مختصر مفيد

mainThumb

25-10-2023 06:07 PM

استيقظ العالم يوم السابع من أكتوبر الجاري على اخبار دخول مقاومين فلسطينيين الى أراضيهم المحتلة ومهاجمتهم ثكنات عسكرية وبؤر استيطانية وأسر عدد كبير من المستوطنين، والحقيقة ان المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر قد افقدت الاحتلال توازنه وهيبته ووضعته في الزاوية أمام "شعبه " وامام المجتمع الدولي الذي كان حتى مساء السادس من أكتوبر يرى في جيش الاحتلال أحد أقوى وأكفأ جيوش العالم في مجال التكنلوجيا والاستخبارات والجاهزية القتالية
وما أن استفاق جيش وحكومة الاحتلال من صدمتهم كان المقاومون قد عادوا بغنائمهم من الأسرى الى قواعدهم سالمين او هكذا اعتقدت حكومة الاحتلال، لتبدأ بعد ذلك بساعات الصدمة التالية حيث تبين ان جل المقاومين تحصنوا داخل خطوط تمركز الاحتلال وبدأت الاشتباكات معهم موقعة خسائر فادحة في صفوفهم، وعاد الاحتلال للتخبط من جديد وبدأ محاولاته لاستعادة هيبته التي مرغ وجهها بالتراب الفلسطيني المحتل.
وحتى لا تأخذ المقاومة نشوة النصر قرر الاحتلال إنزال العقاب الجماعي على الشعب الفلسطيني في غزة ليحصل على توازن في الخسائر وليظهر "لشعبه " وللعالم بان اعداد قتلاه توازي عدد الشهداء من الفلسطينيين وليعطي نفسه الوقت في تنظيم صفوفه وحشد الدعم الدولي، هذا الحشد الذي كان سببا في انشاء الكيان من الأساس ولولا دعمه الذي لا يزال مستمرا منذ الإعلان الصهيوني في بازل الصهيوني عام (1897 م) الى يومنا هذا لما قامت قائمة له.
ما يزيد عن سبعة وسبعون عاما وجسر الدعم المادي و العسكري و اللوجستي إضافة الى الدعم المعنوي و التحيز المفضوح لم يتوقف يوما واحدا ، وحسب اعتقادنا لم يكن كل ذلك حبا وتعاطفا مع ( القضية اليهودية ) او كما يعتقد الكثيرون هو محاولة للتخلص من (( عقدة الهولوكوست )) بقدر ما هو مصلحة غربية بزع كيان موال يضمن مصالحه في المنطقة و التي تشكل احد اهم الممرات الاستراتيجية في العالم ، إضافة لما تعنية منطقة الشرق الأوسط عموما و الدول العربية خصوصا من مخازن ثروة طبيعية يرى الغرب انه الاحق بها من أصحابها ، باعتبار ان هذه الدول كانت في يوم من الأيام مستعمرات تابعة له وباعتبار انه لولا التكنولوجيا الغربية لما وصلت تلك الدول لما وصلت الية . إضافة الى الصراع بين " الغرب والشرق " على نفوذهم في هذه المنطقة والذي قد يعد أحد أهم الأسباب.
نستطيع رؤية ذلك بوضوح من خلال التأييد الغربي لالة القتل لجيش الاحتلال ولمضاعفة جسر الامدادات المادية و العسكرية التي تتجاوز حاجة الاحتلال بمراحل ، فمحاربة حركة تحرر وطني لا يزيد عدد مقاتليها عن فرقة في جيش الاحتلال ، ولا يزيد عتادهم عن عتاد حراس منشآت في جيش الاحتلال ، إضافة الى انهم محصورين في منطقة جغرافية مغلقة اغلاقا محكما منذ ما يزيد عن سبعة عشر عاما لا يحتاج الى كل هذا الحشد الذي بلغ حسب مختصين لما يزيد عن ثلاثون الف مقاتل مدججين بكل أنواع الأسلحة و بكل التقنيات الحديثة ، ومدعومين لوجستيا وعسكريا بخبراء ومعدات وبوارج وحاملات طائرات أمريكية . وقد اضاء لهم الغرب الضوء الأخضر تحت ذريعة ((محاربة الإرهاب)) للقيام بكل ما ترغبه شهيتهم الحيوانية من قتل وتدمير، وهذا بالمناسبة لا يقلل من شأن المقاومة بل على العكس هذا يضيف لانتصاراتها انتصارا ولقوتها قوة، فالمقاومة مقاومة وليست دولة ولا جيشا نظاميا وان ما حققته حتى الان يسطر بماء الذهب في صفحات حركات المقاومة الحرة. إذا ما الذي يعنيه ذلك ان لم يكن كما يدعون لمواجه (إرهاب حماس)؟
اعتقد كما يعتقد كثيرون بان الغرب أراد ركوب الموجة واستغلال الظرف القائم بإعادة ترتيب أوراقه في المنطقة وبإعادة فرض هيبته التي نزعت منه في أفغانستان والعراق وافريقيا. ومواجهة النفوذ الشرقي ممثلا في روسيا والصين الذي بدأ يأخذ مكانة في الشرق الأوسط وأصبح يهدد الوجود الغربي ومصالحة في المنطقة.
واعتقد أن الدول العربية تعي ذلك جيدا وتحاول تقليص الاضرار (بما اوتيت من حكمة) عبر المسارات الدبلوماسية بوقف العدوان على غزة معتقدة بان وقف العدوان سيوقف الخطة الغربية التي تهدف في نهايتها الى إعادة تغيير خريطة الشرق الأوسط ووضع حد للتمدد الشرقي في المنطقة، الذي سيكون مسرح عملياتها متمركزا في المنطقة العربية.
وهي أي الدول العربية و بلدان الشرق الأوسط تعلم يقينا بانها فقدت التأثير الدبلوماسي كما فقدت منذ عقود قوة الردع العسكرية، وانها لا يحسب لها حسابا في الأوساط الدولية ولذلك نجد مواقفها من العدوان على الهمجي يأتي على استحياء وبعبارات فضفاضة تساوي بين الضحية و الجلاد وتفتقد الى التهديد وان كان مبطنا او التلويح بأوراق ضغط ، فأوراق اللعبة كاملة قد تركوها في يد الغرب ولم يعد معهم ما يلوحون به ، و اليوم نحن نعيش في النتيجة ولا نستطيع معالجة الأسباب ولا أرى مخرجا للدول العربية في المدى القريب ولكن من الممكن ان يسعفهم شيء واحد مستغلين همجية الاحتلال و امعانه في القتل ، وهو فسح المجال لشعوبهم لتكون هي ورقة الضغط الأخيرة حيث أن اقصى ما يخشاه الاستعمار هو هبة الشعوب و انتفاضتها ، صحيح ان تلك الورقة قد يكون لها تداعياتها ولكن ليس من خيار اخر أمامهم على الأقل لمحاولة كسب الوقت والعمل على إيجاد خطط من شأنها تقليل الاضرار القادمة المهددة لوجود البعض او على الأقل لخسارة البعض لأراض ومكتسبات بحسب خارطة "الشرق الأوسط الجديد"
أما عن العدوان المستمر على غزة فلا اعتقد بانه سيتوقف في المدى القريب، و للأسف سيحمل الشعب الفلسطيني في غزة أولا وفي الضفة ثانيا العبء الأكبر من (الصراع بين الشرق والغرب) وسيدفع فاتورة سوء التخطيط العربي منذ ما يقرب من قرن من الزمان الى يومنا هذا أطفال ونساء فلسطين. وعلى ما يسمى (بمحور المقاومة) او كما يسمي نفسه ان يكون مستعدا حيث أن أولى نذر التغيير ستبدأ من أراضيه، وكنت أتمنى لو وفر البراميل المتفجرة والأسلحة الكيماوية والصواريخ البالستية التي أمطر بها الشعب السوري لهذا اليوم في مواجهة هذا الصراع الذي لا مفر منه عاجلا او اجلا. وليس ما يخشاه الغرب من هذا (المحور) شعاراته ضد الاحتلال ولا عقيدته ولا مخططاته التوسعية ولكن ما يخشاه هو قربه سابقا من الاتحاد السوفيتي وامتداد لذلك الى اليوم من تقارب مع روسيا والصين، إذا فحرب الوجود والنفوذ بالنسبة للغرب قد بدأت وحرب البقاء بالنسبة لنا قد بدأت. فماذا نحن فاعلون؟






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد