القبيلة التي يحق لها أن تفخر اليوم

mainThumb

12-08-2021 12:22 PM

عُرف العرب بفخرهم بالقبيلة والنسب، وكان ذلك بسبب الأفعال الطيبة والكريمة التي كانت تتنافس تلك القبائل بفعلها، فقد كانت قبائل قريش تتنافس في إطعام وسقاية الحجيج، وإكرام الضيف، وحماية من يلتجئ إليها، وقد تتوج ذلك بحلف الفضول، والذي قام على انصاف المظلوم مهما كان، وردع الظالم وإن كان قرشيا، والذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم:"لو دُعيت به في الإسلام لأجبت".
       وكلما كانت القبيلة كبيرة في العدد، كلما كانت الواجبات الملقاة على عاتقها أكبر، فهي نعمة من الله تستوجب الشكر، ويخشى منها الفتنة، وشكرها يكون بتحقيق العدل والعدالة بين الناس، تماما كحلف الفضول الذي كان من مكارم أخلاق الجاهلية عند العرب، وجاء النبي صلى الله عليه وسلم ليتممها، والمسارعة في الأعمال الفاضلة؛ من إكرام للضيف، وإغاثة الملهوف، ومساعدة المسكين، ونصرة المظلوم، والأخذ على يد الظالم، ويخشى منها الفتنة بالغرور بالكثرة والقوة لتكون سببا-لا سمح الله- بظلم الآخرين، وأكل الحقوق، وحماية الظالم بسبب القربى، { وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى } (سورة الأَنعام 152).
       ومن يفخر بفعل آبائه وأجداده من أفعال طيبة، وأخلاق حميدة، وجب عليه اقتفاء أثرهم بتلك الأفعال والأخلاق، واليوم والأمة تمر بحالة من الضعف والهوان، من تفكك وتشرذم، وتسلط الأعداء عليها، وانتشار الظلم والفساد فيها، فإن القبيلة التي تقف مع الحق في صف الأمة، وتعمل على وحدة الأمة لا تفرقها، حُق لها أن تفخر بفعلها هذا، وغالبية القبائل العربية اليوم ما تزال تقف حيث الحق مع أمتها، قاتلت وقدمت الشهداء، وتبذل النفس والمال في سبيل ذلك.
 
       أما على المستوى الداخلي، لا فخر إلا لتلك القبيلة التي ترفع ميزان العدل، وسيف الحق، تغيث الملهوف، تنصر المظلوم، تتواضع للمسكين، وتأخذ على يد الظالم والفاسد المفسد وإن كان من ذوي القربى، وتذعن لحكم الله، لا للأحكام الوضعية الظالمة، والتي تدعوا لأخذ الثأر حتى الجد الخامس(الخمسة)، والجلوة الموسعة، وأخذ الآخرين بجريرة المعتدي، وغيرها، { فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } (سورة النساء 65). وقال تعالى على لسان نبي الله يوسف عليه السلام: { قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (78) قَالَ مَعَاذَ اللهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ } (سورة يوسف 78 - 79).


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد