ببان صحفي مختصر أعلنت بموجبه جماعة الإخوان المسلمين الأم عن تشكيل لجنة مؤقتة لإدارة الجماعة معلنة بذلك عن أسماء هذه اللجنة وتقديم رئيس اللجنة الشكر للقيادة منتهية الولاية .
(1) اجتماع مجلس الشورى
اجتمع مجلس الشورى المنتخب لجماعة الإخوان المسلمين الأم شبه المنحلة قانونا في حالة سرية تامة وتكتم إعلامي شديد قبل نحو عشرة أيام ، كان هناك غياب ملحوظ بلغ تقريبا 20% من أعضاء المجلس المنتخب ، كان أمام المجلس عدة خيارات أولها الذهاب إلى التمديد للمكتب التنفيذي المنتهي الولاية بقيادة الدكتور همام سعيد ، الخيار الثاني انتخاب الأعضاء المكملين وانتخاب المراقب العام والهيئات القيادية والمحاكم التنظيمية ، الخيار الثالث الذهاب إلى لجنة مؤقتة لإدارة الأزمة مع النظام وإدارة الجماعة لمدة عام .
تم التصويت بشكل منفرد على كل قرار فحصد الخيار الأول تسعة أصوات وهو ما كان يدعمه تيار القيادة السابقة وحصد الخيار الثاني على تسعة أصوات وقد دعمه تيار القيادة السابقة وحصل الخيار الثالث على اثنين وعشرون صوت وهو الخيار الذي دعمه تيار الوسط الذي على ما يبدو يملك الأغلبية في المجلس المنتخب وهذه النتائج تتوافق مع ما طرحه د عبد الله فرج الله في مقال الإخوان قيادة منتهية الولاية في موقع عربي 21 والذي أشار به إلى تقدم تيار الوسط في الانتخابات وهو المقال الذي أثار جدل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي ولاقى ردود قاسية من القيادات السابقة التي ذهبت لتؤكد أن الواقع بخلاف ما ذكره المقال لتأتي نتائج التصويت تدعم ما ذهب إليه د فرج الله .
جاء قرار مجلس الشورى بتكليف اللجنة بالقيام بمهام محددة أولها محاولة حل الأزمة مع النظام وان تعذر ذلك الذهاب إلى ترخيص جديد وقد تم وضع فيتو على عمل اللجنة في التعاطي مع الجمعية .
التسريبات تقول أن خيار مجلس الشورى كان التوجه للدكتور عبد اللطيف عربيات ليترأس اللجنة ويشكل كامل فريقها إلا انه اعتذر عن ذلك ويرى المراقبون أن اعتذار د عربيات وباقي فريق الحكماء بعد ذلك جاء نتيجة السقف الذي وضع في كتاب تكليف اللجنة وان خيارات اللجنة بحظر التعامل مع الجمعية اللاعب الرئيسي والقوي في الصراع هو بمثابة الحكم على اللجنة بالفشل المسبق وتحميلها وزر فشل المرحلة السابقة كلها .
يرى البعض أن تشكيل اللجة بقرار مجلس الشورى جاء بفريق غير منسجم إذ يترأسها شخص يوصف بالاعتدال كما ويوصف بعض أعضاء اللجنة بأنهم كانوا جزء أصيل من الأزمة وأنهم يرون أن من كان جزء من الأزمة لن يكون جزء من الحل وان الفيتو المفروض على اللجنة وخياراتها وعلى تعاطيها مع الجمعية للوصول لحل مرضي للجميع يحكم على مسارها بالعجز المسبق .
(2) موجة أخرى من الأزمة
البعض يرى أن اللجنة بشخصية الشخص الأول لها وما له من علاقات ودية مع الجميع وخاصة أجهزة الدولة سيكون بداية لحل الأزمة مع النظام وانفراجة قريبة في العلاقة خاصة على وقع قرار الجماعة المشاركة في الانتخابات باسم جبهة العمل الإسلامي .
فيما يرى فريق آخر أن اجتماع مجلس الشورى بحد ذاته رسالة مستفزة للدولة وان تشكيل اللجنة رسالة تحدي في وجه الحكومة التي تتعامل مع الجماعة على أنها تنظيم غير مشروع .
إذا نظرنا إلى طبيعة العلاقة التاريخية للجماعة الأم مع النظام وإدارة ظهره لها في السنوات الأخيرة يتضح للمراقبين بأن قدرة اللجنة على تفكيك الأزمة مع الدولة تكاد تكون معدومة من الناحية السياسية، فالنظام يعتبر ما أُنجز من تحجيم للحركة مكاسب سياسية لا يمكن التخلي عنها مقابل صفقات لا يحتاج لها حاليا أو مستقبليا، وأن العودة لمربع العلاقة الأولى ما عادت مسوغاتها قائمة " مواجهة المد اليساري " وان العلاقة مع الإخوان لا يخدم النظام في هذه المرحلة، وأصبحت عبئا ثقيلا على كاهل النظام السياسي، وليس مستعدا لتحمله مجددا بعد أن تخلص منها بهدوء ومن دون خسائر.
أما قدرة اللجنة على فتح حوار مع النظام ليسمح للإخوان بإعادة بناء تنظيمهم باسم جديد قد لا يمانعها النظام من الناحية الرسمية، إلا أن الشيطان يتربص بهم في التفاصيل، فالنظام لم يحل الجماعة الأم ليعيد ترخيصها بغطاء قانوني جديد إذ إن السلطة لن تُمانع من قيام الإخوان بتأسيس جمعية جديدة، ولكنه سيحصرهم في مربعات محددة وضيقة، جمعية ستكون دينية أو سياسية أو اجتماعية أو خيرية، وفقا للأهداف المقدمة، ولن يُمنح لهم الترخيص لجمعية متعددة الأغراض كما كان لهم ذلك قبل أن تفقد الجماعة الأم شخصيتها الاعتبارية ، وان ما منح لجمعية جماعة الإخوان الوليدة بتأسيس جمعية متعددة الأغراض جاء نتيجة لظروف مرحلية والتقاء المصالح المشتركة بين النظام والأستاذ الذنيبات،الذي استطاع أن يرخص الجمعية بذات الهياكل والأغراض والنظام الأساسي لجماعة الإخوان الأم شبه المنحلة رسميا .
(3) خطوة متأخرة
بعض القواعد الاخوانية ترى أن الخطوة على أهميتها لكنها خطوة جاءت متأخرة وخارج السياق الزمني وان الخرق اتسع على الرتق وان مهمة اللجنة أصبحت أكثر تعقيد وان الحل كان سيكون أسهل قبل تصعيد الإجراءات وغلق المكاتب بالشمع الأحمر الذي يعتبر بمثابة حظر رسمي غير معلن .
هناك حالة من الإحباط في صفوف القيادات الوسطى رافقت الإعلان عن تشكيلة اللجنة حيث يرى البعض أن اللجنة بتشكيلتها عاجزة عن أن تكون بمستوى الأزمة مع تقديرهم لأشخاصها وان الفشل سيكون حليف لها وستكون بداية لازمة جديدة وان حالة الإحباط هذه سوف تدفع كثير من تلك القيادات إلى إعادة التكفير بالذهاب للجمعية بعد أن أطلقت الرصاصة الأخيرة التي بجعبة الجماعة الأم ولم تحقق الشيء المرجو والمعول عليه.
من راقب تعامل النظام مع ملف الجماعة الأم سيجد أن النظام حسم خياره باتجاه ملف الجماعة لأسباب تتعلق بحالة الاستقواء التي مارستها الجماعة أثناء فترة الربيع العربي كما يراها ، وان الشيء المتوقع أن النظام يسدد ركلة أخرى للجماعة هذه المرة قد تكون الركلة التي تنهي هذا الصراع الذي دام لأكثر من سنة ونصف السنة .
المستقبل لا يحمل بشريات الخير كثيرا للجماعة الأم فهي قد تبدو مقبلة على حالة صراع أخرى مع النظام ستخسر بها بشكل كبير قد تصل إلى حد ملاحقة قيادات اللجنة بالانتماء إلى تنظيم غير مشروع ومواجهة أحكام قضائية بالسجن قد تصل إلى ثلاث سنوات أو بالذهاب في أحسن الأحوال وأكثرها تفاؤل إلى ترخيص الجماعة بأغراض محددة ومحصورة جدا وستواجه عندها الجماعة أزمة انشقاقات أخرى داخلية من القواعد والقيادات الوسطى بعد اللجوء إلى خيار الترخيص بعد أن تم رفضه وشيطنة القائمين عليه ، عندها ستكون الجمعية بمثابة الوعاء الواسع الذي تفر إليه القواعد من ضيق الترخيص الجديد إلى سعة الجمعية.
نعم حسنا فعل مجلس الشورى عندما رفض التمديد للقيادة السابقة التي أحدثت الأزمة وتم تشكيل لجنة لكنه بكل تأكيد أخطا عندما وضع فيتو على تعاملها مع الجمعية وفتح حوار معها إذ بذلك ترك أسباب الصراع قائمة وأرسل برسائل غير مريحة للجميع مما يعني مزيد من الأزمة التي سوف تفضي بالنهاية إلى الإنهاء أو الجلوس تحت مظلة قانونية محددة وضيقة جدا لا تلبي أغراض الحركة ولا طموحاتها .