صحيفة السوسنة الأردنية

لقد كتبت مقالة - قديما - حول ذكر الراهب في قصائد العرب ؛ وخلاصتها انهم يضربون الغاية في جمال المحبوبة حيث أنها تنسي الراهب -  الذي اعتزل الحياة وعكف على عبادته ووخطه الشيب - عبادته وتنزله من صومعته كل ذلك من نظرة عرضية جاءت على غير قصد ؛ ففعلت به الافاعيل !!!

 

وأيضا جاء ذكر الراهب في قصيدة للشاعر أبي الحسن المصري محمد بن القاسم الملقب : ب ( ماني الموسوس ) ، هاجر من مصر إلى العراق ...

 

أخرج لنا أبيانا هي الغاية والنهاية في الرقة والحزن والفراق يبكي لها الطير وترنو لها الضباء ، حيث جاء ذكر الراهب فيها كونه يجلس في دير على طريق القوافل التي تمر به الأظعان والرواحل ....

 

فالشاعر يستفسر من الراهب عن المحبوبة : هل نزلت ومن معها في ظل ديرك للراحة أو لأمر ما ؟

فالأديرة كانت بمثابة الاستراحات التي نجدها على طرق المسافرين ، وفي الغالب تكون بالقرب من عدود المياه ، فينزل المسافرون للاستراحة أو للتزود من الماء حتى يقووا على متابعة سيرهم ، ويتكون من هذا النزول علاقات وثيقة بين النازلين وصاحب الدير ؛ فيكون الراهب مصدر معلومات عن الراحلين والنازلين ؛ فيعرف أسماءهم وأسماء قبائلهم .

وقصيدة أبي الحسن المصري تفيد ذلك وتوضح هذا الأمر الذي يتعلق بالراهب حيث أن العاشقين يرجعون له في الاستفسار عن خط سير وسفر المحبوبة ، ونذكر الأبيات التي هي الغاية :

 

لما أناخوا قبيل الصبح عيسهمُ

......... وحملوها وسارت بالهوى الإبل

 

فأرسلت من خلال السجف ناظرها

.........ترنو إليَّ ودمع العين ينهمل

 

وودّعت ببنان زانه عنم

.........ناديت لا حملت رجلاك يا جمل

 

يا حادي العيس عرِّجْ كي أودعهم

........... يا حادي العيس في ترحالك الأجل

 

ويلي من البين ماذا حلَّ بي وبها

.......... من نازل البين حل البين وارتحلوا

 

إني على العهد لم أنقضْ مودتهم

.......... يا ليت شعري بطول العهد ما فعلوا

 

لمّا علمت بأن القوم قد رحلوا

..........وراهب الدير بالناقوس منشغل

 

يا راهب الدير بالإنجيل تخبرني

......... عن الخيام اللواتي ها هنا نزلوا

 

فحن لي وبكى وأنّ لي وشكى

........وقال لي يا فتى هل ضاقت بك الحيل

 

إن البدور اللواتي جئت تطلبها

........ بالأمس كانت هنا واليوم قد رحلوا

 

شبكت عشري على رأسي وقلت له

..........يا حادي العيس لا سارت بك الإبل

 

ليت المطايا التي سارت بهم ضلعت

.......... يوم الرحيل فلا يبقى لهم جمل

 

شبكت عشري على رأسي وقلت له

......... يا حادي العيس لا سارت بك الإبل

 

ليت المطايا التي سارت بهم ضلعت

............ يوم الرحيل فلا يبقى لهم جمل