صمت دهرا ونطق سحرا

mainThumb

09-04-2017 11:22 AM

لم يكن يومي هذا استثائي  لأني زرت  معرض طرابلس الدولي لأول مرة  فحسب ؛ بل لأن رفيقي  كان  هو أيضا استثنائي و فوق العادة .
 
ابني عبد الرحمن  هذا الفتى اليافع ابن  السادسة عشرة  ربيعا صاحب  الهيئة  التي تشي  بمشروع  رجل ذا شأن،   الرزين ذا الملامح  الجميلة  و الطول الفارع والطباع الهادئة والحرص على أناقة الهندام  ورقي التعامل ... المبرمج على (الصامت).
 
فاجأني  عبود  اليوم وعلى غير العادة  أنه يخرج عن  صمته و ينهمر  بوحا لاخيه  معربا  عن شدة  إعجابه و فخره  بشخصتي  و بإنجازاتي   ساردا له  قصصا ورويات تظهر الفرق  ما بين أمه  و  أمهات رفاقه في  المدرسة .
 
أصابتني الدهشة فنحن في البيت نوشك أن ننسى أن لعبد الرحمن  صوت   ،  فكيف  يدلي بهذه الشهادة  ،وقد كنت أراني  بعينه ام  لا أشبه الأمهات ؟! أما  لا  تفرط  في المشاعر والدلال !  لا تتقن صناعة الكعك ، ولا  تحتفل بأعياد الميلاد ، و  توزع على أولادها الذكور  أعمال  البيت  ، بل و تنهر أحدهم إذا ما تعثر ( أنت زلمه عيب عليك  انهض ) ،  وأما  اذا تشاجروا مع غيرهم قد تنصف الآخر  إذا رأته صاحب حق      .
 
  كنت أراني   أما  سيئة لست على مقاسهم ، واتساءل بما سيحدثون   أبناءهم عني إذا ما صاروا آباء ؟! .
 
  فاثبت لي ابني اليوم  أن له عينين جميلتين تراني من الداخل،  تر آني   أم مواقف لا أم عواطف ،  أنشغل ببناء  عقولهم قبل أن تشغلني  بطونهم  ، أهتم برتق  ما تفتق من أخلاق قبل  أن أرقع ما تمزق من ثيابهم  .
 
 رأني  صديقتهم وأختهم و  كل نساء الكون لهم  في ظل  غياب الجدة والخالة والعمة  والأخت .
 
شكرا بني الآن أدركت  حاجتنا  لعيون غيرنا كي نرى أنفسنا ولا نبخسها حقها  ونعرف  أن تجارتنا  رابحة .
 وأن بيعنا لأوجعنا ممكن  بجملة إنصاف في حقنا  تتكفيل بأن تمحو وجع  سنين العمر  .
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد