أنقذونا من التناقضات

mainThumb

24-09-2022 11:49 PM

سألت رهام زوجها فرهود : أدريت ان الحمولة قد اختارت عمي، أبا مناحي مختارا لها !
فقال فرهود هازئا : انا اتابع الاخبار من المحطات الفضائية المباشرة, لم يتم إذاعة الخبر بعد.
قالت : أنت تستهزئ ، فعمي قد بلغ الثمانين وحكمته معروفة للجميع وهو جدير ان يكون من وجوه القرية وأنت لست من مستواه !
أجاب فرهود بحدة : اسكتي وعظي على عتيقة ! فو الله لو انتخبوه رئيسا للبلاد لبقي " أبو اللقاقيم... ابو فم أحمر."
اثار كلام فرهود فضول ابنه " مناحي " ابن السبعة عشر ربيعا فسأل : ما معنى اللقاقيم! فقال الاب خالك المختار الجديد عُرف في أيام شبابه ولغاية الان انه يدور على الدواوين حيث تقام الولائم ويتناول الطعام لُقَما دائرية ملء كفه خاصة من موائد المناسف فسمي بهذا اللقب ... وقد عرف انه اقتنى قطاً لهذه الغاية فقد كان يسجن القط ساعات طويلة دون طعام ، ثم يطلق سراحه فيسرع القط الى مواقع الطعام فيتبعه أبو اللقاقيم . وكان الناس يعرفون ان أبا اللقاقيم قادم لأن القط اصبح شرطا لقدومه!
ضحك الابن فاغتاظت الأم قائلة: انت لا تزيد من قدرك عندما تحط من قدر الناس فبدلا من ان تبادر وتذهب الى الديوان وتقدم التهنئة لعمي أراك تبحث عن عيوبه وماضيه ، الا تخجل من ذكر ذلك امام ابنك!
قال فرهود: أراك تتحدثين عنه كأنه حكيم زمانه ، فهو غير جدير ان يكون حتى راعيا لمعزتين فكيف يرعى شؤون حمولة ، لكن الذنب ليس ذنبه بل يلام المنافقين الذين انتخبوه مختارا.
لقد كان مناحي في حيرة من أمره فقال لأبيه : خذني معك الى الديوان فأنا اريد ان أهنئ خالي بالمنصب . فضحك الأب : وقال ساخراً: منصب؟ أي منصب يا بني؟ ... اتدري ماذا أصبح يقول، حسب ما سمعت، عندما يتحدث في المجلس : يقول في بداية حديثه مخاطبا الحاضرين" وحياة من رفعني عنكو درجة.
بعد أن تناول فرهود وعائلته العشاء انطلق مصطحبا ابنه مناحي الى ديوان المختار. وعند الوصول وجد ان الديوان زاخر بالرجال شيبا وشبانا ، القى السلام ودخل الى حيث يجلس المختار الجديد نهض المختار لابسا بشتا ذهبيا مقصبا وقد بدت على محياه هالة من الوقار نهض مصافحا فرهود لكن فرهود طأطأ راسه مقبلا يدي أبي اللقاقيم فذهل الابن الذي كان واقفا خلف ابيه فلم يصافح المختار . جلس الابن متفكرا: اليس ما فعله ابوه مناقضا لما كان يقول في البيت ، اليس هذا نفاقا ، فقد اشبع الرجل ذما وشتائم وهو الان عندما واجهه يقبل يديه، انه النفاق بعينه . سألقنه درسا لن ينساه. وجلس بجانب ابيه. رحب بهما المختار بعد ان قُدِّمت لهما القهوة العربية . سأل المختار أبا مناحي عن حاله وحال عياله قال موجها كلامه لللابن : الست مناحي؟ لِم لَمْ تسلم عليّ يا خال ، كيف حالك ! فقال مناحي بصوت عصبي عال: الله يسلم حالك يا خالي أبا اللقاقيم!"
ضحك الحاضرون واحمر وجه فرهود وابا اللقاقيم معا . فقال أبو اللقاقيم :" أنا لا ألومك فأنت ما زلت غرا! فقاطعه الولد:" وانا اعرف الكثير عنك فالناس في القرية يلقبونك بأبي الطوابين "! وأردف قائلا فالكل يعرف انك ذات مرة لحقت الحاجة ام شحادة الى الطابون وانت تنادي : "هيهه، يا أم شحادة" فلما سألتك عما تريد قلت لها "إنك متيم بهواها" فلطمت وجهك فوليت هاربا.
غضب فرهود غضبا شديدا فلطم مناحي لطمة شديدة أطاحت به أرضا!
فقال المختار:" الأولى ان تلطم نفسك ، فهذا الفتى سمع ما قال منك ! وصدق المثل العامي:" من وين هالتلم الأعوج , قالوا : من الثور الكبير !"
نهض فرهود من المجلس تلفه هالة من الخزي وقد امسك يد ابنه بقوة ,وأخذ يوبخه طوال الطريق فقال الأبن : " إن تصرفك يا والدي هو الذي جعلني اتلفظ تلك الكلمات المحرجة لأبي اللقاقيم ، فأنت قد حرقته حرقا في حوارك مع امي ، لكن عندما سلّمت عليه ادركت انا ان تقبيلك يديه هوتصرف المنافقين فحنقت عليك وادركت انك كما يقول المثل : في الوجه مرآه وفي القفى مذراه" ارجوكم يا أيها الآباء انقذونا من التناقضات!"


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد