كرة القدم .. تبدأ بصافرة المودة وهدفها محبة مرتدة

mainThumb

12-10-2022 12:52 PM

كتبه/ محمد عبدالجبار الزبن
تمتلئ الذاكرة بمواقف الجمال والمحبة أيام الصّبَا، حيث ملاعب كرة القدم، التي كانت تجمعنا ولا تفرّقنا، وتسعدنا ولا تشقينا، فمع ما كان يشوبها من كدر الخسارة، إلا أنّ الفوز يزيدنا أملا في الحياة كلما حققناه، وكنا نتعلم منها الإيثار، ومنع الاعتداء على الآخرين، وإبراز المواهب، والاستعداد للقاء، وضرورة التعاون على تحقيق الهدف، والغضب من إهدار الفرص، والحرص على تقديم الأفضل.
فقد كنا صغارا، لكننا -ومن حيث لا ندري- كنا في دروس الحياة أصلا، فقد كنا نظنها ابتسامة عابرة، تنتهي بصافرة الحكم، وبتوقيت محدد، ولم نكن نظنّ أننا نطبق أسس استراتيجية، وضوابط سلوكية وقواعد منهجية، يسعى إليها الرائدون في مجالات الإدارة، والرياديون في الإعمار والاستثمار. فيا ليتنا كنّا في الحياة بهمّة وعزيمة ميادين الكرة!!.
ومع الأيام كبرنا.. ولكنّ الابتسامات البريئة ما زالت تعلق في الذاكرة، وكيف كنا نركض ونزدحم على تشجيع الفريق الذي نحبّه، ونفرح بفوزه وخصوصا إذا كان المنتخب للبلاد.
وبصرف النظر عن الملحوظات على هذه اللعبة، التي تنحصـر في غالبها بتصـرفات خارجة عن قوانينها، إلا أنها سبب في تحقيق السعادة للأجيال، كما أنها فرصة للأمم فضلا عن البلدان في التلاقي على المسطح الأخضر، والتعبير عن منافسات نزيهة. كما أنها لعبة تتواءم مع كافة التقاليد والمبادئ، فيمكن لكلّ أحد أن يستغلها حسبما يقتضيه حاله، وتحقق له النشاط الجسمي والذّهنيّ.
ومع أنني فارقت هذه الاهتمامات منذ ثلاثة عقود ونيّف، إلا أنني أرى واجب النقل للتصوّر عن هذه اللعبة وما ينبغي أن يكون منها وبها ولها، وما يحب أن لا يكون منها ولا بها ولا لها.
فكرة القدم من الأمور التي تعتني بها دول العالم في أعلى المستويات، وتحقق مزيدا من انتشارها لحساب الجيل بعد الجيل، كما أنّ التوعية الرياضية والإعلام الرياضي، يحققان تقدما في فهم المقصود من الرياضة بشكل عام، ومن كرة القدم بشكل خاصّ.
إلا أننا نجد بين الفينة والأخرى، فهما خاطئا للرياضة، ومن ذلك الجمع الخاطئ بين حبّ الفريق الفريق الفلانيّ وكره الفريق النّدّ، وهذا جمع لا يرتجى منه فوز ولا يحقق مصالح شخصية ولا مجتمعيّة.
فحينما أشجع فريق مدينتي أو بلدتي، ليس بالضرورة أن ينشأ الحقد على الآخرين، حتى يصل الأمر إلى تكوين كراهية تنشأ عنها نزاعات وصدامات لا تتناسب والإنسانية التي ننتمي إليها.
وإننا في الأردنّ نعيش النسيج الاجتماعيّ الأخويّ الذي ينبني على مبادئ الكرم وحسن الضيافة، فلا يناسبنا ولا بحال من الأحوال، حرق هذا النسيج ولو بعود ثقاب، ولا خرقه ولو بوخز إبرة، ولا تسريب قطرة ماء منه، وتربينا على أن لا نلقي حجرًا في بئر الوطن فيعكره، فنحن نشرب من إناء واحد، ونعيش على بساط الوطن، لنحقق الأهداف الإنسانية لا بعبثية يتسبب بها من لا يرجو ثوابا عند الله، مندفعا نحو الهاوية، بحاجة لمن يوقظه من غفلته.
وما الرياضة إلا كما تعرفون، هي واحدة من خيوط هذا النسيج، لذلك ستبقى لعبة كرة القدم تبدأ بصافرة المودة، وكلّ أهدافها محبة مرتدة كلنا نتقاسمها بسعادة، والتنافس بيننا بالمحبة والمودة، على الإيثار في بناء جسور المودة.


agaweed1966@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد