على أبوابِ التهجير الثالث

mainThumb

14-02-2024 01:55 AM

منذ أنْ وعينا على هذهِ الدنيا، ونحنُ ننهل من مناهجنا المدرسيّة أنّ «إسرائيل» كيانٌ مصطنعٌ لا حدودَ له ولا دستور. كيانٌ توسعيٌ يرفع شعاراتٍ معادية للمنطقة العربية، ولم تشفعْ اتفاقياتُ السلامِ العربيّة – الإسرائيلية في تحويلِ هذا الكيانِ إلى «صديق»، رغم مرور عشراتِ السنين، فهي لم تغيّر من صورته العدوانية، فهو بقيَ حبيسَ «القلعة» كما وصفه جلالةُ الملك في تصريحاتٍ سابقة.

اليومَ، نقف على حافةِ مذبحة كبرى ستكون تاريخية، بل «مقتلةً كبيرة» قد ترتكب بحق الشعب الفلسطيني في مدينة رفح، التي وصلَ إليها حوالي مليون و200 ألف مواطن فلسطيني من مختلف مدن قطاع غزة هربًا من القصف العشوائيِّ الهمجيّ الذي شنه هذا الكيان، والذي خلف مئات المجازر التي أسفرت عن استشهاد 30 ألف مواطن حتى اللحظة، بالإضافة إلى سكانها الأصليين البالغ عددهم حوالي 250 ألفًا.

مصر، تستشعر الخطر وتتابع مجريات الأحداث عن كثب، وأرسلت آليات عسكريةً وجنودًا لمواجهة التطورات المحتملة في حال بدء الاجتياحُ الصهيوني لمدينة رفح، ما قد يسفِرُ عن انتقال المعارك إلى أراضيها، ولا نعرفُ فعلًا ماذا ستفعل لوقف نزوح أعداد كبيرة من الفلسطينيين إلى سيناء، إذا اشتدَّ عليهم القصفُ والزحفُ البري الصهيوني، والمتوقع أن لا يقلَّ هذا النزوحُ عن مليون إنسان في الجولة الأولى؛ هربًا من الموت المحقق الذي يرتكب بحقهم منذ أكثر من أربعة أشهر دون أن يرفَّ للمجتمع الدولي جفن..!.

تربط مصر بالكيان الصهيوني اتفاقية كامب ديفيد للسلام، التي يعتبرها البعض أنها اتفاقية «تاريخية»؛ استطاعَتْ أنْ تحرِّرَ الأرض دون قتال، وذلك باستعادة صحراء سيناء، والتي تبلغ مساحتها حوالي 60088 كيلومتر مربع، والتي تمثِّلُ 6% من مساحة مصر الإجماليّة، فيما تبلغ مساحة فلسطين التاريخية 27 ألف كيلو متر مربع، وعلى ما يبدو، فإنّ الكيان الصهيوني «نادمٌ» على إبرام المعاهدة والتي أجبرته على التخلي عن شبه جزيرة سيناء ذات المساحة الاستراتيجية الكبيرة.

لكن، وفي ظل الدعم الدولي اللامحدود للكيان الصهيوني، فإنّه يعيش فرصته التاريخيّة في تنفيذ مخططاته التوسعية العدوانية على حساب الأرض العربية؛ لتحقيق حلم «إسرائيل الكبرى»، بدءًا من إعادة السيطرة على سيناء، وفرض واقع جديد فيها من خلال تهجير أكثر من مليون فلسطينيّ، وصولاً إلى إفراغ غزة، وهو الهدف الأول والأخير لهذه الحرب العدوانية المبرمجة مسبقًا، والتي كانت عملية السّابع من أكتوبر «المبرِّرَ الثمين» للقيام بها..!.

«إسرائيلُ» اليومَ، لن تتخلى عن تحقيق أهدافها واستغلال الظرف الزماني، فنحن على أعتاب موجةِ تهجيرٍ ثالثة للشعب الفلسطيني باتجاه مصر، شئنا أم أبينا، فهناك مئات الآلاف من الفلسطينيين ينتظرون الفرار من جحيم الموت، إلى بر الأمان، فهم بشر تدفعهم غريزة البقاء وحب الحياة، ولا يجب علينا أن نتوقع منهم أن يصمدوا أكثر من ذلك أو يموتوا واقفين. وكثيرٌ منهم دفعَ 6 آلاف دولار مقابل الخروج من غزة والنجاة بنفسه..!

إن الأيام المقبلة صعبة، بل هي «جحيم حقيقي»، وكما وصفها وزير الخارجية أيمن الصفدي عندما تحدث عن المستقبل القريب للمنطقة، حيث اعتبر أنّ عام 2024 سيكون «عام الموت»، وهذه ترجمة حرفية للمقتلة التي تنوي «إسرائيل» اقترافها في رفح، بُغية تحقيق الهدف الأول والأساسيّ لهذه الحرب: التهجير، وهو ما يسميه الثلاثيّ المتطرف: نتنياهو وغالانت وغانتس بــ«تحقيق النّصر».

هذا الكيان التوسعي، لن يتوقف في حربه على غزة وتهجير سكانه، سيتفرغ وفق معطيات المنطق وتصريحات متطرفيه، وتلبية لمطالب سكان المستعمرات الشمالية، لـ«تطهير» جنوب لبنان من قوات حزب الله اللبناني، الذي وقف متابعًا للمجازر في غزة مكتفيًا بتصريحات تنفع لمحاضرات تثقيفية، وإطلاق بعض الصواريخ على برج صهيوني على الحدود دون أن يسقط. الأيام المقبلة حبلى بالمفاجآت المؤلمة التي ستتمخض عن آلامٍ كبيرة، قد تغير شكل المنطقة تمامًا. وعلى الجميع أن يكون مستعدًا.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد