هل يقود الدكتور أبوقديس نهجاً جديداً في إدارة ملف التعليم العالي؟

mainThumb

01-11-2020 11:26 PM

رغم قصر عمر حكومة الدكتور بشر الخصاونة، حيث أنه من المبكر الحكم على أداء أي حكومة قبل مرور 100 يوم على تشكيلها وفقاً للتقاليد السياسية الأردنية، إلا أنه لا يمكن الحكم على أداء بعض أعضاءها وخصوصاً الوزراء الجدد الذين تسلموا ملفات ساخنة مثل التعليم العالي والصحة والعمل والنقل وغيرها، وفي هذا السياق يمكن التعليق مبكراً على أداء الوزير الدكتور محمد أبوقديس الذي نلحظ أنه يتجه إلى تبني نهج جديد في إدارة ملف التعليم العالي في البلاد يتناسب وواقع التعليم العالي وآفاقه المستقبلية، وطبيعة التحديات المعاصرة التي تواجه هذا القطاع الحيوي والهام، حيث نتحدث عن ما يقارب 30 جامعة حكومية وخاصة ، و ما يزيد عن 40 كلية مجتمع ملتحق فيها عشرات الآلاف من العاملين الأكاديميين والإداريين، إضافة إلى ما يزيد عن 200 ألف طالب وطالبة، ناهيك عن عشرات الآلاف من الطلبة الأردنيين الدارسين في الخارج، من اردنيين وعرب واجانب .


من خلال لقاءات الوزير سواء مع رؤساء الجامعات الحكومية والخاصة أو العاملين في الجامعات من أكاديميين وإداريين ، يمكن أن نصف النهج الجديد الذي يقوده الوزير الدكتور محمد أبوقديس بأنه يتبنى فلسفة ضبط المشهد بدلاً من إدارته ، بمعنى أن الوزير لا يريد أن يتغول ويتدخل بشكل مباشر في شؤون الجامعات، وبنفس الوقت لا يريد أن يترك الحبل على الغارب لرؤساء الجامعات بذريعة استقلال الجامعات، فالتدخل عندما تستلزم الضرورة والمصلحة العامة يصبح واجب ومطلوب ، وبخلاف ذلك فهو غير مرغوب وغير مطلوب، لان ضبط المشهد هو بالتدخل لضمان بقاء البوصلة في الاتجاه الصحيح ، في حين ادارة المشهد تعني المركزية الشديدة والتدخل في كل صغيرة وكبيرة.


المتتبع لأنشطة ومواقف وتصريحات الوزير خلال الأيام الماضية يلحظ أن الوزير شرع في التحول التدريجي في عمل وزارة التعليم العالي نحو نهج جديد في الإدارة المرنة يقوم على الانفتاح والشفافية والاحتكاك مع رؤساء الجامعات والعاملين فيها على السواء، وبذلك يكون الوزير قد دشّن مرحلة حوار وطني مع المعنيين بالأمر عنوانها الشراكة والتشاور، الأمر الذي يسهم في توسيع قاعدة صنع القرار وهذا النهج الجديد يسجل للوزير ويقابل باحترام وترحيب الوسط الأكاديمي، عكس التوجهات السابقة في التعليم العالي حيث كان المسؤول ينأى بنفسه عن الاحتكاك مع الوسط الأكاديمي بحجة استقلالية الجامعات.


لا شك أن النهج الجديد الذي يقود الوزير في التواصل والحوار مع العاملين في الجامعات من أكاديميين وإداريين عاملين في الميدان حول هموم ومشاكل التعليم العالي ، هو الخطوة الأولى في تعزيز الثقة بين المواطن والمسؤول ، ومن ثم البحث عن الحلول الممكنة لازمة التعليم العالي في البلاد، ومن ثم العمل على تجاوز الأزمة والوصول إلى الهدف المنشود إصلاح وتطوير التعليم العالي واستعادة سمعة ومكانة هذا القطاع الحيوي الهام الذي كان في الماضي القريب ، في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي مصدر فخر واعتزاز للدولة الأردنية.


ومن المؤمل أن النهج الجديد الذي يقوده وزير التعليم العالي سيخرج بمشروع واضح ضمن خطة زمنية معقولة ، ووفق الإمكانات المتاحة ، لوضع اللبنات الأساسية اللازمة لخطة طموحة لا تتجاوز خمس سنوات للنهوض بالتعليم العالي في البلاد، ومن المستحيل تحقيق ذلك دون مشاركة فاعلة من المعنيين بالشأن اولا وهم العاملين في الميدان ، وخصوصاً أن مبادرة ونهج الانفتاح والشراكة التي بدأها الوزير تحظى بمتابعة واهتمام وترحيب الوسط الأكاديمي ، ومن المؤمل أن تسهم في رسم الخارطة المستقبلية لقطاع التعليم العالي على أكثر من صعيد، حيث أن هناك الكثير من الملفات أمام الوزير، ولا نتوقع أن يتم حسمها بين عشية وضحاها، حيث أنه ليس بوسعه اجتراح المعجزات، ولكن على المدى المتوسط والطويل ، نعتقد أنه ان لا بد من اعادة النظر في ملف تشكيلات بعض مجالس أمناء الجامعات الحكومية والخاصة، حيث يعد هذا الملف أحد أولويات الوزير في المستقبل، وللإنصاف فان اداء بعض مجالس الامناء متميز وترفع له القبعات، فيما تحول بعضها الى مجالس تأزيم وعبئ على الجامعات ، إضافة إلى ملفات أخرى لا تقل أهمية مثل الحاكمية وأسس تعيين وتقييم القيادات الأكاديمية ضمن قيم الشفافية والعدالة والنزاهة ، والترقيات الاكاديمية والبحث العلمي والتعليم عن بعد وغيرها من ملفات متراكمة منذ مدة طويلة، وهي تركة ثقيلة وصورتها لا تبدو مشرقة، ونأمل أن نعود للكتابة عنها بشكل مفصل في قادم الأيام.


نأمل أن تكلل جهود وزير التعليم العالي الدكتور محمد ابوقديس ، ونهجه الجديد بالنجاح ، بفضل الإرادة التي يمتلكها لإحداث التغيير المنشود، وبفضل الدعم اللامحدود الذي يلقاه من القيادة الهاشمية الرشيدة وعلى رأسها جلالة الملك عبدالله الثاني والحكومة الموقرة، ونأمل أن يكون عام 2021 هو عام الحصاد لرؤى وافكار ونهج الوزير الطموح ، بما يسهم في الارتقاء والتميز في أداء الجامعات والنهوض بالمجتمع، من أجل بناء الانسان ونهضة الاوطان ، وللحديث تكملة ان شاء الله.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد