مراجعة المواقف

mainThumb

06-11-2023 01:44 AM

بات واضحا بأن الجامعة العربية رفعت الراية البيضاء ، وبات واضحا أيضا بأن الدول العربية منقسمة بين محايد ومضطرا للتحرك بالقوة الناعمة و الناعمة جدا فقط ، وفيما يتعلق بما يسمى محور المقاومة فلا هو محور و لا مقاوم ومن الواضح بأن السلطة الفلسطينية منكفئة على نفسها متقوقعة في قمقمها وكأن ما يحصل في الضفة الغربية وغزة لا يعنيها ، ونريد ان نكون واقعيين فالدول العربية قدمت كل ما تعتقد أنه بجعبتها وأن ليس بالإمكان ابدع مما كان ، وأبواق محور المقاومة خفتت وتخفت يوميا وبوتيرة متسارعة ، وفي خضم كل الاجرام و الإرهاب الممنهج الذي تنتهجة دولة الكيان يلفت النظر موقف كل من مصر و السلطة .
فالموقف المصري والذي قد حذا حذو باقي أعضاء الجامعة العربية قد يبدو غير مستغرب ولكن ما يلفت النظر هو موقفها من معبر رفح ، فيبدو ان مصر تنسى بأن السيادة على المعبر هي سيادة مصرية فلسطينية و ان المعبر هو معبر مصري فلسطيني ولا علاقة لاي طرف ثالث قانونا او عرفا بما يتخذه الطرفان من قرارات بفتحه او إغلاقه و ندري حقيقة من هو صاحب السيادة على المعبر الذي يعد الشريان الوحيد المغذي لما يزيد عن مليوني انسان يعيشوا في الحديقة الخلفية لمصر وما هي تداعيات الضغط عليهم بالإرهاب الإسرائيلي من ناحية وبإغلاق بوابة الحياة لهم من ناحية أخرى وما يتهدد الامن القومي المصري جراء ذلك ، إضافة لما يعنيه تحكم الكيان بقرارات فتح واغلاق المعبر من فقدان مصر لسيادتها على اهم جزء من حدودها ، فهي وان كانت تربطها بالكيان اتفاقية سلام فهذا لا ينفي العداء المتجذر بينمها والا لم يكن هنالك من حاجة لإبرام اتفاقية سلام أصلا فالدول المتجاورة و التي لا يشكل احدهما تهديدا للآخر لا تبرم مع بعضها اتفاقيات سلام فعلى سبيل المثال ما هو الداعي لإبرام اتفاقية سلام بين الكويت و السعودية مثلا ؟ او بين المغرب و اسبانيا على سبيل المثال ، ان اتفاقية السلام تعني التزام كل طرف من الأطراف ببنود ما جاء في الاتفاقية لعدم العودة الى حالة الحرب مرة أخرى ولا نستطيع فهمه على انه توثيق لأواصر الحب و الصداقة فاذا اردنا تسمية الأمور بمسمياتها اتفاق السلام لا يعني الا هدنة بين دولتين يعتبر لاغيا في حال نقض احد الطرفين لبنودة احدها او جميعها وكما نعلم فان الكيان لم يلتزم يوما واحدا باتفاقياته مع أحد ، إضافة الى خرقة الواضح لنص الاتفاقية ذاتها مع مصر بشكل متكرر ولن يكون اخر خروقاته فرض سيادته على المعبر بشكل او بآخر ، ثم أن مصر وفلسطين دولتين عضوين في جامعة الدول العربية و التي تربطها اتفاقية دفاع مشترك إضافة لأواصر الدم و الدين و التاريخ و القربى ، فالموقف المصري من هذه الناحية يلزمه مراجعة لرد اعتبار مصر السيادي و القانوني .
أما عن السلطة الوطنية الفلسطينية فقد نسيت أيضا مجموعة من الاعتبارات فأولا وبغض النظر عن الخلاف السياسي بينها وبين حركة المقاومة الإسلامية فقد نسيت بان الشعب الذي يعيش في غزة شعبها وان الأرض الذي تباد ارضها وهي تحديدا تخسر في كل يوم جزءا من أرضها وليس من صالحها خسارة المزيد ، وقد نسيت السلطة أيضا بأن الاف المعتقلين ومئات الشهداء الذين يسقطون يوميا على ارضها بالضفة و الانتهاكات اليومية بحق "سيادتها" لا يدع مجال للشك بأن الاحتلال لا ينظر لها لا كدولة و لا كسلطة و لا كطرف في أي اتفاق واذا افترضنا ان ذلك غير صحيح فيكفي ما يحصل منذ السابع من أكتوبر الى اليوم في مناطق الضفة لتعتبر الاتفاقية لاغية ، و الناحية الأهم و التي لا يجوز بحال من الأحوال ان تنساها السلطة الفلسطينية بأنها هي بالأساس وقبل ان تكون سلطة سياسية هي حركة مقاومة شرعية معترف بها عربيا و دوليا وان وجودها الان كسلطة مبني على أساس هذا الاعتراف وانها تضم العدد الأكبر من حركات المقاومة الفلسطينية تحت جناحها ، وان اتفاقيات السلام بين معظم الدول العربية و الكيان بنيت على اتفاقها معه وبموافقتها ولو ضمنا كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني والا لماذا يعتبر رئيس السلطة الفلسطينية رئيسا في ذات الوقت لمنظمة التحرير الفلسطينية ولماذا تعقد الاجتماعات الخاصة بالمنظمة و تجرى انتخابات للمنظمة ؟
منظمة التحرير ممثلة بالسلطة الوطنية الفلسطينية لديها ستون ألف رجل أمن مسلح والاف من الخبراء العسكريين الذين خاضوا معارك ضد الاحتلال ويمتلكون الخبرة الكافية والعتاد والعدد لفتح جبهة من الضفة وبموجب اعتراف العالم كله بها كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني يحق لها الدفاع عن أرضها وشعبها ولن تتهم " بالإرهاب " على غرار حركة المقاومة الإسلامية، مع عدم قناعة احد بأنها كذلك ولكننا الن بصدد الحديث عن السلطة الفلسطينية ولسنا بصدد تفنيد أكاذيب الاحتلال ، فلا نعرف ما الذي يجعلها متشبثة "بخيار" السلام الى الان و الذي سقط قانونا منذ امد بعيد لا بل من الايام الأولى لتوقيعه
فاذا كانت السلطة تريد الحفاظ على مكانتها كممثل للشعب الفلسطيني وكسلطة قائمة ذات سيادة أيضا ينظر لها كدولة لا بد لها من الغاء اتفاقية السلام وتفعيل دور منظمة التحرير وتحريك ما لديها من إمكانات لفتح جبهة من الضفة وهذا سينعكس عليها بكل المقاييس انعكاسا إيجابيا ، فهي بذلك تعيد القضية الفلسطينية الى الواجهة العالمية "وبطريقة مشروعة " إضافة وتخفف الضغط عن أرضها في جبهة غزة وستفرض واقعا جديدا على الساحة العربية وتضع الكل امام مسؤولياته.
واعتقد ان لم تفعل السلطة ذلك سنشهد تحولا كبيرا على ساحة منظمة التحرير وعلى ساحة حاضنتها الشعبية إضافة الى التحول الذي سينقص من دورها على الساحتين العربية و العالمية .






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد