عندما يصبح الإعلام خنجرا في خاصرة أمته

mainThumb

02-04-2016 03:16 PM

يحيرنا كثيرا التغير الذي حدث للشارع الأردني تحديدا في القضايا العربية ، والحقيقة أن ذلك ليس بسبب إعلامنا الأردني الذي أعتقد أنه في واد خاصة الإعلام الرسمي منه والشعب في واد آخر ، ولكن بسبب إعلام الفورة التي طفحت على السطح وفجأة وفي لحظة من حالة التصحر السياسي والفكري الذي طال بأمتنا وشعبنا أكثر من اللازم.


في ظل ذلك خرج علينا ذلك الإعلام القادم من أرض الملح والذهب الأسود ليطرح علينا ما اعتبرناه فتحا مبينا في ذلك الوقت كالحوار الحر والرأي والرأي الآخر بعد عقود من إعلام التحجر الرسمي الذي كانت عناوينه معروفة (ودع أكد استقبل أنجز وووووالخ) رغم أن هذه الانجازات المزعومة لم تتعدى حناجر الإعلاميين في الإعلام المسموع والمقروء على السواء .


لذلك استقبلنا إعلام الفورة النفطية ومع عصر التكنولوجيا بمزيد من الحماس ونسينا في ظل ذلك حقائق الأشياء وحركة التاريخ ودروسها وعبرها ، وبأن الأشياء العظيمة لا يمكن أن تأتي عبر الوسائل المشبوهة ومع ثورة الاتصالات العالمية رأينا ما يحدث في عالمنا العربي وماذا يقول الحكام في لقاءاتهم التي يسمونها قمم ووصل لمواطننا العادي حقائق الأشياء حيث لم يعد هناك ما هو مخفي ولذلك ارتفعت شعبية قادة عرب كالرئيس الشهيد صدام حسين وبشار الأسد ومعمر ألقذافي وقادة المقاومة من كل الاتجاهات وعلى رأسهم سماحة السيد حسن نصر الله الذي في لحظة من اللحظات فاقت شعبيته الحكام في كل  الشعوب وأصبح شعبنا تصله أدق التفاصيل وقامت قنوات الذهب الأسود ما هو مطلوب منها حتى أصبح بعضها ولا نريد ذكر أسماء مقصدا أو حتى محجا لكل مثقفي الأمة ورموزها الفكرية والثقافية .


ولكن فجأة خرج علينا كما هو مخطط ما يسمى بالربيع العربي الذي لن نقول عنه بعد أكثر من خمسة أعوام أكثر مما قاله داعميه وصناعه فهو كلمة الحق التي أريد منها الباطل كما قال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وإذا بأغلب شعبنا ينتقل من النقيض للنقيض وبدلا من سقوط أنظمة الاعتلال العربي حيث بدأت الأحداث في أكثر تلك الأنظمة دكتاتورية كنظام زين الشيالين في تونس والمتصهين حسني مبارك في مصر الذي وصفه أحد القادة الصهاينة بكنز إسرائيل الاستراتيجي ، ولكن الأحداث سرعان ما انحرفت بخبث ودهاء سياسي وتلك قصة أخرى تحتاج لمجلدات كبيرة ، وهنا جاء دور الإعلام الإعرابي المتصهين العادي لشعبه وأمته .


نعم يوجد لدينا ملاحظات كثيرة على الأنظمة العربية جميعها دون استثناء بما في ذلك الأنظمة التقدمية المعادية للاستعمار ، وهناك الكثير ما يجب مراجعته وتصحيحه ، ولكن لم يكن هناك ثورة أو حتى حالة ثورية وهنا لعب الإعلام الصهيوني الناطق بالعربية دوره ووظفت مليارات الدولارات على ذلك الإعلام المسموع منه والمقروء وحتى شبكات التواصل الاجتماعي  وجرى غزو فكري ممنهج ونجح أكثر مما توقع حتى أصحابه بكل أسف حيث تحول نظام العصور الوسطى كأنه حاميا للإسلام والمسلمين وجرى شيطنة محور المقاومة ولا سيما سوريا العربية وقبلها ليبيا  وإيران عندما كانت تحت حكم الشاه المخلوع كانت أقرب الأصدقاء لإعراب بني صهيون وذيولهم من كتبة البترودولار ،واليوم وبعد صورتها الإسلامية أصبحت إيران هي العدو وليس الكيان الصهيوني رغم أنها أغلقت السفارة الصهيونية وأقامت على أنقاضها سفارة لفلسطين ورفضت وترفض الاعتراف بالكيان الصهيوني الذي اعترفت به معظم الدويلات العربية بالسر والعلن تلك التي تناصب إيران العداء اليوم ، كما دعمت إيران المقاومة الفلسطينية واللبنانية وأعلنت سياستها المعادية لأمريكا باعتبارها رأس الأفعى أو الشيطان الأكبر  كما أسماها الإمام الخميني رحمه الله ، كما جرى شيطنة كل المقاومة الوطنية وعلى رأسها حزب الله .


لذلك جاء ما يسمى الربيع العربي لكي يقلب الحقائق ويحاول معاكسة حركة التاريخ وواقع الجغرافيا ,ورغم  التغير والتبدل الكبير في مزاج الشارع العربي إلا إن هناك حقائق على الأرض لا تتغير والحرب النفسية والإعلامية مهما كانت قوتها لن تستطيع  إن تغير حقائق الأشياء  ولعل الفضل  لله أولا  ثم صمود سوريا شعبا وقياده وجيشا  وأصدقاءها في العالم وفي مقدمتهم روسيا وإيران والصين وبالطبع حزب الله .


ومع الأسف نحن الأمة الوحيدة في العالم التي ثرواتها كثيرة ولكنها أصبحت وباء عليها والكثير من الإعلام الناطق بالعربية باسمنا أصبح خنجرا مسموم في ظهورنا ونحن أهم الأمم على وجه الأرض ولكننا نخشى من أماكن قوتنا نتيجة سياسة أنظمتنا الفاشلة  ،فهل دول العالم الكبرى التي تخاطبنا بلغتنا ولديها محطات موجهة لنا تبث على مدار الساعة تبث من فراغ أو من اجل عيوننا ، إننا الأمة الأهم في واقع الجغرافيا ولذلك وجه إلينا كل إعلام العالم بلغتنا وكل حسب مصلحته ولكن متى نرى إعلام العرب من أجل وحدة العرب وكرامة العرب ، ولا عزاء للصامتين .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد