انتفاضة 17 نيسان هل يعيد التاريخ نفسه ؟

mainThumb

26-04-2016 08:53 AM

في السابع عشر من نيسان الجاري مرت على وطننا العزيز ‏الذكرى الثامنة والعشرين لانتفاضة 17 نيسان المجيدة عام ‏‏1989م ، في ظروف متشابهة ، وكأن تلك الانتفاضة التي كان ‏شعبنا سابقا لأشقائه في طلب الإصلاح والتغيير الديمقراطي ، ‏وكانت انتفاضة وطنية حقيقية على الفساد والإفساد والاستبداد ‏حامي كل تلك الآفات وان حملت عناوين ذات مفهوم  معيشي ‏كالاحتجاج على رفع الأسعار وزيادة المديونية وحكومات الفساد ‏، وطالبت تلك الانتفاضة بأن يكون الشعب هو مصدر السلطات ‏كما ينص الدستور المهمش والممنوع من المداولة ممن يدعون ‏الحرص عليه وحتى وهم موجودين بموجبه .‏
 
إذا شعبنا لم ينتفض يوما بأجندات خارجية كما تدعي السلطات ‏دائما في اتهام كل تحرك جماهيري بأن خلفه أيدي خارجية ، و ‏انتفاضة 17 نيسان انتفاضة أردينه وصرخة وطنية على وطن ‏فقد بوصلته وسياسات قاصرة قادتنا للهاوية وقاع الطريق ‏محذرة من استمرار هكذا نهج ، وسرعان ما استجاب النظام ‏لمطالب الشعب الإصلاحية وأعلن ما عرف بالهامش ‏الديمقراطي وان أفرغه من مضمونه وذلك بإعطاء رخص ‏للأحزاب لممارسة العمل السياسي بموجب قوانين حددتها السلطة ‏ذاتها ، وإلغاء ما عرف بالأحكام العرفية كما ادعوا وشهد الوطن ‏في البداية حالة من الانتعاش السياسي وأفرز برلمان الحادي ‏عشر وهو من أفضل البرلمانات في تاريخ الأردن بعد برلمان ‏‏1956م .‏
 
‏ ولكن للأسف سرعان ما أفرغ كل شيء من مضمونه ، وإذا ‏الأحزاب السياسية يراد لها أن تكون مجرد واجهات وشاهد زور ‏ولا تحمل من المضمون إلا مجرد الأسماء ، وإذا من ثار عليه ‏الشعب في تلك الهبة المجيدة يصبح بعد ذلك حكيم الحكماء ‏ويورث الوزارة حتى لابنه بعد أن تقلد هو مجلس الأعيان ‏وغيره ، علما بأنه هو الآخر ورث الوزارة  عن أبيه ، وجرى ‏تفريغ الانتفاضة المجيدة من مضمونها وعادت الأوضاع لأسوأ ‏ما كانت عليه قبل عام 1989م ، خاصة بعد مأساة ومحنة ما ‏سمي بالربيع العربي ونتائجه الكارثية .‏
 
‏ تلك الأحداث التي حتى الاسم اسقط عليها من الخارج وتحديدا ‏من الولايات المتحدة الأمريكية وهي ليست ربيعا ولا عربيا بل ‏وكانت نتائجها المؤسفة ورقة قوية بيد أرباب المرحلة العرفية ‏من دكاكين الظلام والإرهاب الذين يخشون الشعب وانتفاضته ‏ويحاربون كل ذرة وعي والتشكيك بها حيث قويت شوكتهم ‏وأصبح لهم نوادي وأحزاب وحتى نقابات ، فهل من صنع ‏الصدف بأن معظم النقابات العمالية   وهي أكثر المؤسسات ‏جمودا رغم كثرة العدد ، حتى أن أحد ممن يسمون أنفسهم رموز ‏لتلك النقابات أو الاتحادات متواجد منذ أكثر من ربع قرن ودوره ‏مجرد إطفائي لمصلحة مشغليه.‏
 
اليوم وبعد 28 عاما على انتفاضة نيسان المجيدة نرى أن احتواء ‏تلك الانتفاضة والسياسات الخاطئة أفرزت الكثير من الأمراض ‏السياسية وزاد حجم الفساد والإفساد وارتفعت الأصوات ‏المأجورة الباحثة عن دور وهؤلاء الذين نرى بعضهم يضع قدما ‏هنا والأخرى في الاتجاه المعاكس والمديونية أصبحت خيالية ‏والوطن بيعت مؤسساته ناهيك عن السيادة الوطنية التي أصبحت ‏في خبر كان وما جولات وتدخل سفراء الغرب وعلى رأسهم ‏السفيرة الأمريكية وسفراء فرنسا وبريطانيا بشكل خاص ، ‏وأصبح هؤلاء وكأن كل واحد منهم مندوبا ساميا وسط كل هذا ‏الانحطاط  والتصحر .‏
 
وما نراه وقلوبنا على الوطن ونحذر من العواقب فلم يعد هناك ‏شيء للبيع والمتاجرة والحالة المعيشية لأغلب شعبنا وصلت ‏لصفر ، وهنا يجد الإرهاب والإجرام وخفافيش الليل مكانا لهم ، ‏وتأتي كلمة الحق التي يراد منها باطل مستغلين هذا التصحر ‏السياسي .‏
 
لذلك نحذر نيسان أخرى قد لا يكون للعقل بها مجالا ودورا ‏وسيدفع الجميع الثمن ، وعندما تزور نتائج من يمثل الشعب ‏ويأتوا بنواب ليس لهم علاقة بالوطن وأحزاب هامشية ، انظروا ‏للسياسات القاصرة وماذا حدث في جماعة الإخوان المسلمين ‏التي لا أتفق معها إطلاقا ولكن ما حدث بها من انقسامات ليس ‏إلا بفعل أصحاب أجندات خاصة هدفهم تخريب هذه الجماعة ‏التي سواء اتفقنا أو اختلفنا معها هي جزء من نسيج مجتمعنا ، ‏وانظروا لكل الانتخابات البرلمانية ومن تفرز ممن مطلوب أن ‏يكونوا صوتا للشعب وسلطته التشريعية ، انظروا لقوانين ‏الانتخاب ذاتها والتي تعطي مناطق لحساب مناطق أخرى ‏بالتمثل النيابي والهدف إيجاد برلمان الريموت كنترول .‏
 
احذروا من انتفاضة أخرى ومن غضب الشعب فقد بلغ السيل ‏الزبى ، ولا عزاء للصامتين .‏


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد