سورية التي في خاطري لا تموت

mainThumb

09-06-2023 08:29 PM

هناك معادلة جيوسياسة تقول "بلاد الشام لا تتسع لسورية وإسرائيل، فإما أن تموت سورية لتحيا إسرائيل، أو تحيا سورية، وتموت إسرائيل" وكل ما يجري في سورية والمنطقة من ويلات الحروب مجرد تفاصيل لهذه المعادلة حتى إنهيار وزوال الكيان الصهيوني من الوجود.

كل ما يدور من حروب ومعارك والذي بلغ ذروته في العدوان الحالي الشرس على سورية والمستمر منذ أكثر من 12 عاماً يأتي من موقع سورية الجيوسياسي المؤثر، في الصراع الدائر لتحديد موازين القوى، بين المنظومة الغربية الرأسمالية ترأسها أمريكا المتراجعة، والمنظومة المشرقية الصاعدة، ترأسها الصين و روسيا، كما أن كل الدول الساعية إلى دور إقليمي، لا يمكن أن تستكمل هذا الدور بدون سورية، وبالتالي الكل يريدها سلما أو حرباً، وهذا ما يجعلها دائما في عين الأحداث.

تُعرف سورية، حكومة وشعباً، بعدائها التاريخي للكيان الصهيوني، ورفض الوجود الإسرائيلي في فلسطين، ورفض كل مشاريع التطبيع التي أقدمت عليها بعض الأطراف العربية والإسلامية وتجسَّد ذلك من خلال وقوفها الرسمي إلى جانب الشعب الفلسطيني وقضيته، واستقبالها خلال السنوات الماضية آلافاً من الفلسطينيين على أراضيها، ولم تنفع مع إرادة السوريين كل الطرق والأساليب في خنق قوة سورية وإنهاء روح المقاومة.

ولعل المتابع لا يحتاج إلى كثير من الجهد والوقت للعثور على حقائق وأمثلة للمواقف والتوجهات السورية الرافضة لـ "إسرائيل" الإرهابية كوجود هجين واحتلال ظالم لأرض عربية فيها رموز إسلامية مقدسة.

لطالما كانت دمشق سبّاقةً في رفض أي استعمار واحتلال لدول المنطقة، وكانت ولا زالت في مقدمة أي جبهة لمواجهة المخططات الصهيونية، فهي حاضنة لحركات المقاومة والتحرر، وجبهة جديدة في وجه كيان الاحتلال وضرورة العمل المقاوم لطرد المحتل.

منذ البداية، كان المخطط الإسرائيلي _الأميركي عزل سورية عن محيطها العربي نظراً لمواقفها الداعمة للمقاومة، فسورية لا تزال أول الدول الرافضة للتطبيع ولصفقة القرن، فكان لا بدّ من إخراجها عن فاعليتها في القرار العربي، ووفقاً له فإن كل ما تصرّح به الدبلوماسية السورية هو عن عمل عربي مشترك وفاعل لطرد الصهاينة من أرضنا.

بشكل عام، يتعامل الكيان الصهيوني مع كل التطورات الإقليمية والدولية باهتمام بالغ في المرحلة الحالية، وعلى وجه الخصوص، عودة العلاقات بين سورية والدول العربية وعودتها إلى جامعة الدول العربية، كونها ستقلل بشكل كبير من تأثير الحصار والعقوبات الغربية الأمريكية على دمشق، كما تعتبر إسرائيل إن الاتفاق بين إيران والسعودية، وعودة سورية إلى الجامعة العربية هي نتيجة هذه التطورات التي لا تصبّ في مصلحة "إسرائيل" إطلاقاً.

القراءة الإسرائيلية المتعمقة تقول بوضوح إنه لا يوجد أي سبب يجعل الكيان الإسرائيلي سعيداً هذه الأيام لما يجري في سورية ، والصفعة الكبرى كانت إثر حضور الرئيس الأسد القمة العربية في جدة، وكان لهذا النبأ انعكاس كبير في وسائل الإعلام والدوائر الصهيونية، لأن عودة دمشق إلى العالم العربي تقوي وتوحد الجبهات ضد الكيان الصهيوني في منطقة الشرق الأوسط.

في هذا الصدد، أثار قرار عودة سورية إلى جامعة الدول العربية مخاوف إسرائيلية وذلك لما يمثّله هذا القرار من خطورة على المخططات الإسرائيلية في المنطقة، خاصة بعد سقوط الرهان الإسرائيلي على الدول التي أعادت علاقتها بسورية في الآونة الأخيرة.

المشهد يبدو أوضح عند النظر إلى التصريحات الإسرائيلية والتعليقات الأخيرة، صحيفة "هآرتس" قالت إن "عودة دمشق للحضن العربي لا تخدم مصالح "إسرائيل"، بل ستوحّد الجبهات ضدها، ولا سيما إن زيارة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الى دمشق هو من أجل تعزيز حلف طهران- دمشق- حزب الله.

إن الحرب القادمة بين إسرائيل والجيش السوري ستكون مختلفة تماماً، وستؤلم إسرائيل أكثر مما حصل في حرب تشرين التحريرية، وستغير هذه الحرب الكثير من النظريات والعقائد العسكرية في العالم، فالجيش السوري لن يفاجئ إسرائيل في حجم ترسانة صواريخه وتنوعها فحسب، بل سيفاجئها أيضاً بأسلوبه وجهوزيته القتالية على مستوى العدة والعديد، لذلك فإن إسرائيل يجب أن تخرج مهزومة من حربها على سورية ومن أجل ذلك لا بد من التوحد خلف استراتيجية واضحة وثابتة ودائمة لفضح الاحتلال وعزله ومواجهته بكل أشكال المقاومة إلى أن يزول عن كامل الأرض العربية.


هذا يؤكد أن قوانين الجغرافيا، وحقائق التاريخ، تجعل من المعادلة التالية، إما تموت سورية، وتحيا إسرائيل، أو تموت إسرائيل، وتحيا سورية، قائمة دائماً وباستمرار.

وبنظرة إلى الوضع حالياً نستطيع التأكيد أن العدوان الشرس الذي شن على سورية فشل في مهمته الرئيسية بإسقاط الدولة السورية، إسقاطا كاملا لتحيا إسرائيل، وبالتالي فالمعادلة أصبحت تقول "إن سورية ستحيى وستموت إسرائيل الإرهابية" .

وأختم بالقول، إن إسرائيل العدوانية ستزول لأنها اغتصبت حقوق وأرض الشعب العربي ... وستعود الأرض إلى أهلها عاجلا أم آجلا، لذلك ففناء الكيان العبري باتت وشيكة وأقرب ما يكون، فسورية اليوم بمعادلة المقاومة قوية وعزيزة وتحمل جراحها لتصنع الانتصار التاريخي، فدمشق اليوم تخوض معركة الأمة العربية، ويتحتم على الجميع الوقوف الى جانبها لتلقين العدو الصهيوني الدروس في الصمود و الثبات. وإنطلاقاً من ذلك نقول: أن المنطقة مقبلة على بركان ثائر، الأمر الذي يضع الجيش السوري وحلفائه أمام واحد من الخيارين إما النصر وإما الاستمرار في الحرب والصراع.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد