جماعة الإخوان الأم في الأردن والخيارات الملتفت عنها

mainThumb

04-02-2017 03:07 PM

مرور أكثر من نصف عام على تشكيل القيادة الجديدة للإخوان الأم ( اللجنة المؤقتة ) ولا زالت الأزمة بين الإخوان و والجانب الرسمي الأردني تراوح مكانها من جهة وبين الإخوان  والكيانات الجديدة  التي انبثقت عنها  على وقع الأزمة الداخلية  من جهة أخرى .
 
  كل محاولات إذابة الجليد ما بين الجانب الرسمي الأردني والإخوان الأم  يبدو أنها ذهبت أدراج الرياح فلا المشاركة السياسية وتحصيل 10% من أصوات الناخب الأردني  في الانتخابات البرلمانية  والدخول للبرلمان بـ 14 نائب استطاع نسج خيوط ثقة جديدة ، ولا  قرار خوض الانتخابات البلدية والمجالس المحلية غير شيء في طبيعة العلاقة  ،  كل ما على الأرض  يشير إلى أن سياسة  التهميش هي الأجندة  والخيار الاستراتيجي الوحيد للجانب الرسمي الأردني في التعامل مع الإخوان الأم وكل ما يدور في فلكهم أو يقترب منهم  .
 
سياسة التهميش طالت حتى وجودهم في البرلمان إذ اخفق تحالف الإخوان تحت القبة في الوصول إلى رئاسة المجلس وجاءت نتائجهم متواضعة جدا مع أن الدكتور العكايلة مشهود له بالكفاءة البرلمانية والسياسية والتشريعية كما أنهم لم يحققوا رئاسة أي  لجنة من اللجان البرلمانية  داخل القبة حتى أنهم استبعدوا من عضوية كثير من  اللجان مثل اللجنة القانونية ..الخ  مما يؤشر إلى أن هناك قرار مرتب أن يبقوا جزء هامشي في المشهد  البرلماني والسياسي  وهذا ما عبر عنه رئيس الكتلة  للتحالف الوطني للإصلاح  في البرلمان  الدكتور عبدالله عكايلة صراحة  للإعلام .
 
الحديث عن قيام وساطة من قبل الدكتور عبدالله عكايلة - السياسي الأردني المخضرم والوزير السابق والعضو السابق في مجلس الأعيان  - مع  الملك من اجل حل الأزمة  بين الإخوان والجانب الرسمي الأردني  على ما يبدو أنها لم تتم من البداية ولم تحقق شيء على ارض الواقع ، كما أن تخفيض الإخوان سقفهم في المعارضة وإرسال رسائل تودد للنظام والملكة  وإعلان المشاركة في كل الاستحقاقات الانتخابية رغم البيئة السياسية القائمة في الأردن وعدم التصعيد اتجاه حملة الاعتقالات السياسية التي طالت بعض نشطائهم كل ذلك  لم يلقى أي حالة تجاوب من قبل الجانب الرسمي  إطلاقا وبقي الحال على ما هو عليه ،  تهميش سياسي وعدم شرعية قانونية  ومقرات مغلقة وحظر ناعم غير معلن  رسميا .
 
طبيعة التشخيص هي من  توحي لقيادة الإخوان الأم بطبيعة الحلول التي يسعوا إليها  فكل تشخيصهم للازمة التي عصفت بهم أنها أزمة مع النظام استخدم بها النظام بعض الانشقاقات ، و ليست أزمة داخلية عصفت بهم لتباينات داخلية مختلفة في كل المجالات هذا التوصيف للازمة هو ما يدعوهم للبحث عن الحل في خيار واحد وهو المصالحة مع الجانب الرسمي ومحاولة إعادة قواعد العلاقة إلى ما كانت قبل الربيع العربي.
 
إلا انه من وجهة نظر أخرى ترى أن أزمة الحركة هي أزمة داخلية بامتياز وان الحكومة والأجهزة  الرسمية  استثمرت في حالة ضعف الجماعة نتيجة الأزمة الداخلية فاتخذت حيالها كثير من سياسات التهميش والتحجيم  تمهيدا لسياسة الإنهاء والتصفية وان ما حدث من إغلاق للمقرات ومصادرة الملكيات وبعض الاعتقالات ونزع الشرعية القانونية وتحويل الإخوان الأم لتنظيم غير مشروع قانونا هو بداية الطريق وان الخطوات الأكثر إيلاما ما هو قادم نتيجة للمناخ الإقليمي المعادي لحركات الإسلام السياسي وخصوصا ما بعد قدوم ترامب الذي يحضر لوضع جماعة الإخوان على قوائم الإرهاب عالميا فالكل يعلم انه إذا ما عطست أمريكا  أصابت العدوى السياسية بقية دول العالم .
 
في ظل هذا الظرف  المحلي والإقليمي قد يبدو من الأفضل للقيادة المؤقتة للجماعة الأم أن تعيد قراءة المشهد والأزمة بطريقة غير النمطية في توصيف الأزمة والحل ،إذ أصبح من الضروري أن لا تبقى القيادة للحركة الأم تنتظر أي تصريحات أو تلميحات حول حل الأزمة مع الجانب الرسمي وتنتقل إلى الإمساك بزمام المبادرة وخلط جميع الأوراق  على المستوى الداخلي  وعلى المستوى الرسمي  إذ يمكن للحركة الإسلامية الأم التنقل بين بعض الخيارات المهمة والتي يمكن أن تقلب المشهد برمته  وتعيد خلط الأوراق وتخرج الحركة من شرنقتها العالقة فيها .
 
الخيار الأول :- إعادة  النظر في هيكلة التنظيم وهرميته وفكرة الجماعة الأولى وبناءها الهرمي وتحويلها إلى مؤسسات دعوية  لكل من هذه المؤسسات محاضنها التربوية  التي تحفظ فكر الجماعة ومشروعها  وإنهاء هذا الجسم التنظيمي الذي أصبح الحفاظ عليه يحتاج إلى طاقة وعمل من الأفضل بذلها في المجتمع لتسريع عملية الإصلاح   المنشود  وان كان هذا الخيار وهو أعلى درجات البراغماتية غير متقبل في المرحلة الحالية ففكرة المدرسة التنظيمية لا زالت هي المسيطرة على الغالبية حتى الآن وان طبقت في قطر مرة واحدة  إلا انه تم الرجوع عنها لاحقا  وتطبق حاليا في الكويت .
 
الخيار الثاني :- الذهاب إلى الاندماج  مع جمعية جماعة الإخوان المسلمين والاستفادة من المظلة القانونية  التي  حصل عليها المراقب العام السابق الأستاذ عبد المجيد الذنيبات والتي انتقلت إليها أملاك الجماعة الأم بقرار حكومي بناءا على فتوى قانونية من ديوان الرأي والتشريع إذ يمكن تطوير مبادرة تعالوا إلى كلمة سواء التي أطلقتها الجمعية  سابقا بما يضمن مصالح الجميع.
 
 
وان تعذر الاندماج مع الجمعية الإعلان عن فصل العمل الدعوي عن العمل السياسي من قبل الجماعة الأم   والذهاب إلى ترخيص جديد باسم جديد لغايات  ممارسة العمل الدعوي والتربوي  فقط وتحويل الجماعة إلى  جماعة دعوة وإرشاد تعمل تحت مظلة القانون وترك العمل السياسي  للأحزاب السياسية  وتحولها إلى حديقة خلفية داعمة للتوجهات السياسية القريبة منها  .
 
أما بخصوص ممارسة العمل السياسي والدعوة إلى الإصلاح السياسي يمكن أن يكون ذلك عبر تشكيل اتحاد عام  للأحزاب الإسلامية وكل ما تناسل منها والأحزاب المدنية وكل من يشترك معها  في الرؤية الإصلاحية وفي الخطوط العامة من مكافحة الفساد والدعوة إلى الديمقراطية  ... الخ ،  اتحاد  يحتفظ به كل حزب بكيانه وهياكله كما هو ويكون فقط  لغايات بناء التحالفات في العمليات الانتخابية  من برلمان ومجالس محلية وبلديات  واتحادات طلابية ونقابات .... الخ  .
 
أصبح من المهم  لقيادة جماعة الإخوان المسلمين الأم أن تخرج من  مربع إلحاحها على إعادة الحال في علاقتها مع الجانب الرسمي الأردني  إلى ما قبل الربيع العربي فقد جرت مياه كثيرة  وتبدلت المعادلة الإقليمية والدولية وقبل ذلك الموازنات المحلية  حتى انه الحاجة  الرسمية للإخوان كممثل للشريحة الفلسطينية لم يعد بذات الأهمية  بعد أن قام الجانب الرسمي بخلق قيادات بديلة للمخيمات والتجمعات  للمواطنين من أصول فلسطينية  بعيدة عن الإخوان وظهر ذلك في الانتخابات الأخيرة بتوجه الأصوات في تلك التجمعات للكتل المنافسة للإخوان ،  النجاح يكون عادة في اجتراح حلول جديدة والتفكير بشكل لا نمطي وخلط الأوراق وحمل زمام المبادرة لا العيش على ردات الفعل وانتظار الإشارات والتلميحات والعيش على أمل موهوم  لن يكون في ظل الظروف السائدة كما يبدو.
 
هذه الأسطر قد لا تكون مقال بقدر ما هي دعوة صادقة  لقيادة الحركة في ترك محاولة إعادة ترميم العلاقة  مع الموقف الرسمي الأردني بالصيغة القديمة فقد أصبحت تلك المرحلة من الماضي والاتجاه نحو العمل بطريقة أخرى تحافظ على تحقيق الأهداف مع  تجاوز الخصومات الداخلية  والهياكل والحلول  التقليدية  .
 
كاتب وحقوقي أردني .
 
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد