رحيل المؤرخ سلمى الجيوسى .. نجاة بطعم العودة من النبع الحالم

mainThumb

20-04-2023 05:18 PM

"أنا الموت الذي يغشى

ذرى الأعماق، لا تقرب

أنا الموت الذي تخشى،

أنا الحزن القديم، أنا ارتعاش الخوف والعار،

أما جاءتك أخباري؟.."

.. وهكذا؛ نجت المبدعة الفلسطينية، وغادرت بعد أن شقت لروحها، ذلك الممر نحو النور.
رحلت سلمى الخضراء الجيوسي، وكنا ما زلنا محيطا في تلال الكتب والترجمات والطلعات التي حملت اسمها، وأذابت في عراك والترجمات، والأكاديميين، حاستها ونبضها الشعري.
.. الغياب الشرس يطري أحبة الأرض والوطن، وهي ابنة الشرق وروحها في الأثر الفلسطيني من تراث البشرية، النضال، وهي من نالت، آخر جوائزها عن [جائزة محمود درويش لعام 2023]، التي، أعلنت بالتزامن مع ذكرى ميلاد الشاعر الفلسطيني الراحل.."سلمى "حصدت جائزة فئة المبدع الفلسطيني، بصفتها الأكاديمية والشاعرة.

*نجاة بطعم "العودة من النبع الحالم"

.. غابت، تركت دواوينها الشعرية، الوحيدة، بين منجز كبير، الراحلة حققت قبل 65 عاما أول دواوينها: العودة من النبع الحالم 1960، وبموتها وهي في مشارف قرن من الإبداع والإنجاز، طوت روحها كل عشاقها، لتلحق أثر النبع الحالم، وكانت تراه في الساحل الفلسطيني، حيث بيارات البرتقال والليمون، واشراقة الزيتون.
*حيرة المؤرخ وصحوة الموت
في رحيل سلمى، حكاية كل من أرخ لها، هناك من قال إنها: (.. سلمى صبحي الخضراء الجيوسي، أديبة وشاعرة وناقدة ومترجمة أكاديمية فلسطينية. ولدت في الضفة الشرقية من الأردن (في مدينة السلط) من أب فلسطيني وأم لبنانية عام 1928 وأمضت طفولتها وشبابها المبكّر في عكا والقدس).

.. وهناك-أيضا-من قال: (ولدت عام 1928م من أب فلسطيني وأم لبنانية في صفد الفلسطينية. ترعرعت في مدينة عكا وفي حي البقعة في القدس الغربية).

.. نهاية حياة قلقة، إذ تعد سلمي، من أكبر وأكثر جيلها عشقا للسفر، رغم متاعبها الصحية، ومع ذلك زارت معظم دول الكرة الأرضية، وقلبها معلق في القدس نابلس ويافا وتقول مصادر ويكيبيديا، بما تعود إليه من مراجع: نشأت الراحلة سلمى الخضراء الجيوسي، في فلسطين، بعد نكبة 48 عاشت في الأردن. درست الثانوية في كلية شميت الألمانية بالقدس، ثم درست الأدبين العربي والإنجليزي في الجامعة الأمريكية في بيروت، ثم عادت إلى القدس وعلمت في «كلية دار المعلمات».
.. وهي من قلائل المبدع آت العربيات اللواتي حصلن على درجة الدكتوراه في الأدب العربي من جامعة لندن وقامت بالتدريس بعد تخرجها فى لندن عام 1970 متخصصة بالأدب العربي في العديد من الجامعات العربية والأجنبية «الخرطوم، الجزائر، قسنطينة، يوتا في الولايات المتحدة الأمريكية، ثم في جامعة مشيغان، واشنطن، تكساس، سافرت مع زوجها الدبلوماسي الأردني إلى عدد من البلدان العربية الأوروبية».
كما أنها، أسست مشروعا كبيرا يقدم الثقافة العربية إلى الغرب فأنشأت عام 1980 مشروع بروتا للترجمة، ونقل الثقافة العربية إلى العالم الأنجلوسكسوني، وقد أنتجت «بروتا» الموسوعات، وكتبا في الحضارة العربية الإسلامية، وروايات ومسرحيات وسيراً شعبية وغيرها. وانخرطت في السجال الذي دار حول التجديد في الشعر العربي ضمن أسماء كبيرة منها أدونيس ومحمد الماغوط وبدر شاكر السياب ونازك الملائكة وصلاح عبد الصبور وجبرا إبراهيم جبرا. نشرت شعرها في العديد من المجلات العربية.

.. في مرجعيات ويكي، إنها من مواليد سنة 1926 (العمر 96–97 سنة)، في صفد الفلسطينية المحتلة.
.. وكانت، إلى وفاتها، تعد
مؤرخة، وشاعرة وكاتِبة ومترجمة.
.. ومن نتاج إبداعها وتكريمها خلال سنوات إنجازها التي تجاوزت 80 عاما، نالت، جائزة الشيخ زايد للكتاب (2020)
ووسام الثقافة والعلوم والفنون الفلسطيني (2019)
وجائزة خادم الحرمين الشريفين عبد الله بن عبد العزيز العالمية للترجمة (2008)
وجائزة سلطان بن علي العويس (2006)
ووسام القدس للثقافة والفنون والآداب (1990)
.. ومع ذلك كان يساورها قلق التحولات الرقمية والنشر الإلكتروني، وهذا الخراب الرقمي، الذي يضيع رائحة الكتب وتعب الكتابة بالأخبار.
*عن الأحكام المطلقة في الفن

.. غالبا، كانت سلمي تلجأ إلى ذاكرتها، الشابة المبدعة المحررة، تعشق الفنون، وهي لها ع المها، بالذات بخصوص الكتابة الشعرية تبنت سلمى موقفا متعددا ومتسامحا بحيث ردت على بعض الموقف التي تفرض شكلا جماليا في الشعر: «إصدار الأحكام المطلقة في الفنّ مسألة بالغة الخطورة، ولكننا نعرف أنّ أي ثورة كفيلة بدفع أبطالها إلى الحدود القصوى. أوزان الشعر ليست مسألة سهلة وفي متناول الجميع، والعديد من أصحاب الهوى الشعري لا يفلحون في امتلاكها والتمكن منها. ولكن، في المقابل، لا ينبغي لأيّ شيء أن يمنعهم من التعبير عن أنفسهم في الوسيط الوحيد المتبقي لديهم: النثر. ومن المُفقر لأيّ فنّ أن يحصر فضاء تعبيره».
*في المنجز، وبعض التعب
تلقت سلمي نتاج كل جهادها لتكون رؤيتها الإبداعية والثقافية متوافقة مع لغتها وحقها في تقديم الذات والإبداع العربي، وسعت كثيرا، من أجل مشروعها، وقد كانت صلبة، متفردة، فأنجزت :

1: الموسوعات

الشعر العربي الحديث، منشورات دار جامعة كولومبيا، نيويورك 1987؛
أدب الجزيرة العربية، نشر كيغان بول عام 1988 ثم جامعة تكساس 1990و 1994؛ التي ترجمت فيها لأكثر من ستين شاعراً من الجزيرة وأربعين قاصاً
الأدب الفلسطيني الحديث، منشورات جامعة كولومبيا، نيويورك 1992، 1993,1994؛
المسرح العربي الحديث، (بالاشتراك مع روجر آلن)، دار جامعة إنديانا 1995.
الحضارة العربية الإسلامية في الأندلس، الذي صدر في سنة 1992
القصة العربية الحديثة، 104 قصاص.
دراسة مطولة عن الشعر الأموي في المجلد الأول من (موسوعة كمبريدج للأدب العربي)
كتاب «تراث إسبانيا المسلمة»
2: الترجمة إلى الإنجليزية

الديمقراطية وحقوق الإنسان في الوطن العربي للكاتب محمد عابد الجابري
«الصبار» لسحر خليفة
«الحرب في بر مصر» ليوسف القعيد
«براري الحمى» لإبراهيم نصر الله
«بقايا صور» لحنا مينا
«الرهينة» للكاتب زيد مطيع دماج
«امرأة الفصول الخمسة» للكاتبة ليلى الأطرش
«نزيف الحجر» للكاتب إبراهيم الكوني
«شرفة علي الفكهاني» لليانة بدر
وفي مجال الشعر ترجمت إلى الإنكليزية عدداً من دواوين الشعر إلى كل من «أبي القاسم الشابي، فدوى طوقان، محمد الماغوط، نزار قباني، وغيرهم
كما ترجمت العديد من السير الروائية والذاتية لأعلام الأدب العربي
نشرت دار بريل (ليدن) كتابها «الاتجاهات والحركات في الشعر العربي الحديث» في جزأين عام 1977، ولقد تُرجم الكتاب حديثاً إلى العربية.

3: الترجمة إلى العربية

ترجمت في مطلع الستينات عدداً من الكتب عن الإنجليزية منها كتاب لويز بوغان «إنجازات الشعر الأمريكي في نصف قرن» (1960) وكتاب رالف بارتون باري «إنسانية الإنسان» (1961)، وكتاب آرشيبالد ماكليش «الشعر والتجربة» (1962)، والجزأين الأولين من رباعيّة الإسكندرية للورنس داريل «جوستين» و«بالتازار».

4: الشعر

دواوينها الشعرية: العودة من النبع الحالم 1960. وكتبت عن ديوانها الشعري مراجعات كثيرة. عنوانها: 47,Homer Avenue, NO 51, Cambridge, .M A 02138 - U.S.A

.. والغريب، مع كل هذا التعب، كانت تعود إلى شيطان شعرها، وتهيم في فضاءات مبكرة، تحلم بالظلم والأثر والحرية.. والعودة إلى مقدس الوطن والتراب المضمخم بدماء الشهداء والعلماء والمشردين في المخيمات والشتات.

* ثلاثة نصوص شعرية مبكرة.
سلمى الخضراء الجيوسي: ثلاثة نصوص شعرية مبكرة، نشرت مجلة الناقد. بغداد العراق

*مــــا وراء الـحــــدود؟
أعبرنا الحدود؟

قد عبرنا. أيعلم عشاقنا

كم صلاة تلونا؟، وكيف استطالت إلى الضوء أشواقُنا؟

كم هدمنا على دربنا من سدود؟

نحن جُزنا الحدود إلى عالم

لا ينام به العاشقون

وعبرنا السياجات من نبعنا الحالم

حيث كان هوانا الرضا والسكون

ودخلنا إلى منبع النار.

ماتت براءة أحلامنا.

واستبدَّ بنا الساهرون.

يا اتقاد الهجير

نحن في رحلة الشوق جُزنا إليك المحال

عابرين على عالم غسقيٍّ غريرْ

فيه حتى الطحالب ترمي الظلال الطوالْ

آه ماذا وجدنا وراء الحدودْ؟

أرهقتنا الأصابع

عرّى شجانا اللهيبْ

واستبد بأسرارنا

هاتكا سترنا،

جاريا للرياح بأخبارنا

(يا عبودية الضوء. لن أتعرى

أحب الـظلام الكئيب ْ

وأحب الزوايا القريرات.

أوثر أمسية معْ حبيبْ

وأحب التغرُّب بين الجموع،

بقلب العباب الرحيب)

آه لا رجعة، أنتِ ملك الهجير

هوة حيث كنت , وتمثال ملح، وصلب،

والتعري شجاعة قلب يحب

آه سيري ، طريق الوديعين صعب،

اصعدي درجات السعير

إن وصلت

سينبُع عند خطاك الغدير.

هــل جاءتك أخباري؟
تغوص سفينتي في البحر، تغرقُ لا أنجّيها

صقيع الليل، ياويلي، يكدِّس ثلجه فيها

فلا تقرب

أنا الموت الذي يغشى

ذرى الأعماق، لا تقرب

أنا الموت الذي تخشى،

أنا الحزن القديم، أنا ارتعاش الخوف والعار،

أما جاءتك أخباري؟

صقيع الليل مد جذوره عندي؟

وعشّش في شِغاف القلب

من ينجيك من بردي؟

أحبك؟ أمس أحببنا،

تقاسمنا جنون الدفء، غامرنا وأخصبنا،

ولما هاجت الأنواء، كنت أمامها وحدي.

تغور سفينتي في البحر، تغرق، لا أنجّيها

صقيع البحر والذروات يحضنها ويطويها،

وكم قاومت من شغف لأدفن جذوتي فيها

تحاول جذوةً قُتِلتْ؟

أما جاءتك أخباري؟

أنا موت على الذروات، في الأعماق، أغسل صفعة العار

أنا الموت الذى أهوى

وفي الميدان أشباح

وفي الشارع أشباح، وفي المقهى

أنا وحدي التي أحيا

طوتني دون هذا العالم المحموم أرياح،

ومزقني نقاء الثلج، هل جاءتك أخباري؟

أنا وحدي التي أحيا

فإني مت بالأمس

ضباب الليل لف بصمته رأسي

غَشَتْني لُجّة النسيان تشفي الطعنة الخرساء في نفسي

أفيض نقاوةً في الموت

هل جاءتك أخبارى؟

أنا أم، أنا أنثى بلا حب

وأمس قضيت من عاري

بلا قلب، بلا وطن، بلا دار

بعيدا دون أستاري

تطاول غربة الأعماق؟

حاذر كشف أسراري

ستبصر رعبك المكتوم… في قلبي

*من قصيدة: حبيبة قلبي 3
حبيبة قلبي

رأيتك، قلت: هنا الوجد

قلت: لها رونق البدرْ

وعينان حالمتان

وعنقٌ كعنق الغزال

وخصر مريض (تمنيت أطويه بالحب)

ونهدان رمَّانتانِ

وشعر تموج كالبحر، أرخت عليّ الهوى غدائره السابحاتْ

حبيبة قلبيَ ما أطيب الحب!

أصبحت ملكي

فشهد ودفء وريّ حلال

وما أطيب الحب!

وما كنت أعلم ….

الحب يغري ويعمي.
.. وداعا سلمى، فقد نعام لي، أولا صوت الإبداع، وكان صديقي الكاتب الناشر جعفر العقيلي، أول من جرح لحظة النجاة التي اختارتها سلمى،.. ها هي تحيط بظلها، تل إبداعاتها-كفنها



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد