باتت الحوادث المرورية بغض النظر عن مسمياتها وانواعها والجهات المشتركة بها ,من الامور التي تشكل هاجسا وهما يوميا للمواطنين وصنــَّاع القرار على حد سواء , وتعتبر من اهم المشاكل التي من شأنها استنزاف الموارد البشرية وتعمل على الحاق الخسائر بالقطاع الاقتصادي , فضلا على انها تستهدف بالدرجة الاولى اهم مقومات الحياة الا وهو العنصر البشري , الى جانب تشكيلها للعديد من المشاكل الاجتماعية المرافقة والتي اعتقد جازما بانها لم تعد تخفى على أحد .
وإن مشكلة حوادث الطرق والحوادث المرورية ليست مشكلة محلية , ولا يقتصر اثرها السلبي على دولة دون اخرى ومجتمع بخلاف آخر, بل هي مشكلة دولية تكاد لا تفلت من بين يديها دولة على امتداد العالم , الا ان الملاحِظ والمشاهِد لا بد له ان يلمس بان الدول التي تصنف ب” النامية ” هي الاكثر معاناة وانه وإزاء هذا الوضع المقلق كان لا بد من وضع اهداف وبرامج معية قابلة للتطبيق للحد من هذه الحوادث .
ولعل اهم عناصر واسباب وقوع الحوادث المرورية في الاردن افتقار الشوارع الرئيسة للتخطيط ولا توجد بها بنية تحتية قادرة للتعامل معها بالصورة المناسبة , خاصة فيما يتعلق بالمشاة , وان نسبة كبيرة من هذه شوارع المملكة الرئيسة منها والفرعية لا يتوافر بها وسائل السلامة المرورية وتفتقر للانارة ليلا مما يجعلها والحالة هذه مصدر خطر على صحة وسلامة المواطنين ومركباتهم .
ومن هنا , ولادراكنا باهمية تأهيل الشوارع كي تكون المكان المناسب والآمن للسير عليه سواء مشاة ام سيارات ؛ كان لا بد من توفير المخصصات المالية الكافية والمناسبة , ومن الاهمية بمكان افراد موازنات محددة للعمل على اعادة تأهيل الشوارع التي هي بحاجة للتاهيل والتعبيد , للحليولة دون وقوع الحوادث المرورية عليها .
الى جانب , ضرورة رفد الشوارع الرئيسة والفرعية في شتى مناطق المملكة بوسائل السلامة المرورية وانارتها بالصورة المناسبة والكافية , خاصة تلك التي تشهد وقوع حوادث مرورية عليها بصورة مستمرة , وان يكون هناك مراعاة بالقدر الكافي للمشاة , وان أمكن فصل سير المشاة عن السيارات , لما لذلك من أهمية .
وفضلا عما سبق الاشارة اليه ؛ فان السائق يعتبر العنصر الاساس الثاني في وقوع الحوادث المرورية , لذا يجب التركيز عليه منذ بداية الامر وقبل ان يكون سائقا للمركبة , من حيث اعادة النظر بموضوع التدريب وهل خصص التدريب المعطاة كافية , واساليب الفحص , وان نترك موضوع العقوبات التالي واللاحق , ولا يجوز التركيز على ان العقوبة هي الرادع والحل المناسب لهذه المشكلة .
وأننا ما دمنا بسياق الحديث عن حوادث السير, كان لا بد من الاشارة الى اهمية تفعيل القوانين والانظمة والتعليمات الناظمة للعملية المرورية بصورة شمولية , من حيث معرفة الجميع به والالمام بمدلولتها والهدف المنشود منها , والعمل بصورة جادة على تفعيل هذه القوانين والتعليمات بالصورة التي معها نضمن ان يقوم الجميع بالالتزام بها والتقيد التام فيها , فضلا على تفعيل وسائل الرقابة على المخالفات .
وفي ذات السياق ؛ احب ان اشير الى ان نسبة وقوع الحوادث المرورية يقوم بها من هم بالفئات العمرية ما بين الحادي والعشرين عاما و25 عاما , وهذا يعطي دلالة بان من قام بها هم ممن حصل على رخصة القيادة حديثا , ولم تتوسع درايته بالقيادة بالصورة الكافية بعد , الى جانب عدم وجود اجراءات من قبل الجهات المعنية بضرورة العمل على اتخاذ الاجراءات المناسبة لموازنة الامور المتعلقة بالزيادة الكبيرة لاعداد السيارات وعدد السكان , من هنا كان على الجهات المختصة ان تعي هذا الامر وتقوم باتخاذ الاجراءات المناسبة في هذا الخصوص .
وبقي القول بان مسؤولية الحيلولة دون وقوع الحوادث المرورية كما بدأت ليست مسؤولية جهة امنية او مدنية وحدها , ومقتصرة عليها , بل هي مسؤولية جماعية تشاركية فيما بين الجميع افرادا ومؤسسات , وان على الجميع القيام بالمسؤوليات المنوطة به وضمن القوانين والانظمة التي تحكم هذا المجال , وان لا ندع الامر للزمان والايام كي تنهي هذه المشكلة , فلو كان بيدها الحل لمثل هذه المشاكل لما آل الوضع لما آل اليه حاليا .!!
و يبقى السؤال الذي يشغل بال الجميع مواطنين ام صناع قرار متى ستنتهي مشكلة حوادث الطرق – التي انا احد ضحاياها – , ومتى سننعم بمجتمع خالٍ من الحوادث المرورية التي تخطف الفرحة والامل بغد اجمل وبفلذات اكبادنا واجمل ما نملك ,ومتى ينتهي مسلسل نزف الدماء على الطرقات .