من أين؟ - حياة أبو فاضل

mainThumb

07-04-2016 10:02 AM

نأتي لكم بالوقت يا أصحاب الألقاب العثمانية المضحكة المبكية، تظنون أنها تضفي عليكم احتراماً، صار زائفاً بعدما خسرتم حقكم في ثقة مواطنين لطالما خدعتموهم وأنكرتم حقوقهم وحقوق أطفالهم في عيش كريم ومستقبل سليم، فهاجر أكثرهم وأفرغتم الوطن من أهله ومن مبادئه ومن اطمئنان الى آتٍ سيكون خارج قبضتكم الجاهلة؟
 
 
ومثلكم كُثُر في شرق أوسط عربي غير متوازن، ينتمي أبناؤه الى مساحتين، مساحة الدين ومساحة الحياة ومطالبها على الأرض.
 
 
ومتى يتكلم هذا الإنسان عن أكثريات وأقليات دينية، تعرف كم أنه متخلّف على سلم الحضارة البشرية، وكم هو فريسة سهلة لإنسان حضارات متطورة أكثر منه، غرباً وشرقاً، تلعب على أوتار انقسامه المذهبي، البدائي ليظلّ على عداء "أخوي" يؤدي الى دول عربية ضعيفة، يسهل اقتحام حدودها وسلاحها ووحدتها. هكذا كان الجزء الأول من برنامج سايكس وبيكو التقسيمي، واليوم نشهد على الجزء الثاني التفتيتي منه، وأنتم يا حكّامنا تعلمون وتختبئون وراء كذبكم وتأجيلكم وخداعكم.
 
 
وحال شرق أوسطنا الجديد خير مثال على غباوة مدنية مذهبية، لا تحترم الإنسان ولا سبب وجوده على كوكب الأرض. وكما يدخل هذا الإنسان ميدان المنافسة التي توفر له كنوز الأرض تحت شعار القوميات والولاء لها وللدين، ينقسم المجتمع الى موالاة ومعارضة وشعارهما افناء الآخر بأي ثمن، فتدمّر الأوطان وتشرّد الشعوب، وتسيل دماء مذهبية راوية أرضاً ما أرادت يوماً أن ترتوي سوى بماء الحياة، عنصر من عناصر الوجود الحاملة سرّ فرح الحياة.
 
 
من أين نأتي لكم بالوقت يا حكامنا الأبطال لتتعددوا بعد، وتستريحوا، وتأخذوا كل دقائق زمن ما دقّت الا لتستكين قلوبكم الى هدوء بلا مطلق انجاز وبلا تضحية، وبلا طموح لجعل الحياة نافذة وعي متطوّر، متجدد، يتخطى ماض ما زال يكبّل مسيرة إنساننا، فلا يتقدم ولا ينفض عنه غبار فهم قديم لنبض الوجود؟
 
 
هناك لبنانيون تخطوا فخ تداخل الأديان في المسيرة السياسية للوطن، لا تهمهم الأكثرية المذهبية، ولا تقسيم السلطات بين هذا المذهب وذاك، وقد أدّى هذا الى اهتزاز التركيبة المذهبية الوظائفية في مقدمة لقسمة مذهبية آتية من رحم مؤامرة يهودية، سايكس بيكوية أخضعت بلاد الشام لعملية شلل "مذهبية" أدّت الى دمارها في القرن الحادي والعشرين... أما حكامنا فلا يهتمون الا بما يضيف الى كنوزهم المنقولة وغير المنقولة، وعبثاً فتّشنا عن صاحب لقب عثماني واحد يقدم استقالته من تركيبة فاسدة، فاشلة، تفككت وانهارت معها الجمهورية "اللعبة".
 
 
و"اللعبة" ليست لعبة وقت، بل لعبة لا مبالاة وقحة، ابنة ضمير أسود لا يستفيق.
 
 
صحيفة "النهار"


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد