محمد صلى الله عليه وسلم نبي لزماننا *

mainThumb

19-09-2022 08:03 AM

أرادت المتخصصة بمقارنة الأديان (كارين مسترونغ ‏ ) في كتابها ( محمد صلى الله عليه وسلم نبي لزماننا) ،والذي قامت بتأليفه بعد أحداث 11/ سبتمبر المؤسفة أن تلفت أنظار الغرب والعرب على حد سواء إلى شخصية عظيمة يندر أن يكون لها مثيل ،وباعتبار حدث 11/ سبتمبر نقطة مفصلية كما كانت يوم بزوغ النبوة في القرن السابع الهجري نقطة مفصلية غيرت ما بعدها ، وقد أحسنت التوجه بأن هناك شخيصة وحيدة نموذجية لتكون هي المخرج من مأزق جاهلية اليوم تماما كما كان حال العالم العربي في جاهليته الذي جاء محمد صلى الله عليه وسلم لوأدها في القرن السابع الهجري وقد نجح لقد أصابت بقولها وصدقت بتوجهها فإن محمدا صلى الله عليه وسلم هو رحمة للعالمين ،
لقد راهنت على شخصية لو وزنت أمة بها بها لرجحتها ومن يراهن على رسول الله لا يخيب أبدا ،ولآن الرسول صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين فإن اتباعه مفيد للجميع ، فإن اتبعه المسلم أفلح في الدنيا والأخرة وإن اتبعه غير المسلم أفلح في الدنيا
ذلك لأن أعماله واقواله صلى الله عليه وسلم ،كلها عدل ورشد واخلاق، فلا يقول من الأقوال إلا الصدق ولا يترك منها إلا الكذب ولا يفعل من الأفعال الا الحق والعدل ولا يترك منها إلا الباطل والظلم ،ولا يأمر إلا بالعدل والإحسان والانفاق ومحاسن الأخلاق ولا ينهى إلا عن الفحشاء والمنكر والبغي والبخل ومساوي الأخلاق هذه حقيقة لم يستطع العقل الصافي من كدر الجهالة إنكارها سواء كان مؤمنا أم كان كافرا لأن الحق ظاهر جعل الله كلامه في فمه وأظهر محاسن الأخلاق أحواله وفي اركانه وحركاته وسكونه ،
جدير بنا أن نطوف بك أخي القارئ في هذه العجالة إلى مقتطفات من هذا الكتاب والذي لا يغني عن قراءته مع الاعتذار للكاتبة ما اوردت به من بعض الروايات الضعيفة ،فهي معذورة فما تلقته من ثقافة في هذ المجال شحيحة ،ولكنها في الوقت نفسه قد وفقت في الاستدلال بالآيات القرآنية بشكل ملفت ومع أي ملاحظة فإن المقاصد التي ركزت عليها تلخص للمطلع سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم من خلال تركيزها على عناوين كبيرة يتضح ذلك من عناوين الفصول وغير خاف أن أهم إنجاز قام به صلى الله عليه وسلم هو تحرير مكة وجعلها عاصمة مقدسة ولم تحرر مكة حتى حرر عقول أهلها من لوثة الجاهلية والركن الثاني أو المنجز أنه بلغ القرآن الكريم لمدة 23 سنة وطبقه حسا ومعنى ،واذا ما أمعنت النظر في الكتاب تجد أنه أحتوى
على مقدمة وخمسة فصول أخذت العناوين التالية :
في الفصل الأول منه : (مكة )
وفي الثاني : ( الجاهلية )
وفي الثالث : (الهجرة )
وفي الرابع : (الجهاد) ،
وفي الخامس : (السلام ) فيما يزيد عن ٢٠٠صفحة
مقتطفات
أولا : جاء في مقدمته القول :
(في شخصية محمد صلى الله عليه وسلم النموذجية ،دروس ليس فقط للمسلمين ولكن أيضا للغربيين حيث كانت حياته كلها جهادا وهذه الكلمة لا تعني بالضرورة الجهاد المقدس ،وإنما تعني كدحه صلى الله عليه وسلم ليجلب السلام على العرب الذين مزقتهم الحروب ونحن محتاجون لمن هم مستعدون لعمل ذلك اليوم كانت حياته حملة لا تكل ضد الطمع والظلم والتكبر لقد أدرك أن العرب في مفترق طرق ... وتنتقل بك إلى الحاجة اليوم لمثل تلك الثورة التنويرية فتقول :
ولقد دخلنا في تاريخ جديد في 11/ سبتمبر ( تعني بها تاريخ استهداف برجي نيويورك ) وهي احداث مشابهة لما مر به العرب في القرن السابع الهجري جدير ان نتعلم ...الخ
وتابعت قولها : وأظهرت الأبحاث أن محمدا قد غير تلك العقلية الجاهلية إلى حالة من العقل واني أحاجج أن الجاهلية تعيش اليوم في الغرب كما تعيش في العالم الإسلامي على حد سواء ...وحتى يمكننا فهم ما يمكن ان يقدمه محمد صلى الله عليه وسلم لمأزقنا اليوم لا بد أن ندخل إلى العالم المأساوي الذي جعله نبيا منذ اكثر من ١٤٠٠سنة وهو على قمة جيل خارج المدينة المقدسة .)1
...

لقد زكى الله رسوله فقال : ( وإنك لعلى خلق عظيم ) 2 وزكى بصره فقال ( ما زاغ البصر وما طغى )3 وزكى صدره ( ألم نشرح لك صدرك )4 فاتسع لمحاسن الإيمان وفضائل الأخلاق فلا غرابة إن يشع هذ النور ويبدد الظلمة كما بدد ظلمة الجهل ، فإذا كانت ظلمة الكفر فقط فإن النور ينفذ لكن الكارثة حين تجتمع ظلمات بعضها فوق بعض كظلمة الظلم فوق ظلمة الكفر وظلمة الكبر فإذا اجتمعت هذه الآفات الثلاث فإنها تحجب الحقائق، إن الفطرة البشرية السليمة تذعن للحق وإن لم تعمل به ،فنجد أصحاب العقول يقرون مما لابد لكل عاقل من الاقرار به فإن الشمس لا تحجب ( فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون )5
ثانيا : لخصت لنا الكاتبة في نهاية الفصل الخامس الغرض والمقصد من هذا الكتاب وهو كشف حقيقة شخصية محمد صلى الله عليه وسلم "6" والتي يعتريها الغموض لدى الغرب بل والتشويه الممنهج والمتعمد وتزوير الحقائق كما تغيب حقيقة شخصيته عند بعض قادات العرب حيث تقول :
(يصر النقاد الغربيون على رؤية محمد "صلى الله عليه وسلم" كرجل حرب ويقصرون عن رؤيته معارضته منذ البداية لروح التكبر والانانية والجهل التي اسفرت عن العدوان على الآخرين ليس فقط في عصره ولكنها ما زالت مقتمصة لدى بعض قادة الغرب وبعض قادة المسلمين على حد سواء - الآن يتحول النبي الذي كان هدفه السلام - إلى رمز للفرقة والنزاع وفي تطور ليس فقط مأساويا ولكنه أيضا خطيرا على الاستقرار الذي يعتمد عليه مستقبل البشر ... وعززت رأيها بما نقلته ما قلت أنه للعالم الكندي ويلفريد كانتول سميث ( أن التطبيق الصحي للإسلام مكن المسلمين لعدة قرون على التمتع بقيم جديرة بالاحترام بالمشاركة مع الغرب لأن تلك القيم تنبع من تقاليد مشتركة ..)
وانتهت بالقول : أظهر التاريخ القصير للقرن الواحد والعشرين ان كلا الجانبين لم يتقن الدرس وإذا تعين علينا اجتناب الكارثة فعلى المسلمين وعلى العالم الغربي أن يتعلموا ،ليس فقط التسامح مع الآخر بل تقديره ونقطة انطلاق طيبة هي شخصية محمد صلى الله عليه وسلم رجل مركب يعصى على التصنيف الإيدلوجي ،وأتى أحيانا ببعض الأعمال التي يصعب أو يستحيل علينا قبولها ولكنه ذو عبقرية أصيلة وأسس دينا وتقاليد ثقافية ،ليس على السيف ولكن على السلام كما يعني اسم الدين وعلى التصالح والتراحم . ) انتهى
تأمل قولها ( شخصية محمد صلى الله عليه وسلم رجل مركب يعصى على التصنيف الإيدلوجي ...) ولله در القائل ( لم يبلغه منا سابق في وجوده ولا يدركه لاحق على سوابق شهوده فأعجز كل من الخلائق فهم ما اودع من السر فيه ،وله تضاءلت الفهوم وكل عجزه يكفيه )**
لقد قدمت اعتذارا للعقل – وحاشا - أن توفيه حقه
وأنى لها أن تدرك حقيقته صلى الله عليه وسلم أو توفيه بعض حقه ،وإنما هي بنان تومي باستحياء إلى بعض مكارمه ومحاسن أخلاقه ،وهي كذلك تقدم اعتذار للعقل الذي غيب هذه الحقيقة الكبرى المتمثلة بشخصية رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
وأنى لنا أيضا معشر المسلمين ايفاء رسول الله حقه !؟ ولم يوفه بحقه سوى ربه ولذلك أمرنا أن نصلي عليه ونسلم عليه تسليما فقال تعالى ( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) وما ذلك إلا للعلم الله قصور المؤمنين في تأدية ما يجب من حقه فأمروا بالصلاة عليه وله تضاءلت الفهوم وكل عجزه يكفيه .
وصدق الله القائل ( يا ايها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا "45" وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا "46" وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا ."47" )7
ونحن نشهد يا حبيبي يا رسول الله بما شهد لك به ربك فقال ( وإنك لعلى خلق عظيم )8 ونحن بتلك الشهادة إنما نعترف ونقر على أنفسنا بأن قد قصرنا كل التقصير في التخلق بأخلاقه واتباع نهجه
فعميت عين لم تر نورك وتعست والله نفس خالفت أمرك ، وشقيت أمة لم تتخذك لها قدوة ومنقذا .
اللهم ارزقنا كمال المتابعة لنبيك ورسولك محمد صلى الله عليه وسلم بسلامة وعافية واجعلنا ممن يستمع القول ويتبع أحسنه ربنا أمنا بما انزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذا هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك انت الوهاب اللهم بصر المسلمين بمحاسن الإسلام ومحاسن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وارزقهم حسن الاتباع فما لم يتبعوا فأنى لهم أن يحثوا غيرهم على اتباعه .
........

....
الهامش :
.............
*كارن أرمسترونغ ‏ مؤلفة بريطانية لعدة كتب في مقارنة الأديان وعن الإسلام. كانت راهبة كاثوليكية لكنها تركت الكاثوليكية وفضلت التصوف المسيحي. وهي عضوة في الحلقة الدراسية عن يسوع. ( ويكيبيديا )
ترجمة/ فاتن الزلباني الطبعة الأولى ١٤٢٩ه‍ يناير / ٢٠٠٨ م
1 المقدمة للكاتبة .
2- سورة القلم
3_ النجم
4 – الانشراح
5- الأنعام
"6” وأنى لها أن تدرك حقيقته صلى الله عليه وسلم ولكنها بنان تومي باستحياء إلى بعض مكارمه ومحاسن أخلاقه ،وهي كذلك تقدم اعتذار للعقل الذي غيب هذه الحقيقة الكبرى المتمثلة بشخصية رسول الله صلى الله عليه وسلم ،وأنى لنا أيضا معشر المسلمين ايفاء رسول الله حقه !؟ ولم يوف بحقه إلى ربه ولذلك أمرنا أن نصلي عليه ونسلم عليه تسليما فقال تعالى ( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) وما ذلك إلا للعلم الله قصور المؤمنين بحقه فأمروا بالصلاة عليه .
7- الأحزاب .
**من كلام أحد مشائخ الصوفية فيما يعرف بالوظيفة الياقوتية


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد