القضية الفلسطينية وارتباطها بأحداث المنطقة

mainThumb

05-09-2016 09:30 AM

لا نعلم إن كان ما يحدث ناجم عن تخطيط ماكر، لا يلفه إلا ثوب الدهاء، أو محض صدف تأخذ طريقها في عالمنا العربي، مما يصب في صالح اليهود واستمرارية دولتهم على الأرض الفلسطينية في المنطقة العربية والتمكين لها فيها أيضا، مع ما يلاحظ من مد هذه الدولة بجميع أنواع الدعم والمساندة وسبل البقاء من قبل المجتمع الغربي، سياسيا، وعسكريا واقتصاديا ومعنويا، وماديا وخلافه.
 
فثمة صياغة أخرى لواقع يعيشه الشعب الفلسطيني منذ عشرات السنين، وعلى وجه من التخصيص منذ بدايات القرن العشرين، حين انتزعت بريطانيا بوعد بلفور، بعيد مرض الدولة العثمانية التي كانت تسيطر على فلسطين آنذاك، ومن ثم بالانتداب والوصاية على كامل التراب الفلسطيني، حقا لشعب يملكه ومنحته لشعب آخر لم يكن له وجود في تلك الحقبة الزمنية، خلا منظمات ومؤتمرات في أكثر من دولة من دول العالم، لإقامة دولته المستقلة وحقه في الحياة، كما ادعوا، وإلغاء الحق الفعلي للآخر، الشعب الفلسطيني الذي ما برح يدفع ثمن تلك الخطيئة حتى الآن.
 
لقد حصلت أحداث لا بد من التوقف عندها لما كان لها وما زال من تأثير على مجمل القضية الفلسطينية، وأولها توقيع اتفاقية كامب ديفيد أواخر سبعينيات القرن الماضي بين مصر ودولة الكيان الإسرائيلي، وما تلاها بفترة وجيزة من أتون الحرب العراقية الإيرانية التي استشرت آنذاك واستمرت لثماني سنوات، وأكلت من الأخضر واليابس الكثير، ثم تدمير للعراق بعد احتلال الكويت،بحجج واهية، امتلاك أسلحة دمار شامل، اعترف من قام على الحرب وأشرف عليها وشارك بها وخطط لها بخطئها واعتذار البعض منهم عنها، ومما زاد الطين بلة أن إيران عدوة العراق اللدود تغلغلت في البلد، وأصبحت تلعب دورا رئيسا فيه سياسيا وعسكريا، حتى وصل الأمر، أن تمارس الضغوط لسحب السفير السعودي ثامر السبهان، من هناك، بالنظر للدور العروبي الكبير للمملكة العربية السعودية الذي تلعبه في لجم الخطر الإيراني في أكثر من دولة عربية، معروفة للجميع، وحماية السنة العراقيين من البطش بهم نتيجة السياسات الإيرانية هناك وإعادة العراق إلى صفه العربي أيضا، على أنه كان بالأحرى على العراقيين، بعد أن تذوقوا مرارة الاحتلال الأمريكي، أن يحافظوا على نسيج بلدهم ومصالحهم بما يؤدي إلى إبقائه بعيدا عن دائرة النفوذ الإيراني هناك، وليس السير في ركاب هذا النظام الذي لا يتوقف عن أي فعل يلحق الضرر بالأمة العربية وفي دولها وشعوبها.
 
ثم لكم أن رأيتم، ما أطلق عليه مسمى الربيع العربي الذي دمر أكثر مما عمر، وما زالت مصر تدفع ثمنه، من الناحية الاقتصادية، وها هي ليبيا ما زالت تعاني ولما تتخلص بعد من كل ما ترتب من عواقب على الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي سياسيا واقتصاديا وخلافه.  أما سوريا، فلا يشاهد على شاشات التلفزيون ولا يقرأ في التقارير الصحفية إلا مشاهد مروعة لتدمير ممنهج للبنية التحتية في الدولة، وإعمال القتل في الشعب السوري، وتشريد ربما ما وصل عدده إلى سبعة ملايين شخص من سكانه، ما يعني تفريغ مناطق عديدة من سكانها لصالح طوائف أخرى. ولا ينسى في سياق الحديث عن العراق وسوريا، أن تحولت الحال في هذين البلدين من الاستمرار في البناء إلى حرب طائفية عملت على إرساء دعائمها الدولة الإيرانية، تنفيذا لمخطط يستر وراءه ما يستر من فرض للسيطرة الإيرانية على أكثر من قطر عربي.
 
ولو افترضنا أن إسرائيل بقوتها، عملت خلال عديد من السنوات على تحقيق النتائج التي تمت الإشارة إليها، لما أمكنها ربما تحقيق ولو نزر يسير من النتائج التي تحققت في صالحها على مدار العدد ذاته من السنوات.  وهكذا، ألا ترون أن القضية الفلسطينية، بالرغم من الأصوات والمبادرات التي تنطلق ثمة بين حين وآخر، خفت نورها، وتلاشى ظلها، بفعل ما لحق بالأمة من أذى على مدار ما يقرب من قرن من الزمان أو يزيد.
 
ها هي دولة الكيان الإسرائيلي تهنأ، وتغمض جفونها هادئة مطمئنة، ترقد بسلام في منطقة ملتهبة، وقد تحقق لها خلال مدة وجيزة، ما لم تكن تحلم بتحقيقه، على مدى سنوات طوال، لاسيما مع استمرار حالة الانقسام الفلسطيني في ظل وجود حكومتين في الضفة الغربية وقطاع غزة.  أين هي تلك الضغوط التي كانت تمارس على الكيان الإسرائيلي للتوصل إلى حل للقضية الفلسطينية؟ لا ينكر أن هناك وميضا يصدر ثمة من حين لآخر في محاولات لاستئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، لكن قوى الرفض الإسرائيلي، بناء على ما تقدم من الإشارة إليه من متغيرات في المنطقة، تعمل على إبقاء حالة الجمود المستمرة منذ سنوات، عطفا على ما تحقق لها من إنجازات، وفي النهاية يظل الطرف الفلسطيني هو الخاسر الأكبر بالنظر للتأثير السلبي لما حدث ويحدث في المنطقة على القضية الفلسطينية.
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد