المخاطر الجيوسياسية والمطلوب من الدول الناشئة

mainThumb

12-07-2022 07:57 PM

بدأت الحرب الروسية الأوكرانية تأخذ منعطف حاد أكثر بين الغرب والشرق في النصف الثاني من العام الحالي، وقد يترتب آثار اقتصادية وسياسية واجتماعية كبيرة على جميع دول العالم سواء في الدول المتقدمة أو النامية، وما زالت أمريكا تمسك بخيوط اللعبة رغم صلابة روسيا وقوة موقفها، وبدأت تنعكس آثار الحرب بشكل واضح على أوروبا العالقة بين الغرب والشرق، وبدأ الركود يهدد ويزيد من تعثر الدول الناشئة في سداد ديونها.

.
الحرب ظاهرها بين روسيا وأوكرانيا ولكنها بالعمق هي حرب اقتصادية بين أمريكا وأوروبا من جهة وروسيا والصين من الجهة الأخرى، وما زالت أمريكا تمسك بخيوط الحرب من حيث أنها بدأت برفع أسعار الفائدة، والذي أدى بدوره إلى زيادة الطلب على الدولار الأمريكي كملاذ آمن، مما زاد من قوته الى أن وصل الدولار الأمريكي إلى 108.20 نقطة مقابل سلة من العملات، وهو الأكثر من عشرين عام، كما أن الحرب ساعدت أمريكا ببيع غازها الطبيعي الى أوروبا وبأسعار مناسبة، كما أن بيانات التوظيف الأمريكية ما زالت ايجابية.  
.
وفي كل حرب هناك خسائر، فقد لاحظنا كيف هبطت المؤشرات الأمريكية وعلى رأسها مؤشر ناسداق للتكنولوجيا بأكثر من 25% من بداية الحرب، كما أن نسب النمو في أميركا انخفضت الى 2.6% أقل من العام السابق الذي وصلت فيه نسب النمو الى 5.5%. على كل حال، أميركا استطاعت معالجة مشكلة البطالة حيث وصلت إلى النسب المستهدفة تقريبا 3.6%، واستطاعت معالجة مشكلة التضخم جزئيا داخل أميركا من خلال رفع قوة الدولار الأمريكي بما يقارب 20%، ليصل إلى 108.20 نقطة مقابل سلة من العملات.
.
بالمقابل، أوروبا أمام منعطف وتحدي كبير، لأن النمو "الناتج الإجمالي الأوروبي" انخفض من 4% تقريبا الى أقل من 2%، واليورو انخفض بشكل كبير ليتساوى تقريبا مع الدولار، ومؤشرات الأسواق الأوروبية كذلك مضطربة ومتجهة الى الانخفاض، كما أن حجم الاستثمارات وأرباح الشركات قد ينخفض بشكل كبير، وإذا ما تم قطع الغاز الروسي من خط "نورد ستريم" لأجل الصيانة، فإنه سيهدد ملايين الموظفين في أوروبا بشكل عام وألمانيا بشكل خاص ويزيد من معدلات البطالة، و ستضطر أوروبا للعودة إلى استخدام الفحم الحجري لتوليد الطاقة وتدخل في مشكلة تغير المناخ عالميا.
.
الصين كذلك الأمر تأثرت بشكل كبير، فنسب النمو انخفضت من 8% خلال عام 2021 إلى أن وصلت الى 4%، كما أن سعر صرف اليوان الصيني انخفض مقابل الدولار من 6.40 يوان الى 6.74 يوان صيني، انخفاض اليوان الصيني سينعكس ويزيد من معدلات التضخم نسبيا في الصين، كما أن الصين ما زالت تعاني من الاغلاقات فيها نتيجة تأثرها بفيروس كورونا، ومؤشرات الأسواق في الصين ما زالت مضطربة بالرغم من تحسنها في الفترة الأخيرة بسبب ارتفاع مؤشر مديري المشتريات.  
.
روسيا ما زالت تجدف نحو شاطئ الأمان، فسعر صرف الروبل الروسي زاد قوته مقابل الدولار الأمريكي، وما زالت قادرة على بيع غازها ونفطها وتتحكم في القارة الأوروبية من خلال أنبوب الغاز "نورد ستريم" والتلويح بإغلاقه، وما زالت لديها سيطرة على الأمن الغذائي في العالم من خلال نسبة الحبوب لديها، روسيا تحقق انتصار على مستوى نسب النمو والتضخم، فهي قادرة على النمو ولو ببطء في ظل العقوبات الكثيرة المفروضة من الغرب، وقادرة على ضبط التضخم من خلال سعر صرف الروبل الذي يزداد قوة أمام العملات الأخرى.
.
ما هو المطلوب من الدول الناشئة وعلى رأسها الأردن لزيادة قدرتها على سداد الديون وتجنب الركود، أولا زيادة التنسيق بين السياسة النقدية والسياسة المالية، ثانيا، السياسة النقدية مطلوب منها تخفيض الفائدة نسبيا، ودخولها كمشتري لأذونات الخزينه لضخ سيولة في البنوك، وتقليل الاحتياطي الإلزامي إن أمكن، وتوجيه قروض البنوك نحو القطاعات المهمة ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتوجيه البنوك الضعيفة نحو الاندماج، وتفعيل حسابي المشاركة والمضاربة في البنوك الإسلامية، ثالثا على السياسة المالية اعادة النظر في الضرائب المباشرة وغير المباشرة، وتعزيز التعاون بين القطاع العام والخاص وتفعيل دور البلديات في تنمية المناطق من خلال إصدار سندات أو صكوك، وأن تحافظ على زيادة الإنفاق الرأسمالي ليصل الى 30%، رابعا التركيز على القطاع الزراعي، خامسا تعزيز قطاع الطاقة المتجددة، وأخيرا الاسراع في التعاون مع الدول المجاورة وتنفيذ الاتفاقيات للخروج من أزمة التعثر المالي والركود الاقتصادي.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد