الفساد والحوكمة

mainThumb

07-09-2021 03:30 PM

يعد  الفساد بجميع اشكاله  آفة من الافات الكبرى التي تفتك بكل شيء وهو بالتالي سبب رئيسي للتخلف والرجوع الى الخلف بكل المجالات. كما انه بيئة طاردة لكل شيء، فهو بيئة طاردة للكفاءات وبيئة طاردة للاستثمار وبيئة طاردة لكل المنافع. فهو بالتالي مدعاة للنكوص والتراجع الشامل، وحتما لا يوجد دولة بالعالم تفضل مثل تلك الاوضاع بل على العكس فان جميع الدول تسعى وبكل ما تملك للحد من الفساد والقضاء عليه وتجفيف منابعة كافة. 
لذلك تسعى جميع الانظمة الادارية لعمل كل ما من شأنه الحد من الفساد والقضاء عليه وتجفيف منابعه، ويكاد يكون اتفاق عالمي على ان الحوكمة بمضامينها ومبادئها تعمل بلا شك بالحد من الفساد ومنع انتشاره لكن قوى الشد العكسي تعمل على مقاومة تطبيق اي نوع من الحوكمة لان تطبيق الحوكمة سيضع كل شيء على الطاولة وبالتالي كشف المستور وبالتالي كشف الفساد اضافة الى منع وجود الممارسات الفاسدة في المؤسسات، ولكن بوجود فئات مستفيدة من حالات الفساد ستعمل تلك الفئات على مقاومة الحوكمة ووضع العراقيل امام تطبيقها ولو على الاقل تأخير تطبيقها. فالحوكمة من الأسلحة الفعّالة في الحرب ضد الفساد، وكلما كان التطبيق عاما كانت هزيمة الفساد أسرع وأكثر كفاءة ومردودا.
الحوكمة تقوم على فلسفة أساسها تحمل المسؤولية من قمة الهرم لأسفله. فكل فرد مسؤولاً بما وكل اليه وتتم مساءلته القانونية بشفافية يراها الجميع. وهذا المنهج الشفّاف يشكّل أول طعنة للفساد، لأن من يتحمّل المسؤولية يضع نصب عينيه المساءلة التي تنص عليها الحوكمة ويتجنّب الفساد بجيمع اشكاله لأنه سيسأل قانونياً عما فعله ويتم فضحه على الملأ. جميع أفعال المؤسسة كبيرها وصغيرها وفق مبادئ الحوكمة، يجب أن تتحلى بدرجة عالية من الشفافية والإفصاح لأن العمل في الضوء يبعد الشبهات، ويدرأ الفساد وجرائمه.
من الشفافية يستفيد الجميع مقدم الخدمة ومتلقيها وكل المجتمع. وفي ظل هذا الإفصاح يهرب الفساد، لأن حضرة (المسؤول) كان يعمل كما يشاء ووقت ما يشاء وهو الكل في الكل ولا أحد يسأله. والسلطة المطلقة، تقود إلى الفساد والإفساد. والحوكمة تمنع السلطة المطلقة المفسدة وتسعى نحو المؤسسية لأن الجميع يشارك، أو يسأل عما تم عبر مختلف الوسائل العامة. 
الحوكمة تشترط الإفصاح عن التصرفات المالية وضوابط للتنفيذ وللرقابة، ولجان للتعيين والمكافآت، والمراجعة والمراقبة لأوجه الصرف والتعيينات. والمراقبة للعطاءات وترسية المشروعات وإبرام العقود، ونشر المعلومات عبر الوسائل المتاحة، وتحديد المسؤوليات ليتم التصرف وفق الصلاحيات وعدم تجاوزها. ووفق الحوكمة يجب على كل شخص العمل لصالح الجميع وتجنب تضارب المصالح وإيثار المصلحة الشخصية وعدم كشف الأسرار.
التنفيذ السليم للحوكمة، سيساعد في محاصرة الفساد والمفسدين. ويجب علينا الالتزام التام بانتهاج الحوكمة كأداة فعالة لمحاربة الفساد، وليس كوسيلة لإضافة (مكياج) تجميلي ولكن كهدف سام نؤمن بمخرجاته ونستفيد منه.
 
*خبير تخطيط استراتيجي واداة اداء مؤسسي


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد