عنب الشام وبلح اليمن

mainThumb

02-01-2023 11:59 AM

في مطلع القرن العشرين ، قام جلاوزة رجل أوروبا المريض بجمع الشباب والقادرين على حمل السلاح في قرية ام السلاحف. كان قاسم بن الطارمي في بداية العقد الخامس من عمره من بين من اخذوا في حملة السفر برلك! ترك زوجته أم روبين وثلاثة بنين وفتاة تدعى الجازية. اما الابناء فكانوا روبين ( 16 عاما) وطامي (14) و كليب(10) اما الجازية فقد كانت في سن الحادية عشرة الا قليلا!

كانت الاحوال المعيشية في ذاك الزمان قاسية فكل ما تركه أبو روبين ثلاث إناث ماعز هزيلة مصابة بالجرب.

كانت ام روبين صعبة المراس لكن طعيج لص الحلال المتمرس تمكن من سرقة ماعز جرباء نحيلة هزيلة ولما كسدت عنده اضطر الى أن يعلفها بما لديه من حبوب القمح والشعير القليلة ... لقد كانت عنزا جرباء تلتهم الحبوب بنهم فاضطر طعيج الى اعادتها بعد شهرين الى حظيرة أم روبين لكنه وقع في حفرة كانت ام روبين قد حفرتها عميقا في الأرض وضعت في قعرها جلاميد صخرية ذات رؤوس مشرأبة وقد غطت فوهتها الواسعة بجريد النحل الذي وضعت فوقه الرمال فهوى طعيج في الحفرة في وسط الممر المؤدي الى الحظيرة، عندما ارتطم طعيج برؤوس الصخور في الحفرة صاح بأعلى صوته من شدة الألم لقد كان اسمه طعيج فأصبحت اضلاعه مهشمة مطعوجة"!”

هرعت ام روبين وابناؤها

وانتشلوا طعيجا من الحفرة لكن الفتيان انهالا عليه ضربا على الجانب الذي يؤلمه ... استعملوا هراوات من شجر السويد
بعد ان اشبعوه ضربا وتطبيشا شدوا وثاقه بحبل منيع الى اصل شجرة بطم عتيقه... وتركوه ربيطا تنبحه الكلاب، وفي الصباح دهش طعيج لما رأى عددا هائلا من الأغنام والانعام مختلفة الوسوم والتمغير فأدرك أن الأغنام ليس من مصدر واحد ... ادرك ان ما جمعته الحاجة التقية النقية كان نهبا وسرقة من حلال الاخرين وجمعتها في حظيرة واحدة زاعمه انها حلال زلال ....

بقي طعيج اسيرا اربعين يوما فكان فطوره اليومي وجبة من لسعات الخيزران والعشاء كذلك!

ذات يوم خرج الأبناء وبقيت العجوز ام روبين وحيدة في الدار ... عندما ادرك طعيج انها وحدها اخذ يصرخ متألما فهرعت اليه ام روبين فقال لها ان لديه مغص شديد ولا بد ان يذهب الى الخلاء كي يتخلص مما في جوفه .اخذ العجوز شيء من الشفقة على اللص فحلت وثاقه ... لكن الطبع غلب التطبع .. عاجل طعيج العجوز لكمة كسرت فكها السفلي فطاحت ارضا وولى طعيج هاربا.

حضر مختار القرية وعدد من كبار السن, وعندما جلسوا عندها في المضافة اخذوا يتجاذبون اطراف الحديث وذكروا ان موسم الحج قد اقترب , فعلى كل من يريد الحج ان يجهز نفسه للسفر وقالوا ان المرأة يجب ان يرافقها محرم فأسّرت ام روبين ذلك في نفسها .... ولما انفض الرجال من عندها نادت الحاجة المختار .. قالت له انها تريد الحج ذاك العام وهي لا تجد محرما مناسبا لها الا المختار!

فقال المختار انه لا يريد الحاج ذاك العام فهو لا يستطيع اليه سبيلا لظروفه المادية! لكنه يقترح ان تتزوج الراعي " سويد" وبعد الحاج يذهب كل واحد في سبيله!
قبل الزواج افهمت بنيها انها لن تبقى مع سويد بعد الحج لكن ابنها الأكبر قال ان اردت محرما انا ارافقك الى الحج لكن العجوز صاحت به : "اسكت يا ولد ... أأنت افهم من المختار؟"
فقال احد أبنائها : " اسكت يا اخي فهي لا تبكي على المحرم بل تبكي عل حسناته!"
احتدت العجوز واقسمت اغلظ الايمان انها لن تذهب الى الحج الا برفقة الراعي سويد.
وفي ليلة غاب فيها القمر : زفت العجوز الى الراعي سويد الذي التقاها في ليلة الزفاف على السرير الذي كانت تنام عليه وزوجها الهالك في البيت الذي تقيم فيه وبنيها..
جلس سويلم على طرف السرير وقد لفه الخجل فهو يصغرها بحوالي عشرين عاما فهي بمثابة امه تذكر المرات الكثيرة التي كانت تعطف عليه وتمده بأرغفة الطابون الساخنة فجلس على طرف السرير ....لكن العجوز بادرته : كيف حالك يا سويد: مين العروسة فينا؟ اقترب مني يا رفيق حجي!
وهنا انقض عليها
كالو حش الكاسر : لقد صفعها صفعة أطاحت بها الأرض ثم انهال عليها بشوبك العجين حتى غابت عن الوعي !
رقدت جثة هامدة على الأرض حتى الصباح بينما تمدد سويلم منتعلا بسطارا عسكريا اسود فوق السرير وعند اذان الفجر : دفرها بقدمه اليمنى قائلا: "هيش أجايل.... حر مال القوم!... نهضت العجوز مذعورة ... لكن سويلم بصق في وجهها ... قائلا: انا لن اتزوج وقحة انت لا تردين الحج انت تريدين... الذي مضى .... لكن ذاك بعيد عنك ... انت مجرد جيفة ايتها الشمطاء يا ام الدَبَرْ.... أنت طالق ... وخرج!
وعند الضحى خرجت العجوز وقد غطى اللون الأزرق جفنيها وخديها ....
انفجر بنوها ضاحكين وقال كبيرهم:" يا فرحة ما تمت... تجوزت تا حج ... ساق الله أيام ..."
صرخت به :" اخرس! قم اذهب واحضر لي المختار فورا!" خرج الابن مسرعا ....
حضر المختار مسرعا ... فلما شاهد الكدمات على وجها صرخ قائلا : " ما الذي جرى؟" فأخبرته الحكاية .... فقال المختار : من الصعب ان تذهبي الى الحج هذا العام فانت في حالة صحية مزرية انتظري للعام القادم فقافلة الحج ستنطلق غدا وانت مريضة بسبب الزواج ! لا تسطعين اللحاق بالركب . فسلمت امرها لله ، وقالت انها لن تجد خيرا من المختار محرما لها في ا العام القادم !فقال لها المحتار انتظري للعام القادم!
وتمضي الأيام وياتي موسم الحج القادم .... لقد عقد قران المختار والحاجة ام " روبين" .
وكان اللقاء الأول حميما بينهما .... ولما طابت لها عشرة المختار ... قالت في نفسها ان أدينا الحج هذا العام سوف افقد المختار بعد الحج فافتعلت شجارا مع المختار أدى الى تدخل ابناءها الذين هاجموا المختار : وفنّعوه بقناواي السويد حتى نسي اللبن الذي ارضعته إياه امه! فتذكر المختار وصية ذاك المعتوه لأخيه الذي أراد الزواج قائلا : " لا تتزوج ذات الحرس ولا ذات الجرس ولا عشبة الدار!" أي لا تزوج ارملة ذات البنين ولا ذات الخلخال التى تضرب بقدمها الارض حتى يسمع الناس رنة خلخالها فينتبهون لها وعشبة الدار هي خضراء الدمن المرأة الحسناء في المنبت السوء
فقرر الا يلتحق بقافلة الحج ذاك العام بذريعة انه لا يستطيع الحج من ناحية صحية. نتيجة تكسير أبناء العجوز اضلاعه ...
سرت العجوز سرورا داخليا اذ شعرت انها فوق القمر من الفرح ... ستمضي سنة كاملة مع المختار في وئام وغرام فذهبت اليه وطيبت خاطره
لكن النار اشتعلت في صدر زوجته الأولى التي بمكرها ودهاءها قد وضعت له في طعامه باستمرار مادة الكافور التي تهد حيل الشباب فكيف بكبار السن!
بعدما استعاد المختار عافيته وساد الوئام قال له امام المسجد يجب ان يعدل في المبيت عند زوجتيه فحاول المختار تطبيق ذلك !
وفي ليلة الصلح الاولى حضر المختار بعد صلاة العشاء فوجد ان ام روبين قد هيأت له المخدع تهيئة رومانسية فنشرت الورود والرياحين في زوايا الغرفة وانارتها بأنوار خافتة مع موسيقى خلفية هادئة... دخل المخدع دخول هيمان لكنه وجل جلس على طرف السرير محملقا بالأرض لكن العجوز نضت الثوب عنها امام مراه دولاب الملابس فبدى جسدها كخارطة جوية لتصاريس مليئة بالاخاديد فبدت تجاعيد جسدها اودية متعرجة فقال في نفسه العجيز تظنني هيمانا بها فهي لا تدري اني محبط مهدود حيلي!
تقدمت اليه مرحبة بغنج ودلال فقال لها أرجوك فروحي توّاقة لكن جسمي ضعيف
وتكررت الحكاية كل مرة ولم تنل ام روبين غير الخيبة حتى انها حفظت عبارة " الروح تواقة لكن الجسم ضعيف!"
فلا حجا أدت ولا بعلا كسبت!


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد