كوني امرأة حقيقية

mainThumb

07-09-2020 12:56 PM

من بين أكثر من ١٠٠٠ تعليق على منشور في إحدى المجموعات الخاصة بالنساء التي وجدت نفسي عضوة فيها دون علمي كالعادة، يقول "اذا اجا زوجك لحضنك يبكي لإنه مرته الثانية ماتت، شو بتكون ردة فعلك"؟ اشتهيت أن أقرأ تعليقا واحدا منطقيا ومتزنا وحقيقيا وغير ساخر بصراحة.

كل الأجوبة كانت تتجه صوب عدد من الدعوات على هذا الزوج، وقلة من ترحمن على زوجته، "ريته يلحقها" "بحكيله عقبالك" "بلحقو ياها" "بعرف انا دعستها" "دير بالك وانت بتقطع الشارع بكرة" "ارتحنا منها" " يا خوفي يكون في وحدة ثالثة" "ببعته عندها بلاش تحس بالوحدة لحالها المقصوفة".... وغيرها من الردود التي تجرد المرأة من طبيعتها الحنونة، ومن رحمة الأم التي ميزها الله بها عن باقي مخلوقات الكون.

وهذا بالتأكيد استفز عاطفتي كثيرا، فرددت ردا يليق بالمرأة ويليق بالأم ويليق بالإنسانية، كان معناه، أولا : أنا سأحتويه، سآخذ بيده في مصيبته، فأن يبكي الرجل حبه هذا دليل على صدق محبته، والحب عندي ضيف من الله ينزله زائرا إلى قلوبنا، وعلينا أن نحترم ضيف الرحمن هذا، وهنا لا ذنب له اذا بمن دخلت قلبه وأحبها.

وثانيا: الإنسان في ضعفه ومرضه وتعبه يلجأ لا إراديا إلى أحب الناس على قلبه، إلى من يفترض به أنه سيكون قوته وشفائه وراحته، وحين اختار زوجك حضنك أنتي فهذا لعلو مكانتك لديه، هو لم يفكر بالسبب بقدر ما كان جل تفكيره بأن يرتمي في أحضان إنسانة لن تخذله، ولن يندم بقرار لجوئه إليها في مصيبته.

ثالثا: الزواج الثاني والثالث والرابع ليس شرطا أن يكون خيانة لك، ولا دليلا على نقص فيك، أو نتيجة لتقصيرك معه ابدا، قد يكون اعتقاد لديه بأنه حق أجازه الله له كي لا يدخل ضمن إطار الحرام لا قدر الله، وما اخفاه عنك إن أخفاه، إلا دليل على أنه شخص يحترم مشاعر زوجته وأقصد أنت، وهذا برأيي شيء لا بد أن يفرحك ويجعله كبيرا في نظرك.

الغريب، أنه بعد تعليقي هذا انهالت التعليقات ردا على ما كتبت، وأصبحت كل واحدة منهن تنعتني بصفات مضحكة، لم تزعجني ردود أي منهن أبدا، واكثر تلك التعليقات جمالا كانت "إنتي صاحية؟"، كنت حينها أريد أن أشرح لها أنني نعم مستيقظة لأن الكهرباء انقطعت والجو حار وغير قادرة على النوم، ولكن سرعان ما أدركت أنها تقصد شيئا آخرا، فمحوت ردي قبل أن ارسله.

الحقيقة، أنني لست مثالية أو من خارج السرب الذي ينتمين هن إليه كما وصفتني بعضهن، أنا واحدة منهن، ومثلهن بكل شيء، ولكن هن لم يسمحن لذلك الشيء الجميل الدفين في ركن ما من أركان حناياهن أن يخرج ويلقي بظلاله على أمور حياتهن، فلدى كل منا ميزة كرمها الله بها، قلة من استطعن اكتشافها واستخراجها.

لو أخذت واحدة فقط ردي على محمل الجد، فصدقا سيتغير حالنا كله، لماذا دائما ننقاد وراء سواد الأمور، وإن لم تكن كذلك نسودها بأيدينا، دعن الأمور تسير كما اختار لها القدر أن تكون، لا داعي أبدا لخلق المشاكل من مواقف بسيطة، ندرجها تحت بند الغيرة والكرامة وعزة النفس، لا تدعن هذه المسميات الثلاث تدخل محيط تفكيرك وتسيطر عليه في غير محلها، لا أقول أن تكوني امرأة بلا غيرة او كرامة او عزة، ولكن لا تدعيها تشكل قيدا على سعة صدرك وعلو شأنك، لا تدعيها تقف في وجه تلك الرحمة التي وضعها الله بقلبك وقارنها بعظيم رحمته.

وختاما، في الحقيقة، أنا سعيدة جدا أنني أثرت نقاشا عريضا أو جدالا إن صح التعبير بمداخلتي هذه، علها تكون أنستهن أولا الموضوع الرئيسي للمنشور الذي أغضبهن بشكل ملفت، وأيضا لربما تكون هذه المداخلة شرارة قد تقدح يوما في أذهان بعضهن بأن تبحث في نفسها عن تلك الميزة التي تحدثت لهن عنها.

وللحديث بقية دائما..



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد