اللجنة المؤقتة للإخوان الأم .. نهاية الأزمة أم بداية التصعيد ؟

mainThumb

15-06-2016 05:30 PM

ببان صحفي مختصر أعلنت بموجبه جماعة الإخوان المسلمين الأم عن تشكيل لجنة مؤقتة لإدارة الجماعة  معلنة ‏بذلك عن أسماء هذه اللجنة وتقديم  رئيس اللجنة الشكر للقيادة منتهية الولاية  .‏
 
‏(1)‏ اجتماع مجلس الشورى
 
اجتمع مجلس الشورى المنتخب لجماعة الإخوان المسلمين الأم شبه المنحلة قانونا في حالة سرية تامة وتكتم ‏إعلامي شديد قبل نحو عشرة أيام ، كان هناك غياب ملحوظ بلغ تقريبا 20% من أعضاء المجلس المنتخب ، كان ‏أمام المجلس عدة خيارات أولها الذهاب إلى التمديد للمكتب التنفيذي المنتهي الولاية بقيادة الدكتور همام سعيد ، ‏الخيار الثاني انتخاب الأعضاء المكملين وانتخاب المراقب العام والهيئات القيادية والمحاكم التنظيمية ،  الخيار ‏الثالث الذهاب إلى لجنة مؤقتة لإدارة الأزمة مع النظام  وإدارة الجماعة لمدة عام .‏
 
تم التصويت بشكل منفرد على كل قرار فحصد الخيار الأول تسعة أصوات وهو ما كان يدعمه تيار القيادة السابقة  ‏وحصد الخيار الثاني على تسعة أصوات وقد دعمه تيار القيادة السابقة وحصل  الخيار الثالث على اثنين وعشرون  ‏صوت وهو الخيار الذي دعمه  تيار الوسط الذي على ما يبدو يملك الأغلبية في المجلس المنتخب وهذه النتائج  ‏تتوافق مع ما طرحه د عبد الله فرج الله في مقال الإخوان قيادة منتهية الولاية في موقع عربي 21 والذي أشار  به ‏إلى تقدم تيار الوسط في الانتخابات وهو المقال الذي أثار جدل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي ولاقى ردود ‏قاسية من القيادات السابقة التي ذهبت لتؤكد أن الواقع بخلاف ما ذكره المقال  لتأتي نتائج التصويت تدعم ما ‏ذهب إليه د فرج الله .‏
 
جاء قرار مجلس الشورى بتكليف اللجنة  بالقيام  بمهام محددة أولها محاولة حل الأزمة مع النظام  وان تعذر ذلك ‏الذهاب إلى ترخيص جديد وقد تم وضع فيتو على عمل اللجنة في التعاطي مع الجمعية  .‏
 
التسريبات تقول أن خيار مجلس الشورى كان التوجه للدكتور عبد اللطيف عربيات ليترأس اللجنة ويشكل كامل ‏فريقها إلا انه اعتذر عن ذلك ويرى المراقبون أن اعتذار د عربيات وباقي فريق الحكماء بعد ذلك جاء نتيجة  ‏السقف الذي وضع في كتاب تكليف اللجنة وان خيارات اللجنة بحظر التعامل مع الجمعية اللاعب الرئيسي  والقوي ‏في الصراع هو بمثابة  الحكم على اللجنة بالفشل المسبق  وتحميلها وزر فشل المرحلة السابقة كلها  .‏
 
يرى البعض أن تشكيل اللجة بقرار مجلس الشورى جاء بفريق غير منسجم إذ يترأسها شخص يوصف بالاعتدال  ‏كما ويوصف بعض أعضاء اللجنة بأنهم كانوا جزء أصيل من الأزمة وأنهم يرون أن من كان جزء من الأزمة لن ‏يكون جزء من الحل وان الفيتو المفروض على اللجنة وخياراتها وعلى تعاطيها مع الجمعية للوصول لحل مرضي ‏للجميع  يحكم على مسارها  بالعجز المسبق .‏
 
‏(2)‏ موجة أخرى من الأزمة
 
البعض يرى أن اللجنة بشخصية الشخص الأول لها وما له من علاقات ودية مع الجميع  وخاصة أجهزة ‏الدولة سيكون بداية لحل الأزمة مع النظام وانفراجة قريبة في العلاقة خاصة على وقع قرار الجماعة ‏المشاركة في الانتخابات باسم جبهة العمل الإسلامي .‏
فيما يرى فريق آخر أن اجتماع مجلس الشورى بحد ذاته رسالة مستفزة للدولة وان تشكيل اللجنة رسالة  ‏تحدي في وجه الحكومة التي تتعامل مع  الجماعة على أنها تنظيم غير مشروع .‏
 
‎ ‎‏ إذا نظرنا إلى طبيعة العلاقة التاريخية للجماعة الأم مع النظام وإدارة ظهره لها في السنوات الأخيرة  يتضح ‏للمراقبين بأن  قدرة اللجنة على تفكيك الأزمة مع الدولة تكاد تكون معدومة من الناحية السياسية، فالنظام يعتبر ‏ما أُنجز من تحجيم للحركة مكاسب سياسية لا يمكن التخلي عنها مقابل صفقات لا يحتاج لها حاليا أو مستقبليا، وأن ‏العودة لمربع العلاقة الأولى ما عادت مسوغاتها قائمة " مواجهة المد اليساري "  وان العلاقة مع الإخوان لا ‏يخدم النظام في هذه المرحلة، وأصبحت عبئا ثقيلا على كاهل النظام السياسي، وليس مستعدا لتحمله مجددا بعد ‏أن تخلص منها بهدوء ومن دون خسائر.‏
 
أما قدرة اللجنة على فتح حوار مع النظام ليسمح للإخوان بإعادة بناء تنظيمهم باسم جديد قد لا يمانعها النظام من ‏الناحية الرسمية، إلا أن الشيطان يتربص بهم في التفاصيل، فالنظام لم يحل الجماعة الأم ليعيد ترخيصها بغطاء ‏قانوني جديد إذ إن السلطة لن تُمانع من قيام الإخوان بتأسيس جمعية جديدة، ولكنه سيحصرهم في مربعات محددة ‏وضيقة، جمعية ستكون دينية أو سياسية أو اجتماعية أو خيرية، وفقا للأهداف المقدمة، ولن يُمنح لهم الترخيص ‏لجمعية متعددة الأغراض كما كان لهم  ذلك قبل أن تفقد الجماعة الأم شخصيتها الاعتبارية ، وان ما منح لجمعية ‏جماعة الإخوان الوليدة بتأسيس جمعية متعددة الأغراض جاء نتيجة لظروف مرحلية والتقاء المصالح المشتركة ‏بين النظام والأستاذ الذنيبات،الذي استطاع أن يرخص الجمعية بذات الهياكل والأغراض والنظام الأساسي لجماعة ‏الإخوان الأم شبه المنحلة رسميا .‏
 
‏(3)‏ خطوة متأخرة
 
بعض القواعد الاخوانية ترى أن الخطوة على أهميتها لكنها خطوة جاءت متأخرة وخارج السياق الزمني وان ‏الخرق اتسع على الرتق وان مهمة اللجنة أصبحت أكثر تعقيد وان الحل كان سيكون أسهل قبل  تصعيد الإجراءات ‏وغلق المكاتب بالشمع الأحمر الذي يعتبر بمثابة حظر رسمي غير معلن .‏
 
هناك حالة من الإحباط في صفوف القيادات الوسطى رافقت الإعلان عن تشكيلة اللجنة حيث يرى البعض أن ‏اللجنة بتشكيلتها عاجزة عن أن تكون بمستوى الأزمة مع تقديرهم لأشخاصها وان الفشل سيكون حليف لها ‏وستكون بداية لازمة جديدة  وان حالة الإحباط هذه سوف  تدفع كثير من تلك القيادات إلى إعادة التكفير بالذهاب ‏للجمعية بعد أن أطلقت الرصاصة الأخيرة التي  بجعبة الجماعة الأم ولم تحقق الشيء المرجو والمعول عليه.‏
 
من راقب تعامل النظام مع ملف الجماعة الأم سيجد أن النظام حسم خياره باتجاه ملف الجماعة لأسباب تتعلق ‏بحالة الاستقواء التي مارستها الجماعة أثناء فترة الربيع العربي كما يراها ، وان الشيء المتوقع أن النظام يسدد ‏ركلة أخرى للجماعة هذه المرة قد تكون الركلة التي تنهي هذا الصراع الذي دام لأكثر من سنة ونصف السنة .‏
 
المستقبل لا يحمل بشريات الخير كثيرا للجماعة الأم فهي قد تبدو مقبلة على حالة صراع أخرى مع النظام ستخسر ‏بها بشكل كبير قد تصل إلى حد ملاحقة قيادات اللجنة بالانتماء إلى تنظيم غير مشروع ومواجهة أحكام قضائية ‏بالسجن قد تصل إلى ثلاث سنوات أو بالذهاب في أحسن الأحوال وأكثرها تفاؤل إلى ترخيص الجماعة بأغراض ‏محددة ومحصورة جدا وستواجه عندها الجماعة أزمة انشقاقات أخرى داخلية من القواعد والقيادات الوسطى بعد ‏اللجوء إلى خيار الترخيص بعد أن تم رفضه وشيطنة القائمين عليه ، عندها ستكون الجمعية بمثابة الوعاء ‏الواسع الذي تفر إليه القواعد من ضيق الترخيص الجديد إلى سعة الجمعية.‏
 
نعم حسنا فعل مجلس الشورى عندما رفض التمديد للقيادة السابقة التي أحدثت الأزمة  وتم تشكيل لجنة لكنه بكل ‏تأكيد أخطا عندما وضع فيتو على تعاملها مع الجمعية وفتح حوار معها إذ بذلك ترك أسباب الصراع قائمة  وأرسل ‏برسائل غير مريحة للجميع مما يعني  مزيد من الأزمة التي سوف تفضي بالنهاية إلى الإنهاء أو الجلوس تحت ‏مظلة قانونية محددة وضيقة جدا لا تلبي أغراض الحركة ولا طموحاتها .‏


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد