زمزم وحاجز القواعد الشعبية

زمزم وحاجز القواعد الشعبية

28-03-2016 11:32 AM

استطاعت مبادرة زمزم - التي  تتحول إلى حزب سياسي  حاليا - أن تخرج من شرنقة المناطق ‏الرمادية في الطرح ، حددت زمزم بوصلتها بوضوح،زمزم من طين هذا الوطن وتعمل لهذا ‏الوطن   قامت بترسيم علاقتها مع مؤسسة القصر بخطاب واضح لا يشوبه شائبة وتكلمت ‏بوضوح بان القصر ورأس النظام  هو الضامن للسلطات في هذا البلد ، حددت موقفها من ‏الديمقراطية بصورتها  الغربية  بوضوح وأنها  تؤمن  بالديمقراطية والتعددية إيمانا مطلقا دون ‏تحفظات  لديها، بوصلة واضحة حول المرحلة الانتقالية والتي ترى أن الأردن  يعيشها حاليا وان ‏مفهوم التشاركية  لا المغالبة هو الأصل في هذه المرحلة التي قد تمتد لسنوات حتى تتحول الدولة ‏إلى الاستقرار الديمقراطي حينها يكون دور المغالبة وحكم حزب الأكثرية ،  لم تماري في موقفها ‏من تسخير الايدولوجيا الدينية في العمل السياسي ورفضتها بالمطلق وتبنت مدرسة  البرامج على  ‏مدرسة الشعارات موقفها واضح من دور المرأة ودور الشباب  وطرق ووسائل الإصلاح  زمزم ‏عالجت المربعات والخطابات الرمادية إلى  الوضوح  بكل شفافية وجرأة وخطى ثابتة .‏
 
استطاعت زمزم أن تحقق انجازا لافتا من خلال اللقاء التحضيري الذي عقد في قصر الثقافة مساء ‏السبت الماضي كثافة الحضور وتنوع الحضور والنخب السياسية كان مؤشر أولي على قدرة زمزم ‏وإمكانية النجاح ، إلا أن زمزم الآن أمام تحدي كبير جدا  لن تخرج منه إلا إذا  تجاوزت في ‏بناءها الحزبي  حاجز 5000 عضو كحد ادني  من شتى الثقافات والمناطق والطبقات  الاجتماعية ‏قبل أن تشارك في أي عمل عام أو تنطلق في تطبيق أي برامج لها وهذا  التحدي هو الذي  يجب ‏أن يؤرق القائمين على زمزم ويشغل حيز كبير من عملهم  .‏
 
تبدو الجامعات ومدارس الثانوية البيئة الخصبة والتربة السخية التي  يمكن أن تتمدد بها زمزم ‏لتمد هذا الحزب الوليد  بالروح والطاقة والنجاح والدافعية والاستمرارية إذا ما أرادت زمزم أن ‏تنهض  بمشروع وطني جامع  ينقذ الأردن من الحال التي  يعيشها ففي  شباب الجامعات الحماسة ‏والعزم وشدة الإيمان  بالأفكار وسعة الأفق والثقافة والتخطيط للمستقبل .‏
 
بدايات التأسيس تفرض على زمزم اليوم أن تتحول بمعظمها إلى  قسم للتنظيم والتعبئة  الحزبية ‏قسم يعمل بلا كلل ولا ملل بجدول زمني محدد  في الوصول إلى الحد الادني للانطلاق لأي عمل ‏عام في المجتمع بحد أدنى لا يقل عن حاجز 5000 عضو عامل ونشيط  .‏
 
قد يكون من الأفضل لزمزم مرحليا فتح المقرات الخاصة بالحزب أمام كل  جامعة أردنية من ‏أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب وتحويل المقرات الحزبية إلى مقار للتنظيم والتعبئة الحزبية ‏وتكوين الأسر الحزبية من الجميع طلاب والطالبات ، اسر وخلايا حزبية  تنعقد بشكل  شهري  ‏وفق تسلسل تنظيمي يضمن الارتقاء والتأهيل السياسي بالأعداد المنضوية تحت هذا الحزب  ‏وتكون الانطلاقة الأولى للعمل العام  في زمزم من باحات الجامعات واتحادات الطلبة ثم التدرج ‏خلال عقد كامل للمشاركة في كل المواقع السياسية في هذا البلد .‏
 
قد لا يفوت صناع القرار في زمزم أن المشاركة في الانتخابات البرلمانية في الخريف القادم قد ‏يكون له مضار أكثر من المكاسب  إذا ما كانت قواعدها الحزبية تحت حاجز 5000  شخص، ‏وان أي إخفاق في تحقيق مكاسب مؤثرة في مجلس النواب سوف يعمق الانطباع والتفكير القائم ‏عند كثير من المترديين والجالسين على مقاعد الانتظار بأن مصير زمزم سيكون مصير الوسط ‏الإسلامي  نخب  سياسية معزولة عن القواعد الشعبية وهذا فخ على زمزم أن تعيه وتتجنبه  ‏فالانطباع الأول أكثر انطباع مؤثر ويرسم النجاح والفشل ويحدد المصير والمستقبل عادة  . ‏
 
زمزم اليوم  يتعلق بها مصير تجارب الانفتاح والتنوير التي  تخوض معارك شركة مع المدارس ‏التقليدية المحافظة التي تقعد للخطاب المنغلق المتخوفة والمتوجسة والمخونة لكل ما هو حولها ‏ومشككة فيه .‏
 
إن نجحت زمزم نجح المشروع المدني الإصلاحي وتقهقرت المدرسة التقليدية وكان لنجاحها ‏شرارة نور سوف تنتشر في بلاد الشرق عموما بعد أن نجحت في دولتين من المغرب العربي ‏تونس والمملكة المغربية .‏


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد