صحيفة السوسنة الأردنية

لم تستطع شمس الصيف اللاهبه ان تمنعني من التجوال في مدينة الرياض العاصمة الجميلة للملكة العربية السعودية التي وصلت إليها قبل بضعة شهور للاقامة فيها كانت طبيعة عملي تتطلب مني يوميا ان ازور احيائها الرائعة النظيفة عدة مرات .. مما اتاح لي فرصة التعمق في معرفة حقيقتها وملامسة كافة الجوانب الحياتية فيها .. لقد تفاجأت بمستوى التقدم والتطور والحداثه وعجلة البناء والتنمية والاهتمام بالنواحي البيئية سواء في مبانيها الشاهقة التي تعانق السحاب كل صباح وتقسم على الشمس ان تكون اشراقتها البهية تحايا تحيك آلاف الروايات والقصص الراسخة في ذاكرة الزمان عن مكان سطر نفسه بمداد الجهد والتعب والبناء والتضحية والفداء فبنى الحضارة المتقدمة التي دعمها تاريخ عميق صاغة الاجداد وحفظه وحافظ عليه الاحفاد فكانت الرياض وكان الوطن .. كنت كل صباح اذهب لتناول الفطور عند الفوال الذي يديره صديقي السوداني ابراهيم وكان خبز التميس الساخن اللذيذ هو صوت النداء الذي ينادي معدتي وييجبرها اغلب الاحيان على نخزي ودفعي لان اتذكر الفطور ... وقد تفاجأت بعادة حميدة شاهدتها حيث يدخل احد السعوديبن الى المطعم ويقوم بدفع كامل حساب العمال البسطاء من كافة الجنسيات وبغض النظر عن دباناتهم ولغاتهم ودولهم كنوع من الكرم السعودي الاصيل ولن انسى صديقي ابو حمد الذي لم اكن اعرفه والذي تفاجأت بانه قام ودفع عني حساب فطوري فقط لانه عرف بأنني اردني ولكني بقيت اتربص به في ذات المكان لعدة ايام حتى صدفته واكرمته فعندنا في الاردن والحمد لله العادات والتقاليد قريبة جدا بين العشائر الاردنية الاصيلة وبين اهل الحجاز وبموروثنا العشائري الاردني فإن اطعام الطعام دين لابد ان يتم سداده وإلا اصبح صدقة ..

كانت زحمة الطريق التي تكسوا اطرافها  النباتات الوافرة الظلال من مختلف الانواع والمسطحات الخضراء الشاسعة الممتده في كل مكان تربكني احيانا كنت اتوه مرات عده وكنت اجد العديد من اهل السعودية الكرام وكأنهم ينتظرون من اي ضيف طلب المساعدة ليلبوا النداء دون تردد قد تتفاجأ اذا قلت لك ان البعض ربما يقطع مسافات طويله ليوصلك للعنوان الذي تريد .. لقد تفاجأت بالفعل بما في مدينة الرياض من تقدم ومستوى رفيع من النظافة ربما لاتصل اليه الكثير من عواصم العالم حيث يتمتع الزائر بالمستوى الذي وصلت اليه هذه المدينة الضاربة الجذور بالتاريخ من نشاط وحركة مستدامة لعجلة التنمبة .. يكفي انها مدينة حينما يرتفع فيها نداء الله اكبر تتوقف كافة اشكال التجارة الدنيوية مع البشر فتغلق ابواب متاجرها العامره واسواقها النابضة بالحياه وتتجه لله وحده ..   ولا تنسى نخيلها وبساتينها المترامية الاطراف وإنسانها الطيب المبدع في هذه المدينة تسر حينما ترى مدى الترتيب والتنظيم والمناضر الخلابة الرائعة التي إقتحمت رمال الصحراء الذهبية لتزرع فيها رياض من جنان كانت بالفعل اسم على مسمى ..

وقد تفاجأت كثيرا حينما سمعت عبر راديو سيارتي انه تم تصنيف مدينة الرياض على اعتبار انها من اكثر مدن العالم تلوثا فتلفت في كل الاتجاهات لارى صحة ما ورد في هذا الخبر ولكني ماوجدت رغم اني ناشط بيئي في وطني وعضو بجمعيات بيئية مختلفه فتأكدت تماما ان مثل هذا الخبر ماهو إلا بخلفيات ساسية وليس فنية الهدف منها الاضرار بسمعة هذه المدينه في العالم وانا ادعو اصحاب مثل هذه التقارير الى زيارة الرياض والتأكد مما اقول وباعتقادي ان الرياض انظف بكثير من بلدان من صاغوا مثل هذا التشويه المتعمد لهذا البلد فهي عامرة اولا بانسانها العربي الطيب وبقيادتها الحكيمة الواثقة التي تذود عن هذه الامة شرور كل من تسول له نفسه التعدي عليها او تصدير ثوراته المزيفه لها لتشويه الدين وما مواقف المملكه مما يجري في سوريا والعراق والحزم والعزم في اليمن وغيرها سوى دلائل على متانة وقوة مواقف السعودية الشقيقه تجاه قضايا الامة المصيرية جزاهام الله عنا وعنهم كل خير .. هذه البلاد عامرة بانفاس سيد الخلق التي جرت في ارض قريش عامرة بما تقوم به السعودية من جهد جبار لتأمين سلامة الحجيج واداء المناسك الدينية المختلفه .. الرياض وكل ارض الحجاز عامرة بالتسامح الديني وربما لن تشاهد في غير السعودية مجاميع من الناس من مختلف الاديان والاعراق منهم من هو مسلم ومنهم من هو مسيحي وهندوسي ووالخ يتناولون  طعامهم معا كأنهم ابناء وطن واحد .. في الرياض وفي كل الوطن السعودي تنام مستقرا آمنا بحفظ الله ورعايته ومن ثم بجهد ابناء الحجاز الذين يسهرون على امنها وسلامة كل من وطأ ارضها ..  الرياض عامرة بكل الروابط التي تجمعنا عقائديا ونفسيا ومصيريا وانا كأبن لإحدى العشائر الاردنية الاصيلة الضاربة الجذور ابادلكم الحب بالحب والود بالود وتمهمني سلامة السعودية وامنها تماما كما يهمني حفظ بلادي من كل سوء .. كلمات كتبتها من الروح ومن واقع اراه بعيني ولا اقرأ عنه لا انتظر شكر من احد بل هو واجب املاه علي ضميري ووجداني الحي والحمد لله  ..