كي لا ننسى المحاربين القدامى.

mainThumb

12-11-2022 12:40 PM


كان أبي رحمه الله مدرب صاعقة في القوات الخاصة، وكان فارساََ كفرسان الأساطير لا يشق له غبار، وقد شاءت الأقدار ومتطلبات الكرامة عندما كانت تتوهج في نواصي الرجال، أن يصاب أبي بشظية صاروخ رماها العدو الصهيوني في إحدى المعارك، حيث كانت خدمته العسكرية في فلسطين، حيث كانت حالته سيئة جداً، وكانت أمعاءه خارج بطنه، وقتها قامت إحدى أخواتنا الفلسطينيات بخلع عصابتها وكانت كوفية وقتذاك، ربطتها على بطنه لإسعافه، وتم استئصال جزء من معدته وطحاله، وجزء من كبده، وبقي فترة طويلة في المستشفى، وبعد تعافيه وخروجه من المستشفى، قدم طلب ترميج من الجيش بسبب حالته الصحية، ولم يفكر يومها أن يقدم تقاعد مصاب حرب، لأنه لم يكترث لذلك بل كان همه الوطن وأن ما فعله أقل واجب.
كانت دموع والدي تنهمر كلما ذكرت سيرة القدس، لأنه يعتبرها الوجهة الأولى للكرامة العربية، ويعرف حجم تضحيات الجيش العربي الأردني على مشارفها، ومواكب الشهداء الذين قضوا فداء لها.
كان والدي يوصينا بالكرامة والدين في كل جلسة، وكان يوصينا بحفظ حقوق الناس والابتعاد عن الحرام وكل طريق يمت له بصلة، كان يوصينا بأن من يحكم بين الناس يجب أن يستمع لكل الأطراف وإلا كان حكمه مبتورا.
أبي كان قصة وطن، كان الوطن في عينه كالشمعة يداريها ويحرسها من أية هبة ريح ممكن أن تطفئها، أبي كان يروي لنا قصص وحكايات العسكر، وكيف كان أحدهم يقيم معركة شرسة يجهز بها على عدوه ويكبده الخسائر بعد ليلة رعب فقط عندما يمزح معه زميل ويقول له: هل تخاف من ذلك اليهودي الجالس على سطح الثكنة ويرمي علينا الحجارة ليستفزنا ؟؟ هكذا كان تعريف الكرامة عندهم، وبأن الذي أمامهم لص سرق أرض عربية، كان أبي يقول هذا الوطن محمي من الله ورجاله البواسل يتميزون عن كل الجيوش، أسأل الله الرحمة لأبي وأن يكون ظنه كما كان يتمنى.
وتستمر التضحيات ويبقى جند هذا الوطن يدفعون أرواحهم ثمناَ لعشقه ويروون الأرض بدمائهم الزكية، التي حتماَ ستنبت عزةَ وكرامةَ وترفض أن تدنسها أقدام الأعادي مهما تبدلت الأحوال.
فكيف لا نحفظ العهود، ونقرأ تراتيل العشق للوطن وجنوده الأوفياء.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد