركة الكرامة أول انتصار عربي رسمي على الكيان الصهيوني.
واضاف يوم الكرامة معنوية جديدة للجندية العربية المقاومة في كل مكان ورسالة أن الصدق والإيمان والوحدة هم الطريق الوحيد للنصر والتحرير وأن هزيمة العدو ليست مستحيلة ولكنها الممكن والأكيد عندما تتوفر العوامل الثلاثة التي أشرنا إليها إضافة للقيادة الفذة التي تمثلت في ذلك اليوم الخالد بالفريق مشهور حديثه ألجازي رحمه الله ، ومن المفارقات المحزنة التي تدمي القلب أن ذلك الرمز لم ينل ما يستحق من تكريم يليق بنضاله وصموده في ذلك اليوم الأغر عندما لم ينتبه لكل القرارات التي وصلت إليه بترك العدو وكان كل تفكيره بمعركته وهزيمة العدو أو الاستشهاد دون ذلك وتلقين ذلك العدو المتغطرس درسا لن ينساه ، ومن المفارقات أيضا المحزنة أن يكرم ألجازي في كثير من الدول الشقيقة ولا يكرم في وطنه بما يليق به وهذه مفارقات محزنة ونحن نحتفل بالكرامة ويومها وينسى القائد والرمز لذلك اليوم الخالد .
أما عيد الأم الذي أجمعت عليه البشرية ليكون تكريما للمدرسة الأولى في حياة الإنسان فقد جاء في وطننا متزامنا مع نفس يوم الكرامة ورتب ذلك المقادير الإلهية لتعطي أهمية للمرأة وهي الأم والأخت والزوجة في حياتنا فهذه الأم هي المدرسة الأولى التي أخرجت لنا الفدائي البطل المتمسك بأرضه ووطنه كما هي نفس المدرسة التي أخرجت لنا الجندي الأردني البطل من القائد الفريق مشهور حديثه ألجازي بآخر جندي وفدائي تشرف بالمشاركة بتلك الملحمة الخالدة .
ومن المفارقات المدمية للقلب قبل العين أن تقام احتفالات أمانة عمان قبل عام بتكريم فنانة عربية كأم مثالية بدلا من أمهات الشهداء في تلك الملحمة وغيرها ولكن الأمر أكثر من طبيعي عندما نرى أن يحتفل بالكرامة هو نفسه صاحب عار وادي عربة وقبلها أوسلو وأمهم اللقيطة كامب ديفيد .
كل التحية والتقدير لجميع الأمهات في العالم والعربيات بشكل خاص ، ولكي يا أمي التي شرفكي الله أن يكون ابنك البكر عبد الله شقيقي الأكبر شهيدا في حرب حزيران يوليو عام 1967 م ، الرحمة والمغفرة لكي يا أمي ولكل الأمهات والعزة والكرامة للجنود والشهداء في يومهم العظيم .
والمجد والخلود لشهداء الكرامة من الجيش الأردني البطل والفدائيين الفلسطينيين الأبطال ولا ننسى قائد الكرامة ورمزها العظيم الفريق مشهور حديثة ألجازي الذي قاتل بشرف وكرامة وكبرياء ولم ينتظر فيما يراه إلا واجبه الوطني والقومي والديني والأخلاقي ، ولكن التاريخ الذي أنصفه وسينصفه أكثر ، وتحية لكل القابضين على جمر القيم والمبادئ في زمن أشباه الرجال والباحثين عن مجد وهم لا مجد ولا كرامة لهم ولا نامت أعين الجبناء .