آلية اختيار رئيس الجامعة

mainThumb

23-09-2020 05:18 PM

رسالة عاجلة إلى دولة الدكتور عمر الرزاز الأفخم،

بعد التحية،

الموضوع: الخلل في الية اختيار رئيسي جامعة اليرموك وجامعة الحسين بن طلال

أما بعد،
سندا للمادة (١٧) من الدستور الأردني، والتي تنص على حق الأردنيين في مخاطبة السلطات العامة فيما ينوبهم من أمور شخصية أو عامة، فأنني أتوجه اليكم بهذا الخطاب آملا أن يجد عندكم آذانا صاغية، وقلبا مفتوحاـ راجيًا أن تضعوا ما سنقوله لكم في هذه الأسطر في باب الحرص المطلوب منّا جميعا للعمل معا لدرء المفاسد وجلب المصالح التي ما انفك يحدّث بها جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله في كل محفل ومناسبة .

بداية، نحن نظن بأن ما قام به وزير التعليم العالي والبحث العلمي مؤخرا، والمتمثل بتشكيل لجنة من بعض ذي الشأن والخبرة، لاستقطاب عشرة أسماء وترشيحهم لمجلس التعليم العالي، ليتم بعد ذلك اختيار اثنين منهم، لتولي منصبي رئيس جامعة اليرموك ورئيس جامعة الحسين، يشكل – برأينا- مخالفة واضحة لمبادئ الدستور الأردني، خاصة المادة السادسة منه، والتي تنص على المساواة بين الأردنيين فِي الحقوق والواجبات، ومنها الحق في اشغال الوظائف العامة والقيادية واخلالا واضحا بمبدأ تكافؤ الفرص وتطبيق اسس العدالة. فعلى الرغم من احترامنا وتقديرنا لذواتهم جميعا، إلا أننا نسجل الملاحظات على طريقة اختيار هذه اللجنة وآلية عملها، نذكر منها:

أولا، جاء تشكيل اللجنة مفاجئًا للأوساط الاكاديمية، وذلك لأن شروط إشغال وظيفة رئيس الجامعة - وفقا للقانون الخاص بالجامعات الأردنية - تنطبق على عدد كبير من الأساتذة العاملين في الجامعات، الذين لا شك سيحرمون فرصة المنافسة على المنصب بهذه الطريقة "المستحدثة" من قبل معالي الوزير المحترم.

ثانيا، لمّا كان منصب رئيس جامعة مؤته شاغرا قبل فترة وجيزة، تم الاعلان عن الشاغر، وفُتِح المجال لجميع الكفاءات للمنافسة، فتمت دراسة جميع الطلبات المقدمة، واجراء المفاضلة بينهم جميعا وفق اسس ومعايير معلنة. فالسؤال يتبادر الى ذهن كل المتابعين لهذا الشأن في الوسط الاكاديمي وخارجه هو: لماذا لم يتم اتباع نفس الأسلوب في تعيين رئيسي جامعة اليرموك والحسين كما تم في جامعة مؤتة؟ فلماذا اختلفت الآلية في الحالتين؟ فهل هناك خصوصية لمؤتة لا نجدها في اليرموك أو الحسين؟ ام ان وراء الاكمة ما وراءها؟ من يدري؟!

ثالثا، لم تعلن اللجنة المشكلة لاستقطاب المرشحين (لليرموك والحسين) عن الأسس أو المعايير في عملبة الاستقطاب. لذا، نحن نرى أنها قد خلت من الوضوح والشفافية التي يتحقق من خلالها الموضوعية وتكافؤ الفرصوالعدالة في الاختيار. ونحن نرى ما دامت أنها قد تمت بسرية في "الغرف المغلّقة"، ما خلت – في ظننا- من تأثير العلاقات الشخصية والأجندة الخفية، وربما المصالح الخاصة، فأصبحت في ظننا (حتى وإن انتجت أفضل الخيارات) هدفا سهلا للانتقاد الذي سيكون فحواه أنها ليست أكثر من وسيلة لتنفيع "المحاسيب"، وتدوير المنافع بين الأصدقاء والأحبة والمعارف. وبكلمات أكثر وضوحا، نحن نقول بأنه مهما كانت الموضوعية في الاختيار من قبل أعضاء اللجنة، فإن الانتقاد اللاذع سيطالها من كل حدب وصوب، خاصة أن الأمر يبدو للعامة ويكأنه قد دبر بليل، بدليل أنه حتى اللحظة لم يتم الافصاح عن الأسماء المرشّحة للاختيار. فالسؤال المطروح هو: ما ذنب تلك الكفاءات التي لم تخطر ببال رئيس اللجنة أو أحد من أعضائها خاصة إذا ما علمنا انهم لم يستندوا في اختياراتهم الى قاعدة بيانات وطنية للكفاءات الاكادبمبة لتمكنهم من الاطلاع على السير الذاتية لكافة من تنطبق عليهم شروط اشغال هذه الوظيفة بل اعتمدوا على المعرفة الشخصية والذاكرة والتي قد تخونهم مما يفقد عملية الترشيح مصداقيتها ومشروعيتها.

رابعا، تم تشكيل لجنة أخرى من مجلس التعليم العالي تكون مهمتها منحصرة بإجراء المفاضلة بين المرشحين من قبل اللجنة الأولى. ونحن نرى - عملا بالمبدأ القائل ما بُني على باطل فهو باطل- أن مخرجات وتوصيات هذه اللجنة ستكون محل شكّ ما دام أنه يشوبها الكثير من العيوب. الأمر الذي سيشكل أرضية أخرى خصبة للانتقاد وعدم الرضى من قبل الكادر الجامعي كله. وربما يعيدنا مثل هذا الخيار إلى المربع الأول وهو عدم الانسجام (وربما المشاحنة) بين رئاسة الجامعة من جهة والكادر الجامعي الذي يعمل فيه من جهة أخرى.

خامسا، نحن نظن أن القانون الأردني يكفل للمتضرر من اجراءات وسياسيات وقرارات وزير التعليم العالي اللجوء إلى القضاء، ونرى بأن صدور قرار من المحكمة الإدارية بإلغاء قرار تعيين رئيس جامعة رسمية سيشكل سابقة في تاريخ الجامعات الأردنية ومسيرة التعليم العالي في البلاد، الأمر الذي إن حصل (لا قدر الله) سيكون له أثار كارثية على سمعة ومكانة مؤسساتنا الوطنية.

سادسا، لن نختلف بأن وزير التعليم العالي الحالي هو نفسه من كان رئيس لجنة اختيار رؤساء جامعتي اليرموك والحسين السابقين، فالسؤال المطروح الآن هو: ماذا كانت نتيجة اختياراته تلك؟ ألم يكن هو من قام بإعفائهم بعد عملية التقييم؟ ألا يرى معالي الوزير أن قرارته السابقة غير سليمة؟ فهل سيضمن لنا أن قراراته القادمة في الملف ذاته ستكون صحيحة؟ ألم يكن الأولى به أن يستقيل هو ويعترف بخطئه قبل أن يقدم على إعفاء من اختارهم ؟ ألا يدل كل ذلك على أن آلية الاختيار برمتها فيها عوار واضح لا يمكن السكوت عليه؟

سابعا، لقد فتحت هذه الآلية في الاختيار الباب على مصراعيه لنشر الشائعات والتخمينات غير المستندة على الدليل الموثوق. فلقد طارت – مثلا- الشائعة بأن رئيس جامعة اليرموك سيكون شخص بعينه من كادر جامعة العلوم والتكنولوجيا من المقربين من الوزير، الأمر الذي أدى بالكثيرين للاعتراض سلفا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي على مثل هذا الاحتمال وذلك لوجود التضارب في بعض المصالح العالقة بين الجامعتين حتى الساعة.

لقد اتبعت حكومتكم منهجا والبة واضحة وشفافة في اختيار من يشغلون الوظائف القيادية في الدولة وقد حازت هذه المنهجية على رضا الغالبية من الناس لما تتسم به من شفافية وتطبيق مبدأ تكافؤ الفرص والعدالة فلماذا يبتدع الوزير منهجية مخالفة لما تقوم به حكومتكم وهو احد وزراءها؟ ان مخالفة الوزير لنهج الحكومة يثير تساؤلات عدبدة لدى الوسط الاكاديمي عن اجندة خفية للوزير لاسباب لا مجال لشرحها في هذه المقالة. استنادا لكل ما سبق فأننا نتوجه اليكم دولة الرئيس، آملين منكم وقف هذا النهج غير المنضبط في الألية والغاية، وبالتالي العمل على تصويب الوضع بالسرعة الممكنة، انسجاما مع مبادئ العدالة والشفافية التي جعلتها حكومتكم شعارا لها مؤكدين في الوقت ذاته أن على الحكومة الالتزام بتوجيهات صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين في التعلم من أخطاء الماضي، وعدم تكرار الخطأ ذاته اكثر من مرة. لأن ما حدث اليوم يؤكد الفشل الذريع في أدارة الملف ذاته في البارحة.
حفظ الله الاردن، وحفظ الله سيد البلاد وولي عهده الأمين، ووفق الله الجميع لخدمة البلاد والعباد

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أ.د. محمد بني سلامة

23 أيلول 2020



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد