اضراب المحروقات .. وما هو الحل؟

mainThumb

15-12-2022 11:17 PM

في الدول الديمقراطية، تعبر الشعوب عن حقوقها لتحمي مصالحها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمهنية عن طريق الاضراب، ويحدث الاضراب عادة نتيجة التعارض بين المواطنين أو القوى العمالية من جهة، مع الحكومة أو أصحاب رؤوس الأموال من الجهة الأخرى، مع غياب تدخل السلطة التشريعية لإقامة التوازن بين هذين العنصرين.
.
والاضراب سلوك ديمقراطي، وحق كفله الدستور يهدف الى إيصال رسالة العمال او المواطنين إلى صناع القرار وأصحاب رؤوس الأموال، وقد ظهر تاريخيا الاضراب في أوروبا بعد الثورة الصناعية، وتم اقرار شرعيته في دساتير الدول الأوروبية في اربعينيات القرن الماضي، وأصبح من ذلك التاريخ وسيلة قانونية وديمقراطية وحضارية يتبعها المواطنون والعمال.
.
ما دفع الأردنيين لإضرابهم الحالي ليس فقط ناتج عن ارتفاع الضرائب على أسعار المحروقات، إنما ناتج أيضا عن تتابع الازمات الإقليمية والعالمية التي أثقلت كاهل الأردنيين نتيجة ارتفاع الاسعار بشكل عام، ما أدى الى عدم قدرة المواطنين على تحمل أي تكلفة أضافية، وخاصة تكلفة أسعار المحروقات التي تدخل في أسعار معظم السلع في المستقبل لارتباطها المباشر في النقل والتصنيع.
.
المطلوب من الحكومة في هذه اللحظة الحرجة التي يمر بها العالم، من المخاطر الجيوسياسية، والتوترات في الإقليم والعالم، هو الاستماع الى مطالب المواطنين، وتقريب وجهات النظر، ومحاولة إيجاد تشريعات سريعة من مجلس النواب، تخفف من المخاطر المتعلقة في زيادة أسعار المحروقات التي تزيد من معدلات التضخم في الأردن، لأن أسعار السلع بالتأكيد سترتفع، كما أن استمرار الاضراب سيعرقل سلاسل التوريد في الميناء، ويؤدي الى دفع تكاليف اضافية من قبل التجار، وزيادة أسعار المحروقات بالتأكيد سينعكس بشكل سلبي على بيئة الاستثمار. وبالتالي، لا بد من محاولة ايجاد الحلول التي تخفف من مخاطر الاضراب على الوطن.

أولى الحلول التي تساعد في حل مشكلة الاضراب تخفيض أسعار المحروقات للمستوى الذي يتماشى مع الأسعار العالمية لازالة الغموض في طريقة حسابه. ثانيا، محاولة ترشيد الإنفاق الحكومي، والمتعلق بشكل خاص في الهيئات المستقلة، لا سيما التي يتداخل طبيعة نشاطها او عملها مع الوزارات والدوائر الحكومية، باتخاذ قرار جريء من السلطتين التنفيذية والتشريعية بإعادة هيكلتها، وهذا الباب يمكن أن يكون الباب الوحيد في ترشيد الإنفاق، لأن اغلب الإنفاق الحكومي أنفاق جاري.
.
ثالثا، على رئيس الحكومة أن يأخذ بمسؤوليته تجاه الوطن والمواطن، بإعادة النظر في الإنفاق المتعلق بالامتيازات الممنوحة للفئة العليا من موظفي الدولة. رابعا، مسؤولية السلطة التنفيذية والقطاع العام التعاون مع القطاع الخاص لاستقطاب المستثمرين ورؤوس الأموال وتذليل الصعوبات أمام استثماراتهم بما يعزز النشاط الاقتصادي ويزيد من نسب النمو ويخفف من معدلات البطالة المرتفعة، وعلى السلطة التنفيذية السعي والمثابرة للحصول على منح متنوعة تخدم معظم القطاعات، وخاصة المتعلقة في الخدمات والبنية التحتية الاقتصادية والاجتماعية، وتعزيز المشاريع الزراعية والأمن الغذائي.
.
استمرار الاضراب ليس من مصلحة الوطن والمواطن، وعلى المسؤولين ادراك هذه الحقيقة، والاسراع لحل هذه الازمة واحتوائها، والتخطيط المستقبلي بجدية أكثر، وبمنهجية جديدة، تبتعد عن جيب و لقمة عيش المواطن.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد